الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
"خلخال"

الشارقة ـ محمد الأحمد

أظهر المخرج المسرحي القطري الشاب فيصل حسن رشيد براعة لافتة في صياغة صورة بصرية مؤثرة بمقاربته نص الكاتب الإماراتي الراحل سالم الحتاوي الموسوم "خلخال"، الذي يحكي قصة حب مشحونة بالوله والشغف بين شاعر شديد الحساسية (قام بالدور فيصل حسن رشيد)، وراقصة تتميز، إلى جانب جمالها الشكلي، بقدرتها العالية في اللعب بجسدها رقصًا وغنجًا (قامت بالدور غادة الزدجالي).
وبالضوء واللون والمؤثرات السمعية والتشكيلات الكيوغرافية، رسم رشيد فضاء عرضه الذي قُدم في مسرح قصر الثقافة ضمن المسابقة الرسمية للدورة 13 من مهرجان المسرح الخليجي الذي تنظمه وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع.
ومنذ بدايته، يكشف العرض الحالة العاطفية الدافقة التي يعيشها ويعايشها الشاعر "سهيل" الذي من شدة هشاشته ورقة روحه لم يجد سوى الخمر لسقي عطشه الغرامي وإطفاء نار الهوى المشتعلة في جوانبه؛ فراح يهيم على وجهه في الطرقات ينادي محبوبة مشتهاة تدعى "مريوم" ولكنه لا يجد من يجيب، فيحادث قارورته عن افتتانه بها، ويستصرخ الفضاء من حوله، صائتاً بشعره المشحون بحمّى السهد والانتظار والأمنيات غير المتحققة.
ويجسد المخرج رشيد الحالة المضطربة لبطله بالمزيد من الأطياف التعبيرية التي يشكلها في الخشبة من الضوء ومن الموسيقى ومن الأداء الحركي الآلي لمجموعة الكيوغرافيين، المصبوغة أجسادهم بالطين، لتظهر لامعة وحيوية ومفعمة بالطاقة في مقابل حالة الهزال والضعف في جسد الشاعر المخمور، وثمة الراقصة التي تتنقل بين تفاصيل هذا المشهد مثل فراشة، موقعة حضورها برنة "الخلخال"، وبحركاتها الراقصة المعبأة بالصبابة والوله وحرارة الشباب.
يتقدم العرض، فيفلح الشاعر البائس والمعزول والسادر في خياراته الملعونة من مجتمعه، يفلح في الوصول إلى راقصته ويتزوجها، فتتحول الخشبة إلى حلقة رقص مشحونة بالمجون والسهولة الغريزية.
على أننا نكتشف، مع تقدم العرض، أن الشاعر لم ينته إلى الارتباط بالراقصة "غاية"، إلا لأنها تشبه محبوبة قديمة له تدعى "مريوم"؛ وفي مشهد المواجهة بين الشاعر وعروسه/ غاية، يطغى الشعور الذكوري الشرقي على الشاعر، فيصعب عليه أن يتقبل عروسه راقصة يأكل الناس لحمها بنظراتهم؛ لكن الراقصة التي تستعيد أيامها الأولى مع الرقص، تقابل كلام عريسها بالأسى والانكسار لحظةً، ثم تبدأ في مغالبته وجهاً لوجه، لنعرف من كلامها أن الظروف هي التي اضطرتها لامتهان هذه المهنة، وأنها لم تختر مصيرها كما هو لم يختر مصيره.
ولم يحب الشاعر الراقصة "غاية"، ولكنه استعذب حالة سعيه لنيلها؛ فهذه الحالة هي التي كانت تغري ربة شعره فتثيره وتهيّج عواطفه فيندلق ولهاً وشعراً، لم يحبها ولكنه أحبّ فيها صورة محبوبته القديمة.. هذا ما تقوله "غاية" في لحظة المواجهة، وفي أثر قولها ينهار الشاعر ويخيم الظلام على روحه.. والخشبة.
ثمة لمحات فنية عدة دلّت على الخبرة الإخراجية الشابة والجديدة لدى فيصل رشيد، في الانتقالات بين اللوحات التي كانت تحصل بقدر كبير من المرونة، بل الشاعرية، وكذلك في اختزاله المضبوط لأزمنة المسرحية النفسية والفعلية، وهو أمر أضفى الكثير من الإيقاعية على العرض الذي انطبع بصورة سينوغرافية بسيطة ولكن دالة وموحية، فلقد حرّك المخرج على مدار العرض ثلاث حلقات بدت في مرة أشبه بـ "الطار"، وفي مرات ظهرت مثل عجلات طاحنة تحيط بجسد الراقصة، كما جرى التعاطي مع الحلقات في رسم حدود التشكيلات الجسدية لمجموعة الكيوغرافيين الذين يتحولون أحياناً إلى أشباح تطارد الراقصة وشاعرها، وفي أحيان أخرى تنضاف حركتهم كملمح جمالي في المجال الأدائي للراقصة.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

فيلم مصري يوثق نقل مقتنيات توت عنخ آمون إلى…
هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المدعية العامة في باريس تكشف تفاصيل سرقة مجوهرات اللوفر…
أول ظهور لكنوز الملك توت عنخ آمون في المتحف…
وصول الوفود المشاركة في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير…

اخر الاخبار

مظاهرات أمام منزل رئيس إسرائيل رفضاً لبراءة نتنياهو
ترامب يتواصل مع مادورو رغم التوتر وضربات الكاريبي
واشنطن تشنّ ضربات دقيقة على مخازن أسلحة داعش في…
مدير أمن السويداء يؤكد أننا نحاول وقف التصعيد قدر…

فن وموسيقى

آيتن عامر تكشف العديد من أسرارها الشخصية والفنية وتروي…
تكريم حسين فهمي بمهرجان مراكش الدولي عن مسيرته الفنية…
نجاة الصغيرة تعود للأضواء بزيارة دار الأوبرا ومدينة الفنون…
تايلور سويفت تتحول إلى قوة اقتصادية عالمية تتجاوز تأثيرها…

أخبار النجوم

أحمد السقا يؤكد أنه يركّز دائماً في أعماله الفنية…
يسرا تكشف عن رأيها في فيلم "الست" للفنانة منى…
إلهام شاهين تشن هجوماً حاداً على منتقدي فيلم "الست"…
أحمد العوضي يكشف حقيقة حدوث خلافات بينه وبين أبطال…

رياضة

ميسي يصنع الفارق بتمريرة ساحرة رغم عدم تسجيله أهداف…
حكيمي يخضع لبرنامج تعاف مكثف استعدادا لدعم أسود الأطلس
أوباميانغ أكبر هدافي دورى أبطال أوروبا 2025
رمضان صبحي يواجه الإيقاف أربع سنوات مع استمرار حبسه…

صحة وتغذية

دراسة جديدة توضح علاقة الشعر الأحمر ببطء التئام الجروح
مجموعة من الحلول لمشاكل تواجهها البشرة عادةً في الصباح
أفضل الأوقات لتناول الزبادي لدعم صحة الأمعاء بشكل طبيعي
"10 أطعمة يفضل تناولها يومياً إذا كنت تريد العيش…

الأخبار الأكثر قراءة

تعامد الشمس على معابد أبو سمبل ظاهرة فلكية تجسد…
سرقة متحف اللوفر في باريس سبع دقائق هزّت فرنسا…
سرقة مجوهرات التاج الفرنسي تهز متحف اللوفر وتغلق أبوابه
وفاة الروائي المصري رؤوف مسعد مؤلف بيضة النعامة
المعرض المغاربي للكتاب في وجدة منصة للحوار الثقافي