غزة - المغرب اليوم
قال مسؤول كبير في حركة حماس إن الوسطاء الدوليين كثفوا اتصالاتهم في الساعات الأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار بين الحركة وإسرائيل يشمل إطلاق سراح رهائن إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة إلا أن الحركة لم تتلقَ حتى الآن أي مقترح رسمي جديد من أي طرف في وقت يزداد فيه التصعيد الميداني وتتصاعد معه أعداد الضحايا من الجانبين.
تأتي هذه التطورات في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن تحقيق ما وصفه بـ"تقدم كبير" في الجهود الرامية لتهدئة الأوضاع في غزة وأشار خلال مؤتمر صحفي في بروكسل إلى أن مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف يعتقد أن التوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل "وشيك للغاية" واعتبر ترمب أن الهجمات الأمريكية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية لعبت دورًا كبيرًا في فتح المجال أمام تهدئة محتملة في قطاع غزة.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه واشنطن عن اقتراب اتفاق أكدت مصادر في حماس لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي أن الحركة لم تتلقَ أي عرض رسمي جديد حتى لحظة التصريح وأضافت أن الاتصالات مع الوسطاء في قطر ومصر لم تنقطع بل تكثفت في الأيام الأخيرة لكن لا توجد حتى الآن صيغة مقبولة تُعرض على الحركة للبدء في مناقشتها رسميًا .
من جهته أكد رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن بلاده تعمل إلى جانب القاهرة وواشنطن على إعادة إطلاق المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين خلال اليومين المقبلين مشيرًا إلى وجود رغبة حقيقية في التهدئة لكنه حذر من استغلال إسرائيل لوقف إطلاق النار مع إيران لتوسيع هجماتها ضد غزة.
ميدانيًا تصاعدت وتيرة العنف بشكل لافت إذ أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس أن الهجمات الإسرائيلية على القطاع الأربعاء أسفرت عن مقتل 45 فلسطينيًا على الأقل بينهم مسعفون ومتطوعون وأطفال فيما أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل سبعة من جنوده في هجوم بعبوة ناسفة تبنته كتائب القسام الجناح العسكري لحماس واستهدف مركبة مدرعة جنوب قطاع غزة
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي العميد إيفي ديفرين إن عبوة ناسفة تم زرعها في آلية عسكرية في خان يونس أدت إلى احتراقها بالكامل أثناء محاولة جنود تنفيذ مهمة عسكرية مشيرًا إلى أن مروحيات الإنقاذ وصلت بعد فوات الأوان ما أسفر عن مقتل جميع الجنود الذين كانوا على متنها
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحادث بأنه "يوم عصيب على شعب إسرائيل" فيما دعا عدد من المسؤولين داخل الحكومة الإسرائيلية إلى مراجعة استراتيجية الحرب مؤكدين أن الخسائر البشرية بين الجنود تضعف من جدوى استمرار العملية العسكرية على هذا النحو
وفي بيان شديد اللهجة حذرت كتائب القسام من استمرار العدوان قائلة إن "جنائز وجثث جنود العدو ستصبح حدثًا دائمًا بإذن الله طالما استمر عدوان الاحتلال وحربه المجرمة ضد شعبنا".
في الجانب الإنساني تتفاقم الأزمة بشكل خطير إذ تُحذر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية من كارثة غذائية وشيكة في قطاع غزة حيث لا تزال إسرائيل تفرض قيودًا صارمة على إدخال المساعدات الإنسانية منذ استئناف العمليات العسكرية في 18 مارس الماضي رغم خفوت الحصار جزئيًا خلال الأسابيع الأخيرة بسبب ضغوط أمريكية ودولية.
وتشير بيانات وزارة الصحة في غزة إلى أن أكثر من 549 فلسطينيًا قُتلوا وجرح ما يزيد عن 4 آلاف آخرين أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات الغذائية التي توزعها منظمة "غزة الإنسانية" التي تعمل تحت إشراف أمريكي وبتمويل من واشنطن وتستخدم شركات أمنية خاصة لحماية مواقع التوزيع
لكن الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية رفضت التعاون مع هذه المنظمة متهمة إياها بتسييس العمل الإنساني والتواطؤ مع أهداف عسكرية إسرائيلية كما عبّرت عن قلقها من وقوع قتلى مدنيين يوميًا قرب مراكز توزيع المساعدات التي تقع داخل مناطق عسكرية مغلقة.
وقالت منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا إن سكان غزة يواجهون خطر الموت عطشًا وسط انهيار شبه تام لشبكات المياه وانعدام الوقود اللازم لتشغيل الآبار ومحطات التحلية مشيرة إلى أن "غزة على حافة جفاف من صنع الإنسان" إذ لم يعد يعمل سوى 40% من مرافق إنتاج مياه الشرب.
وبينما رحب البعض في غزة بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران باعتباره خطوة لتخفيف الضغوط الإقليمية عبّر آخرون عن خشيتهم من أن تستغل إسرائيل هذه التهدئة لتحويل أنظارها مجددًا نحو القطاع وتوسيع حملتها العسكرية
وقال نادر رمضان من سكان خان يونس "شعرنا أن كل شيء ازداد سوءًا القصف لم يتوقف والدمار في كل مكان والمساعدات شبه معدومة" وأضاف عادل أبو رضا "نذهب لجلب الطعام فنُقابل بالرصاص لا نعرف ماذا نفعل"
في الأثناء جدد منتدى عائلات الرهائن الإسرائيليين دعوته للحكومة لإنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق لإعادتهم إلى منازلهم وقال في بيان إن "الحرب في غزة فقدت معناها وتُدار دون هدف واضح والجنود والرهائن يدفعون الثمن"
ويُذكر أن إسرائيل تعتقد بوجود 49 رهينة لا يزالون في غزة بينهم 20 على الأقل يُعتقد أنهم أحياء بينما تُصر حماس على عدم بدء أي مفاوضات دون ضمانات تتعلق بوقف شامل للعدوان ورفع الحصار وإدخال المساعدات
وفي ظل استمرار التصعيد العسكري وتدهور الأوضاع الإنسانية واستمرار ضبابية المشهد السياسي يبقى مصير اتفاق وقف إطلاق النار الجديد معلقًا بانتظار أن تترجم التصريحات والاتصالات إلى مقترحات ملموسة على طاولة التفاوض فحتى الآن ورغم الزخم الدبلوماسي والتصريحات الدولية لم تُقدم أي مبادرة رسمية تملك مقومات النجاح أو القبول لدى الأطراف المعنية.
قد يهمك أيضـــــــــــا
حركة حماس تنعى القيادي أسعد أبو شريعة بعد استشهاده في غارة إسرائيلية استهدفته