الرئيسية » داخلي
شقة من تصميم مهندس الديكور سيرغي ماكنو

كييف - المغرب اليوم

ثمة أسئلة كثيرة يفرضها اختيار مثل هذا العنوان... أسئلة يبدو أنها تتصل بالفلسفة، أكثر من اتصالها بالزخرفة. على أن المسألة ليست بهذه الحدة من التصنيف، فالفلسفة – بتعريفها الجامع – معنية بالإنسان، بوجوده ومساره، برغباته وميوله، وبالتالي فهي تتداخل مع كل رؤاه وتطلعاته وبالتأكيد احتياجاته... ومن هذا المنظور، استطاع سيرغي ماكنو، ومن خلال فلسفته العملية في هذه الشقة، أن يجيب عن كل الأسئلة حول القيم الجمالية والقيم الوظيفية، وأيضاً حول مفهوم الرفاهية والأناقة والفخامة.

ففي هذه الشقة التي لا تتعدى مساحتها الـ 50 متراً مربعاً، تبدو الإجابات أكثر من مقنعة، بل هي في مستوى معين، تبدو مبتكرة ليس في شروطها فقط، ولكن في ملاءمتها لذائقة متطرفة في تطلبها، تتعدى الفردية لتدخل في نطاق الظاهرة.

ولكي تصل الأمور الى خواتيمها المرغوبة، كان على المهندس أن يلجأ الى استعارات بالغة الغرابة، منها على سبيل المثال أن يستلهم علبة المجوهرات في تحديد أركان هذه الشقة، بحيث يكون كل ركن منفصلاً ومتصلاً بالآخر في الوقت ذاته، مما يشكل وحدة حقيقية لداخل متميز. 
كما أن اختيار المواد والأثاث والأكسسوارات كان على مستوى رفيع من الدراية والمعرفة، ومدعوماً بإحساس بالغ الشفافية في التعامل مع فضاء المكان.

وإذا كان من المعروف أن عمل مهندس الديكور على شقة صغيرة يعتبر تحدياً صعباً للمخيلة، فإنه من ناحية أخرى فرصة لإظهار الكفاءة والقدرة على التعامل مع المساحات المحدودة ورفدها بتصاميم ومعالجات متميزة. لذا فقد كان على المهندس أن يقدم تصورات مبتكرة، تختلف تماماً عن مشاريعه الباهرة.

ومثل هذه الشقة الصغيرة المتواضعة، كغيرها من الشقق المنتشرة والخاصة بالطلاب في أحد أحياء كييف، كان لا بد لها من إطار عمل خاص، يحولها الى مكان آسر وجذاب، بل وغير متوقع. فكان استلهام علبة المجوهرات بثرائها ودقة صنعها، وأيضاً بما تظهره من غموض وكفاءة في صناعة الدهشة، رهاناً ناجحاً، لا بل فذاً. 
فهي تكشف عن وجهها السري، وبمجرد أن نفتح باب الدخول، ينفتح المكان على صالة بديعة تزخر بالألوان والأشكال والأحجام. صالة يحتل جانباً منها ركن الطعام بما فيه المطبخ بأثاثه الأنيق وخزائنه المدمجة، وكمالية أدواته. وفي جانب آخر، صالة حمام وخزانة ملابس، وفي الزاوية القصوى منها غرفة نوم مكتملة الشروط والتفاصيل. وفي الجانب المقابل نافذتان كبيرتان يتوسطهما باب يفضي الى شرفة صغيرة.

بالطبع كل هذه الأركان صغيرة، وأقرب ما تكون الى المنمنمات. وعلى الرغم من حيازتها الشروط اللازمة لأداء وظائفها بكفاءة، لا بد من القول إن المعالجات الذكية أهّلتها لتبدو في غاية الأناقة والجمال. إن اختيار أثاث الجلوس الذي يتوسط الصالة الرئيسة يعكس معرفة عميقة بطبيعة المواد وأشكالها وألوانها: وسائد أرضية قابلة للتشكيل بأقمشة راقية، ولوحة ألوان مثيرة حولت جو الصالة الى ما يشبه المهرجان. 
وقد تم تحويل الجدار المقابل لركن الجلوس هذا الى أثاث خاص للتلفزيون، تعلوه خزائن مدمجة وقد تم تنفيذه ببراعة ملحوظة. في الجهة اليمنى من الصالة، تم تنسيق الأركان الحيوية للشقة، فنجد صالة الحمام وقد تم فيها استخدام نوع من الرخام الداكن للأرضية، وللجدران بلاط «فسيفسائي» من اللون نفسه، مما أعطى نفحة من الفخامة المستغربة في مساحة صغيرة كهذه. 
كذلك فإن خيارات عناصر هذا الركن كانت في منتهى الدقة من حيث الشكل واللون والحجم أيضاً. بعد ذلك نجد الأرفف الخاصة بالمكتبة، ثم مساحة منسقة للملابس تليها غرفة النوم. على أن المثير في هذه العملية الدقيقة، هو استخدام أبواب زجاجية جرارة، تتيح عزل هذه الأركان تماماً عن ركن الجلوس. 
والأكثر دهشة في هذه المعالجات البديعة أيضاً، أننا نجد أنفسنا في غرفة نوم بالغة الاتساع حين نغلق باب المكتبة والحمام، حيث نجد أن ركن الجلوس تحول الى ركن تابع لغرفة النوم ومعه المساحة المخصصة للملابس... وهكذا يمكن ضم الأركان الى بعضها بعضاً بما يناسب المزاج، وبالطبع بما يتلاءم مع الاحتياجات.

وسيكون من المهم الالتفات الى بعض التفاصيل التي أضافت أبعاداً جديدة، ليس الى المساحة فقط، ولكن الى المشهد الزخرفي وتصوراته. إن اختيار ستائر محددة نصف شفافة، حولت فتحات النوافذ الكبيرة الى واجهات عرض مضاءة لأكسسوارات جميلة، بعيدة عن التكلف، أضفى على الصالة جواً من الهدوء والسكينة وروح الـ«زن».

ولأن المساحة الصغيرة حاكمة وشريكة في معظم الخيارات، يمكننا أن نلاحظ نجاح المهندس في تأهيل كل الزوايا والفضاءات المحيطة من أجل تأكيد الوحدة الجمالية والوظيفية لكل المعالجات والتنسيقات... وهكذا نجد أنه لم ينجُ أي سنتيمتر في هذه الشقة من الاهتمام والمعالجة، حتى تبدو هذه الشقة وكأنها ولدت من جديد على هذا النحو. 
فالجدران بكل مساحاتها، حظيت بمعالجات على مستوى اللون أو الملمس، جعلتها أقرب ما تكون الى الأعمال الفنية. بينما أضفى «الباركيه» بلونه الداكن على أرضية الشقة لمسة من الترف الذي تفتقده عادة الشقق الصغيرة. ولعبت عناصر الإضاءة الحديثة دوراً كبيراً في تغذية الشعور بالاتساع، من حيث توزيعها في السقف لكي تضيء كل الزوايا وتغمر كل الموجودات.
ولعل النقطة المفصلية في تنسيقات مثل هذه الشقة، هي في دمج الكماليات بالضروريات، من أجل كسب كل المزايا بأقل مساحة ممكنة. وهذا بالتحديد ما نجح سيرغي ماكنو في تحقيقه ببراعة نادرة. 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

خطوات سهلة التطبيق لتجميل ديكور الحمّام الضيّق في منزلك
لون الديكور المٌناسب مع أريكة بيج مودرن بغرفة المعيشة
4 ألوان لطلاء الجدران بأضواء الربيع 2024 لمنزل عصرى…
ألوان طلاء للمنزل ستجعل أي مساحة صغيرة تبدو أكبر…
موضة التصميم الداخلي للأقمشة لعام 2024

اخر الاخبار

حزب التجمع الوطني للأحرار يهنئ الملك محمد السادس والمغاربة…
مصطفى بايتاس يؤكد أن العمل التطوعي رافعة للتنمية وتجسيد…
رئيس الأركان الأميركي يقوم بجولة استطلاعية بمروحية فوق غزة
احتفالات واسعة بالمغرب عقرار مجلس الأمن قب الداعم للحكم…

فن وموسيقى

آمال ماهر تكشف أسرار غيابها وترد على شائعات زواجها…
أحمد مالك أول مصري يفوز بجائزة أفضل ممثل في…
وثيقة زواج مزعومة لمنة شلبي تثير الجدل ومصدر مقرب…
محمد رمضان يطرح الإعلان الترويجي الأول لفيلم "أسد" من…

أخبار النجوم

شريهان تشارك في حفل افتتاح المتحف بعد غياب سنوات
الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية
مصطفى كامل يتوعد خصومه داخل نقابة الموسيقيين ويحيل الإتهامات…
أحمد حلمي يربط الفن بالتاريخ ويقود الزوار في تجربة…

رياضة

ميسي يتصدر قائمة أعلى اللاعبين أجراً في الدوري الأميركي
مدرب موناكو يؤكد اقتراب عودة بول بوغبا إلى الملاعب…
لامين يامال يشعل التوتر قبل الكلاسيكو بتصريحات مثيرة
رونالدو يحتفل بهدفه رقم 950 ويؤكد استمراره في تحطيم…

صحة وتغذية

دراسة كندية تكشف أن النساء أكثر عرضة لمضاعفات أمراض…
إصابات جديدة بجدري القرود بمزيد من الدول ووفيات في…
الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره
وزير الصحة المغربي يرفض ترويج المغالطات حول الصفقات التفاوضية…

الأخبار الأكثر قراءة