غزة - المغرب اليوم
قبل أيام قليلة من الذكرى الثانية لهجمات السابع من أكتوبر 2023، أعلنت حركة "حماس" قبولها خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في قطاع غزة، وهو ما يفتح نافذة جديدة على مشهد إقليمي تغيرت معالمه بشكل جذري. فقد شهدت المنطقة تحولات عميقة في بنية الصراع، بعد أن كانت المواجهة منذ بدايتها مواجهة أوسع بين إسرائيل واستراتيجية إيران التي تعتمد على شبكة من الوكلاء في محيطها.
في لبنان، تُظهر آثار الدمار في الضاحية الجنوبية لبيروت حجم الهزيمة التي مني بها حزب الله، الذي فقد عددًا كبيرًا من قادته العسكريين، ومنهم الأمين العام حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين، ما أضعف قدرات الحزب بشكل غير مسبوق. إسرائيل دمرت خلال فترة قصيرة معظم القدرات العسكرية والأمنية للحزب، إضافة إلى تفكيك مواقعه، وفرضت شروطًا أدت إلى قبول الحزب بسحب عناصره وتسليم جزء من سلاحه، مما يعد نقطة تحول كبيرة في تاريخ الصراع.
أما في سوريا، فقد أدى سقوط نظام بشار الأسد إلى نهاية النفوذ الإيراني والميليشيات الشيعية، مع انسحاب الجيش السوري من مناطق عدة، وتوسع إسرائيل في مناطق حدودية جديدة، ما يعكس تغييرات جذرية في التوازنات الإقليمية. تشهد سوريا حاليًا حالة من التشظي والانقسامات الطائفية والسياسية التي باتت تهدد وحدة البلاد، في ظل تنامي مطالب بعض الطوائف بالانفصال، وهو ما يعكس حجم الانهيار في النظام السياسي والاجتماعي.
على صعيد المواجهة مع إيران، شنّت إسرائيل في يونيو 2025 حربًا استمرت اثني عشر يومًا استهدفت خلالها المواقع العسكرية والنووية الإيرانية، محدثة أضرارًا كبيرة، لكنها لم تؤدِ إلى كسر إرادة إيران التي أعلنت استمرار سياستها الإقليمية. غير أن هذا الصراع كشف مدى تقدم الاستخبارات الإسرائيلية وقدرتها على استهداف كبار القادة الإيرانيين، مما أعاد رسم قواعد الاشتباك في المنطقة.
تجاوزت إسرائيل هذا الصراع الإقليمي بتوجيه ضربات غير مسبوقة إلى دول خليجية، كما حدث في قصف العاصمة القطرية الدوحة في محاولة اغتيال لقادة حركة حماس، مما أدى إلى توتر في العلاقات الخليجية-الإسرائيلية وتأجيل جهود الوساطة. هذه التطورات أدت إلى تغييرات جذرية في مواقف الدول العربية تجاه إسرائيل، وأثرت سلبًا على فرص توسيع اتفاقيات التطبيع التي كانت قد أُبرمت في السنوات السابقة.
يرى محللون أن إسرائيل تسعى لتحقيق هيمنة عسكرية وسياسية كاملة في المنطقة، وهو ما يدفع نحو تصعيد مستمر في دائرة العنف، بينما تبقى المقاومة في حالة ترنح لكنها غير منهزمة بالكامل. في ظل هذه الأوضاع، يبدو أن المنطقة أمام دوامة من الصراعات المستمرة التي ستغذيها آثار الحرب والدمار لعقود قادمة، مما يعقد فرص السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
الجيش الإسرائيلي يعلن إسقاط طائرة مسيرة أطلقت من اليمن وإنذارات تعم إيلات عقب اعتراضها