غزة - كمال اليازجي
أعلنت مصادر طبية فلسطينية، الاثنين، مقتل 14 شخصاً وإصابة العشرات، جراء قصف القوات الإسرائيلية لمجمع ناصر الطبي في خان يونس، جنوب قطاع غزة. وأكدت المصادر أن من بين الضحايا صحافيين وعدداً من طواقم الإسعاف والدفاع المدني أثناء محاولتهم إخلاء الجرحى. وتزامن هذا القصف مع غارات جوية ومدفعية إسرائيلية مكثفة على مناطق واسعة من القطاع، في وقت يعيش فيه السكان وضعاً إنسانياً كارثياً بسبب المجاعة والحصار المستمر منذ أكتوبر 2023.
وفي تفاصيل إضافية، قال مسؤولون في قطاع الصحة إن الغارات الإسرائيلية على مجمع ناصر الطبي أودت بحياة 15 شخصاً على الأقل، بينهم 3 صحافيين على الأقل، أحدهم يعمل لصالح وكالة "رويترز". وأكدت قناة "الجزيرة" القطرية أن من بين الضحايا المصور محمد سلامة الذي يعمل لديها، إلى جانب المصور حسام المصري المتعاقد مع "رويترز"، والمصور معاذ أبو طه، والصحافية مريم أبو دقة التي نعتها مجلة "اندبندنت عربية". كما أُصيب المصور حاتم خالد، وهو أيضاً متعاقد مع "رويترز"، في القصف ذاته.
في موازاة التصعيد العسكري، أعلنت وزارة الصحة في غزة وفاة 300 شخص نتيجة المجاعة، من بينهم 117 طفلاً. يأتي ذلك في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي الشامل، حيث لا تزال كميات المساعدات الإنسانية التي يسمح بدخولها إلى القطاع محدودة، وتوزّع تحت إشراف "مؤسسة غزة الإنسانية"، بعيداً عن المنظمات الأممية، ما أثار انتقادات دولية واسعة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد استخدم روبوتات مفخخة في عملياته، وفجّر منازل سكنية في مناطق جنوب وشرق حي الصبرة وشرق حي التفاح، إلى جانب عمليات نسف واسعة في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة. كما واصل الجيش توغله في مخيم جباليا شمال القطاع، مع تصاعد عمليات الهدم وتفجير المنازل.
في هذه الأثناء، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن ما يجري في غزة يمثل أول حالة مجاعة مؤكدة رسمياً في منطقة الشرق الأوسط، وفقاً للمتحدث باسمها في الأراضي الفلسطينية، ريك بيبيركورن. وسبق أن وصفت آلية "التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي"، المدعومة من الأمم المتحدة، الوضع في شمال القطاع بأنه دخل رسمياً مرحلة المجاعة، وسط توقعات بانتشارها إلى محافظتي دير البلح وخان يونس بنهاية سبتمبر، حيث يعيش أكثر من نصف مليون شخص في ظروف "كارثية"، تشمل الجوع الشديد وسوء التغذية الحاد والموت.
وفي تعقيب على الوضع، قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، إن سكان غزة "يعيشون جحيماً بجميع صوره"، داعياً إسرائيل إلى التوقف عن الترويج لروايات مغايرة والسماح للمنظمات الإنسانية بالعمل دون قيود، وتمكين الصحفيين الدوليين من نقل حقيقة ما يجري على الأرض.
سياسياً، دعا رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى قبول "صفقة المحتجزين" المطروحة حالياً، والتي وافقت عليها حركة "حماس". وقال زامير: "هناك صفقة مطروحة على الطاولة لإطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة، يجب أخذها"، مضيفاً أن "الجيش وفّر الظروف اللازمة لذلك، والقرار الآن بيد المستوى السياسي". وتتضمن الصفقة وقفاً لإطلاق النار لمدة 60 يوماً بضمانات دولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مع بدء مفاوضات المرحلة الثانية فوراً، واستمرار الهدنة طالما أن المفاوضات جارية.
لكن في خطوة أثارت الجدل، صادق نتنياهو بالتزامن على خطة لاجتياح مدينة غزة، بعد إعلان "حماس" موافقتها على المبادرة، وهو ما اعتبرته الحركة دليلاً واضحاً على "إصراره على عرقلة الاتفاق"، بحسب بيان لها. وأضافت الحركة: "وافقنا على صفقة جزئية وأبدينا استعداداً لصفقة شاملة، لكن نتنياهو يرفض كل الحلول"، مشيرة إلى "اعترافات إسرائيلية وأميركية تؤكد أن نتنياهو هو المعطل الحقيقي لصفقات التبادل ووقف إطلاق النار"، بما في ذلك تصريحات للمتحدث السابق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر.
من جانبه، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، مع نظيره التركي هاكان فيدان، خلال اجتماع على هامش الدورة الاستثنائية لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي بجدة، جهود مصر بالتنسيق مع قطر للتوصل إلى وقف إطلاق النار. وشدد الوزيران على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي و"سياسات التجويع والقتل الممنهج" ضد المدنيين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
في السياق الدولي، دافع وزير المالية النرويجي، ينس ستولتنبرغ، عن استثمارات صندوق الثروة السيادي لبلاده في إسرائيل، وسط دعوات من سياسيين ونشطاء للانسحاب الكامل بسبب اتهامات بانتهاك المعايير الأخلاقية. وقال ستولتنبرغ إن قيام الصندوق ببيع حصصه في نصف الشركات الإسرائيلية التي كان يستثمر فيها، يساعد في إيجاد "التوازن الصحيح" بين المبادئ الأخلاقية والمصالح الاقتصادية.
وفي مواقف لافتة، ندد الممثل الأميركي مارك رافالو، نجم سلسلة Avengers وأحد أبرز الناشطين في هوليوود، بما وصفه بـ"مجاعة من صنع الإنسان" في غزة، وكتب عبر منصاته على التواصل الاجتماعي: "قادة العالم: صمتكم تواطؤ. تقاعسكم يفاقم هذه المعاناة. لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي بينما يُحرم شعب كامل من الغذاء. الإنسانية تطالبنا بالمزيد. افعلوا شيئاً!". وأضاف رافالو أن ما يحدث في غزة ليس كارثة طبيعية، بل نتيجة "خيارات متعمدة من قبل من هم في السلطة"، مطالباً بإنهاء المجاعة والإبادة، وتحقيق العدالة.
وفي ظل تصاعد الكارثة، أعلنت منظمة الصحة العالمية إطلاق سراح أحد موظفيها الذي كان محتجزاً لدى الجيش الإسرائيلي منذ 21 يوليو، بعد احتجازه لأكثر من 4 أسابيع. وقال مديرها العام، تيدروس أدهانوم غيبريسوس: "نشعر بارتياح بالغ لإطلاق سراح زميلنا"، مجدداً الدعوة لحماية العاملين في المجال الصحي والإنساني.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
وزير الخارجية الروسي يؤكد دعم بلاده لموقف مصر لوقف إطلاق النار وإنهاء مأساة قطاع غزة