الدوحه - قنا
صدر عن إدارة البحوث والدراسات الثقافية بوزارة الثقافة والفنون والتراث كتاب بعنوان "الخليج العربي: دراسات في الأصول التاريخية والتطور السياسي" لمؤلفه الباحث الدكتور مصطفى عقيل الخطيب الذي يوثق جملة أمور مهمة تشغل الباحث المتخصص وغير المتخصص في البحث التاريخي والسياسي للمنطقة. وينوه المؤلف في الكتاب الواقع في 153 صفحة من القطع المتوسط ومن خلال خمس دراسات بأن الخليج العربي يعد أحد المناطق الاستراتيجية المهمة في العالم ليس بسبب بحيرات النفط وحقول الغاز الكامنين في أعماق مياهه وصحاريه، بل بسبب الموقع الجغرافي الذي يتميز به حيث كان على مر العصور همزة وصل بين الشرق والغرب، كما كان ممرا لانتقال الحضارات بين القارات، فقد تأثرت المنطقة بتلك الحضارات سواء كانت فارسية أم هندية أم صينية أو غيرها. وقال المؤلف إنه رغم تناول الدارسين في علوم التاريخ والجغرافيا والأنثربيولوجي هذه المنطقة في بحوثهم ودراساتهم القيمة إلا أن العديد من الأسئلة والاستفسارات لازالت تطرح بين الحين والأخر، وبحاجة ماسة إلى المزيد من التوضيح والإجابة بسبب الغموض عن التاريخ القديم لمنطقة الخليج العربي . وذكر أن الكثير من الدراسات تثبت أن العرب والكنعانيين والسومريين وغيرهم من شعوب المنطقة جابوا غمار المحيطات والبحار من المحيط الهندي الذي يطلق على أكثر من نصفه بحر العرب ووصلوا إلى المحيط الهادي ونشروا الإسلام في تلك المنطق مثل أرخبيل جزر ملايو والفلبين وأندونيسيا والصين وغيرها. ويؤكد المؤلف في هذا الشأن أن شعوب المنطقة الذين جابوا غمار المحيطات لا بد أنهم رووا تجاربهم للعديد من الكتاب من الجغرافيين والمؤرخين، والدليل على ذلك كثرة المؤلفات العربية التي تناولت جغرافية وتاريخ آسيا بدءا من المقدسي (226 - 280 ) هجري - 947 - 990 ) ميلادي الذي وضع كتابه أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم عام ( 275 - 280 ) هجري وابن خرداذبه وكتابه المسالك والممالك سنة 232 هجري ( 846 - 847) ميلادي وغيرها من الكتب التي تناولت معلومات قيمة عن آسيا في وقت لم تكن تعرف أوروبا شيئا عن الشرق إلا من خلال مؤلفات الجغرافيين والمؤرخين المسلمين الذين دونوا انطباعات كثيرة عن تلك المناطق التي لم يشاهدوها. وأوضح المؤلف أن القرون الوسطى التي كانت مضيئة لسكان الخليج العربي واقتصادياتها لا زالت مجهولة ومظلمة في تاريخها ، وقد بدأت تظهر لنا أثار تلك العصور منذ أواخر العصور الوسطى وأوائل العصر ، فنشرت مجموعة من كتب الرحالة المسملمين من أمثال ابن بطوطة وابن جبير ثم الرحالة الأوروبيين بدءا من رحلة ماركوا بولو ( 1260 - 1295) ميلادي، وكان أول رحالة أوروبي خرج الى الشرق من البندقية ثم توالت الرحلات الأوروبية التي تناولت معلومات دقيقة ومفيدة عن الشرق ومنطقة الخليج العربي وإيران. وتتناول الدراسة الأولى في الكتاب "الجذور السكانية لدول الخليج العربي في مرحلة ما قبل النفط منذ الهجرات المبكرة وحتى تكوين الإمارات".. فيما تتناول الدراسة الثانية "نشأة الأسرة البوسعيدية والتطورات التي شهدتها عمان في عهود حكامها الأوائل"، والثالثة "عرض بانورامي لماضي الخليج والتنافس الدولي حوله وتحديات الحاضر والمستقبل" . كما تتناول الدراسة الرابعة "موقف بريطانيا تجاه قطر منذ وفاة مؤسسها الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني عام 1913 وحتى التصديق على المعاهدة البريطانية على قطر عام 1918"، والخامسة "فترة أواخر الستينيات من القرن العشرين لدراسة مشروع إنشاء اتحاد الإمارات العربية التسع في الخليج لتحليل مصيره وأسباب فشله" . ودعا المؤلف ، في ختام كتابه ، الباحثين الخليجيين والمراكز البحثية بضرورة الغوص في المصادر والمراجع الإسلامية وغيرها من كتب الرحالة الأوروبيين لإعادة كتابة تاريخ الخليج العربي من شتى النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .