الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
السينما المغربية

الرباط - المغرب اليوم

شكلت فكرة النهايات السعيدة في السينما جدلا واسعا بين فريقين، الأول ينتصر لها باعتبارها تشكل طقوسا تفاؤلية وتخلق حالات من الفرح والتنفيس مما يعانيه الإنسان من صعوبات الحياة؛ وفريق معارض يرى أن هذه النهايات تسعى إلى تزييف الواقع وخلق الوهم وتجميل البؤس والفقر والحرمان…

ميلاد فكرة النهاية السعيدة:
رمت الأزمة الاقتصادية لسنة 1929 بكامل ثقلها حتى سميت الفترة بكاملها بالكساد الكبير، متجلية في انتشار الفقر المدقع وعدم اليقين بشأن المستقبل. من هنا ستتولد فكرة “النهاية السعيدة” في السينما، تخفيفا من وطأة الأوضاع القاسية والصعبة، وبسرعة انتشرت في كل بقاع العالم.

ما أراده المشاهدون – على جانبي المحيط الأطلسي – لم يكن أكثر من جرعات من الهروب من واقع مرير، أو على الأقل، هذا ما اعتقده مموّلو الثقافة وصانعو الأفلام آنذاك. وهكذا انتهت القصص الكلاسيكية بطريقة أكثر تفاؤلاً عندما ظهرت على الشاشة الكبيرة؛ وذلك بتحسين الأمزجة ومنح طاقة إيجابية وتخفيف من التوتر واستبدال مشاعر الكرب بأخرى لطيفة، وتعزيز التحرر العاطفي وتنمية الخيال والإبداع والمساعدة على تحديد وتطوير نقاط القوة الخاصة بالفرد، وتوفير موارد وبدائل جديدة، والدعوة إلى الإيمان بإمكانية تحسين الأوضاع. كما تنطوي هذه النهايات السعيدة على أمل كبير في خلق فرصة ثانية…

رأى أصحاب وجهة النظر هاته أن هذه النهايات السعيدة تعزز المرونة (وهي قدرة الأشخاص على التغلب على فترات الألم العاطفي)، والتشجيع على إظهار المشاعر الإيجابية، وبالتالي تقوية جهاز المناعة؛ كما تساعد في تماسك العالم الداخلي للشخص بتفاؤل أكبر. لكن هذا الرأي الأول وجد معارضة شديدة لهذه النهايات السعيدة بكونها تخلق مفاهيم زائفة وغير واقعية، وبأنها محرجة في الأساس، وعلامة على الإفراط في التسويق التجاري، والرضا عن الجانب الأكثر هشاشة للشخصيات تجاه الحياة الواقعية…

ففي فترة الكساد العظيم بأمريكا، نأخذ على سبيل المثال رواية فرانكشتاين (1931).. في الكتاب تزوج فرانكشتاين من زوجته إليزابيث، لكنها قتلت على يد الوحش. وفي وقت لاحق، يقابل فرانكشتاين وفاته في القطب الشمالي. وفي الفيلم، على العكس تمامًا، يجتمع الدكتور فرانكشتاين وزوجته ويعيشان في سعادة دائمة.في رواية “أحدب نوتردام” لفيكتور هوغو، تتمثل النهاية في شنق إزميرالدا، عندما اختار كواسيمودو أن يموت بجانب جسدها.. في نسخة الفيلم (1939)، نجد أن كيلهما قد نجيا.حتى في رواية جون شتاينبك، “عناقيد الغضب”، مع موضوع المعاناة في الأراضي القاحلة، ظهرت النهاية أكثر تفاؤلاً في فيلم جون فورد (1940) وبصورة تفاؤلية.

البطل ينتصر في النهاية:
كانت فكرة قتل البطل في النهاية تبعث برسالة غير مناسبة تمامًا في سياق مأزوم من التاريخ الأمريكي، حيث كان الاكتئاب ينمو في الأرجاء، وكان المواطنون يتطلعون إلى مستقبل أفضل بسبب الكساد الكبير والأزمة الاقتصادية، وكان على السينما أن تجد مخرجا وأن تترك في أذهان الناس تجربة البطل الذي ينتصر على الشر وأوجه البؤس والفقر دون موته مجسدا القيم العليا والمثالية.

وبالتالي، فليس من المستغرب على الإطلاق أن تجد “النهاية السعيدة” في السينما الهوليودية قبولا ورواجا وتصديرها إلى السينما البريطانية، وحتى إلى بعض البلدان غير الناطقة بالإنجليزية، وتصبح شكلا ثقافيا وتمثلا أكثر بقبولها في أكثر السينمات والمدارس السينمائية، واستخدامها سياسيا في أكثر من بلد، وفي تأطير المواطن كعلاج نفسي وقائي من بعض الأزمات، مع بعض الاستثناءات القليلة.

تقدمت فكرة النهاية السعيدة في السينما بشكل كبير، وظهرت مع تطور السينما نهايات سعيدة بطرق مختلفة. ومنذ 1930 أقدم مخرجون قلائل على قتل أبطالهم في النهايات، مع ما يخلفه الموت من وقع في نفسية الجمهور الذي تعود على فكرة انتصار البطل وقهر الصعاب. ومنذ التسعينيات قدم المخرج كوينتين ترنتينو رؤية مغايرة للنهاية السعيدة في فيلم “الرومانسية الحقيقية” بوفاة بطل الرواية، كلارنس، الذي قُتل بالرصاص، لكن في نهاية الفيلم نراه نجا ويلعب مع زوجته وطفله على الشاطئ. والمعنى تقديم نهايتين: نهاية واقعية ونهاية بالحلم.

المأساة تتحول إلى نهايات سعيدة:
في المأساة كثيرا ما تحدث كارثة مروعة من الصعوبة تجنبها، فقد كانت هناك دائما قناعة بأن المأساة يمكن أن تجعل الناس أكثر سعادة، وكان هذا هو الاعتقاد السائد. وهكذا استغلت السينما هذه المسألة وحولتها إلى نهايات سعيدة عوض فظاعات النهاية ومأساويتها.

ونجد أنفسنا بين موقفين، حيث يرى أرسطو أن الدراما المأساوية تنتج المتعة من خلال إثارة المشاعر، لكن نهايات قصص شكسبير كانت قاسية للغاية ومأساوية بشكل كبير بالحضور الدائم لتفشي الطاعون والموت الذي يعصف بالجميع، لكن السينما حولتها إلى نهايات سعيدة.

ولكن هناك دائمًا من يصفون عملية “النهاية السعيدة” بأنها محرجة في الأساس، وعلامة على الإفراط في التسويق التجاري والأنماط الاستهلاكية الرأسمالية، والرضا عن الجانب الأكثر هشاشة للشخصيات في مواجهة الحياة الواقعية. وهناك من يتوقف من المخرجين على نهايات مفتوحة بإيقاف المشهد الأخير في الفيلم، تاركا الأمر مفتوحا على كل احتمال، تخوفا من نهاية قتل البطل ونفور الجمهور من الفيلم وتسويقه التجاري…

لا يؤمن الكثير من النقاد في السينما بفوائد النهاية السعيدة، مركزين على أن هذه النهايات تخلق مفاهيم خاطئة وأوهاما زائفة عن تقدير الواقع بعيون واقعية وعقلانية في مواجهة بؤس الحياة اليومية بتلونها وتعقيداتها.

قد يهمك أيضَا :

الفنان سعيد باي يرفض "النجومية" وينتقد تدبير الإنتاجات السينمائية

محمد حماقي يكشف دخوله عالم السينما بفيلم جديد قريبًا

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

حصيلة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط
عالم مصريات فرنسي يكتشف 7 رسائل سرية بجدران مسلة…
البرلمان المغربي بمجلسيه يُشارك في فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض…
الرئيس الفرنسي يعبر عن سعادته وفخره باستقبال المغرب ضيف…
نجاة دار الوثائق القومية في السودان وحماية أرشيف تاريخي…

اخر الاخبار

إسماعيل بقائي يؤكد أن طهران تقدم مقترحاً للجانب الأميركي…
وزيرة الانتقال الطاقي المغربية تُجري بباريس مباحثات رفيعة المستوى…
الملك محمد السادس يتلقى برقيتين تهنئة من عاهل المملكة…
كتائب القسام تُحذر من تداعيات حصار مكان الأسير متان…

فن وموسيقى

هنا الزاهد تُعبر عن سعادتها بتجدّد التعاون مع النجم…
المطربة اللبنانية كارول سماحة و رسالة مؤثرة لزوجها الراحل…
رحيل سميحة أيوب "سيدة المسرح العربي" عن 93 عامًا…
الفنانة المغربية أسماء لمنور تتوج بجائزة أفضل مطربة عربية…

أخبار النجوم

حكيم يعود الى العالمية خلال مشاركته في مهرجان أوسلو…
ليلى طاهر تشن هجوماً لاذعاً على الممثلين الجدد
مي عز الدين تكشف عن علاقتها بالمسرح ومدى عشقها…
أحمد سعد يحسم الجدل الذي دار حول اعتزاله الغناء

رياضة

كريستيانو رونالدو يُعلن موقفه النهائي من الاستمرار أو الرحيل…
رونالدو يكشف عن عمله مترجماً لميسي ولا يستبعد اللعب…
المغربي أشرف حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لدوري أبطال أوروبا
المغربي أشرف حكيمي ثالث عربي يُحرز هدفاً في نهائي…

صحة وتغذية

علماء يحذرون من تزايد سرطان الرئة بين غير المدخنين
موديرنا تعلن موافقة FDA على لقاح جديد للوقاية من…
تأثير القهوة على صحتك يعتمد على جيناتك وليس فقط…
وزير الصحة يُعلن مراجعة شاملة لأسعار الأدوية في المغرب

الأخبار الأكثر قراءة

وزير الأوقاف المغربي يكشف إجمالي المكافآت التي قدمتها الوزارة…
حصيلة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط
عالم مصريات فرنسي يكتشف 7 رسائل سرية بجدران مسلة…
البرلمان المغربي بمجلسيه يُشارك في فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض…
الرئيس الفرنسي يعبر عن سعادته وفخره باستقبال المغرب ضيف…