الرئيسية » إختراعات علوم وتكنولوجيا
تطبيق ديب سيك الصيني

بكين - المغرب اليوم

أدى إطلاق شركة صينية صغيرة لتطبيق دردشة جديد باسم "ديب سيك"، مدعوم بتقنية الذكاء الاصطناعي، إلى حدوث اضطراب في سوق الأسهم، فضلا عن حالة جدل غير مسبوقة. فما الذي يميز التطبيق عن غيره؟

أثار إطلاق تطبيق الدردشة الصيني "ديب سيك" موجة من التغيير في قطاع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بعد أن تفوق سريعاً على تطبيق "تشات جي بي تي" التابع لشركة "أوبن إيه آي"، ليصبح التطبيق المجاني الأكثر تحميلاً على أنظمة تشغيل آيفون في الولايات المتحدة، وهو ما تسبب في إلحاق خسارة فادحة لشركة "إن فيديا"، المتخصصة في تصنيع الرقائق، بلغت نحو 600 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال يوم واحد، مسجلاً رقماً قياسياً جديداً في سوق الأسهم الأمريكية.

فلماذا كل هذه الضجة؟ يتمتع النموذج اللغوي الكبير (LLM) الذي يغذي التطبيق بقدرات تحليلية تقارب نماذج أمريكية مثل نموذج "o1" التابع لشركة "أوبن إيه آي"، لكنه، بحسب خبراء، يتطلب تكلفة قليلة لتدريبه وتشغيله.

وتدّعي "ديب سيك" أنها حققت ذلك من خلال اعتماد استراتيجيات تقنية قلّلت من الوقت الحسابي المطلوب لتدريب نموذجها المسمى "آر1"، ومن حجم الذاكرة اللازمة لتخزينه، وتقول الشركة إن تقليل هذه التكاليف الإضافية أدى إلى خفض هائل في التكلفة.

وتفيد تقارير أن تدريب النموذج الأساسي "آر1-الإصدار الثالث" استغرق نحو 2.788 مليون ساعة تشغيل من خلال العديد من وحدات معالجة الرسومات في وقت واحد، بتكلفة تقديرية تقل عن 6 ملايين دولار، مقارنة بأكثر من 100 مليون دولار التي صرّح بها سام ألتمان، رئيس شركة "أوبن إيه آي"، كتكلفة لازمة لتدريب "جي بي تي-الإصدار الرابع".

وعلى الرغم من الخسائر التي لحقت بالقيمة السوقية لشركة "إن فيديا"، فإن نماذج "ديب سيك" جرى تدريبها باستخدام ما يقرب من ألفي وحدة معالجة رسومات من طراز "إن فيديا إتش800"، وفقاً لورقة بحثية أصدرتها الشركة.

وتعدّ هذه الرقائق نسخة معدّلة من شريحة "إتش100" الشائعة، وقد صُممت خصيصاً لتناسب قوانين التصدير إلى الصين، وثمة احتمال أن تكون الشركة قد لجأت إلى تخزين كميات من هذه الشرائح قبل أن تشدّد إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، القيود في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي خطوة أدت بالفعل إلى حظر تصدير رقائق "إتش800" إلى الصين.

ومن المرجح أنه بسبب هذه القيود، اضطرت "ديب سيك" إلى تطوير أساليب مبتكرة لتعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة لديها.

وقد يسهم تقليل التكلفة الحسابية لتدريب وتشغيل نماذج "ديب سيك" في معالجة المخاوف المتعلقة بالآثار البيئية للذكاء الاصطناعي. فمراكز البيانات التي تعمل عليها النماذج تستهلك كميات هائلة من الكهرباء والماء، إلى حد كبير من أجل الحفاظ على الخوادم من السخونة الزائدة.

وعلى الرغم من أن معظم شركات التكنولوجيا لا تُعلن عن بصمتها الكربونية في تشغيل نماذجها، إلا أن تقديراً حديثاً حدد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لتطبيق "تشات جي بي تي" عند أكثر من 260 طناً شهرياً، وهو ما يعادل 260 رحلة من لندن إلى نيويورك. لذلك، سيكون تحسين كفاءة نماذج الذكاء الاصطناعي خطوة إيجابية من الناحية البيئية في قطاع التكنولوجيا.
أيقونات تطبيقات على هاتف ذكي من بينها ديب سيك وتشات جي بي تي

وبالطبع لا يمكن الجزم بما إذا كانت نماذج "ديب سيك" ستسهم في توفير فعلي للطاقة أم لا، كما أنه من غير الواضح إذا كان الذكاء الاصطناعي الأكثر كفاءة والأقل تكلفة سيؤدي إلى زيادة استخدام الناس للنموذج، مما يؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة بشكل عام.

وإذا لم يكن هناك أي شيء آخر، فقد يساعد ذلك في تعزيز أهمية الذكاء الاصطناعي المستدام في قمة باريس المقبلة للعمل على الذكاء الاصطناعي، بحيث تكون الأدوات التي نستخدمها في المستقبل أكثر حفاظاً على البيئة.

بيد أن الأمر الذي أثار دهشة العديد من الأشخاص هو سرعة إنطلاق "ديب سيك" على الساحة بنموذج لغة كبير بهذا التنافس، لذا يعتبر مؤسس الشركة ليانغ وينفنغ، التي أسسها في 2023، في الصين "بطلاً للذكاء الاصطناعي".

ويلفت الإصدار الأخير من "ديب سيك" الأنظار أيضاً بسبب ما يعرف بـ "الأوزان" الخاصة به، وهي المعاملات الرقمية للنموذج التي يجري الحصول عليها من خلال عملية التدريب، وكانت الشركة قد نشرت تلك المعلومات علناً، بالإضافة إلى ورقة تقنية تشرح عملية تطوير النموذج، وهو ما يتيح للمجموعات الأخرى إمكانية تشغيل النموذج على معداتها الخاصة وتكييفه ليلائم مهام أخرى.

وتعني هذه الشفافية النسبية أيضاً أن الباحثين في شتى أرجاء العالم، أصبح بمقدورهم معرفة أسرار النموذج واكتشاف طريقة عمله، على عكس نماذج "o1" و"o3" لشركة "أوبن إيه آي" والتي تعتبر بالفعل بمثابة صناديق مغلقة.

بيد أن هناك بعض التفاصيل المفقودة، مثل مجموعات البيانات والشفرة المستخدمة في تدريب النماذج، وهو ما دفع مجموعة من الباحثين إلى السعي حاليا لتجميع هذه التفاصيل معاً.
 

كما كشفت "ديب سيك" عن محاولاتها غير الناجحة لتحسين النموذج اللغوي الكبير (LLM) عبر أساليب تقنية أخرى، مثل بحث شجرة مونت كارلو، وهي طريقة طالما جرى الترويج لها كاستراتيجية محتملة لتوجيه عملية تحسين النموذج اللغوي، لذا يستطيع الباحثون استخدام هذه المعلومات لمعرفة كيف يمكن تعزيز قدرات النموذج في حل المشكلات بشكل أكبر، وهي تحسينات من المتوقع أن تمثل جزءاً من الجيل التالي من نماذج الذكاء الاصطناعي.

ربما تبرهن "ديب سيك" على أنه ليس من الضروري امتلاك موارد ضخمة لبناء نماذج ذكاء اصطناعي معقدة. ومن المتوقع أننا سنرى نماذج ذكاء اصطناعي قوية يجري تطويرها باستخدام موارد أقل بشكل متزايد، في ظل بحث الشركات عن طرق لزيادة كفاءة تدريب النماذج وتشغيلها.

وتهيمن شركات "التكنولوجيا الكبرى" في الولايات المتحدة، حتى الآن، على قطاع الذكاء الاصطناعي، وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد وصف صعود "ديب سيك" بأنه "دعوة لاستيقاظ" قطاع التكنولوجيا الأمريكي.

بيد أن هذا التطور قد لا يكون خبراً سيئاً لشركات مثل "إن فيديا" على المدى الطويل، ففي ظل تراجع تكاليف تطوير منتجات الذكاء الاصطناعي سواء من حيث المال أو الوقت، سيكون من الأسهل على الشركات والحكومات تبني هذه التكنولوجيا، وهو ما سيؤدي بدوره إلى زيادة الطلب على المنتجات الجديدة والرقائق التي تستخدمها، وهكذا يستمر العمل.

ويبدو أنه من المحتمل أن تلعب الشركات الأصغر مثل "ديب سيك" دوراً متزايداً في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي التي قد تجعل حياتنا أسهل، وسيكون من الخطأ تجاهل ذلك.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

شركة الذكاء الاصطناعي الصينية ديب سيك تتعرض لهجوم بعد تسريب بيانات مهمة عن غير قصد

 

البحرية الأميركية تحظر استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي التابعة لشركة ديب سيك الصينية بسبب مخاوف أمنية وأخلاقية

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

المملكة المغربية تتصدّر التحول الرقمي الإفريقي بإنشاء مركز إقليمي…
ترمب يؤجل موعد بيع «تيك توك» 75 يوماً إضافياً…
أفكار وأوامر بسيطة تتيح للذكاء الاصطناعي إنشاء برامج كومبيوترية
الإمارات تعلن التصدي لهجمات إلكترونية استهدفت 634 جهات جهة…
وزير التكنولوجيا البريطاني يستخدم برنامج «تشات جي بي تي»…

اخر الاخبار

ناصر بوريطة يؤكد أن العلاقات المغربية الغانية تشهد دينامية…
الملك محمد السادس يهنئ عاهل مملكة السويد والملكة سيلفيا…
ملك المغرب يُؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد الحسن الثاني…
الملك محمد السادس يُصدر عفو ملكي على 1526 شخصاً…

فن وموسيقى

رحيل سميحة أيوب "سيدة المسرح العربي" عن 93 عامًا…
الفنانة المغربية أسماء لمنور تتوج بجائزة أفضل مطربة عربية…
إليسا تنفي عودة إصابتها بالسرطان و تواصل مسيرتها رغم…
نادين نسيب نجيم تعود إلى دراما رمضان بعد غياب…

أخبار النجوم

شيرين عبد الوهاب تُحيي حفلاً في مهرجان موازين يوم…
أدلة جديدة تغيّر مسار قضية سعد لمجرد وتدفع المحكمة…
أحمد سعد يثير جدلاً كبيراً بين جمهوره حول اعتزاله…
الفنانة كندة علوش تكشف عن جانب خفي في حياتها…

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لدوري أبطال أوروبا
المغربي أشرف حكيمي ثالث عربي يُحرز هدفاً في نهائي…
محمد صلاح يتوّج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليغ للموسم…
كيليان مبابي يُتوج بجائزة أفضل لاعب في ريال مدريد…

صحة وتغذية

علماء يحذرون من تزايد سرطان الرئة بين غير المدخنين
موديرنا تعلن موافقة FDA على لقاح جديد للوقاية من…
تأثير القهوة على صحتك يعتمد على جيناتك وليس فقط…
وزير الصحة يُعلن مراجعة شاملة لأسعار الأدوية في المغرب

الأخبار الأكثر قراءة

غوغل تحذر من أخطر هجوم تصيد إلكتروني استهدف مستخدمي…
المملكة المغربية تتصدّر التحول الرقمي الإفريقي بإنشاء مركز إقليمي…
ترمب يؤجل موعد بيع «تيك توك» 75 يوماً إضافياً…
أفكار وأوامر بسيطة تتيح للذكاء الاصطناعي إنشاء برامج كومبيوترية