الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
الخط العربي

القاهرة - المغرب اليوم

مساحات من السحر والخيال، تفيض بها لوحاته عبر رؤى تجريدية تنقلنا من الأجواء المادية التقليدية إلى أجواء تبعث على التأمل والتحليق في عوالم من الحرية والصفاء غير المقيدة بحواجز أو حدود، وفي معرضه المقام الآن بغاليري "ليوان" بالزمالك يواصل الفنان ثروت البحر إبهار زوار معرضه بلمساته السريعة المستلهمة من "الأحلام السكندرية" في كثير من اللوحات بجانب حزمته السخية من الألوان والرموز والدلالات على مسطح لوحاته.

تمتزج الأحرف والخطوط مع العناصر والأشكال في أعماله لتقبض على مشاعر ولحظات متعددة تارة يستدعيها من الماضي، وتارة أخرى يستشرف عبرها المستقبل، وما بين هذا وذاك يحاول قراءة الواقع بكل تعقيداته وتشابكاته، فتأتي اللوحات بالمعرض لتعكس إلى أي مدى يُعد ثروت مهمومًا بقضايا وطنه وتحدياته المتعددة خلال المراحل المختلفة لمسيرته الفنية، ويقول: "أبرز التحديات التي تواجهني هي دومًا التحديات نفسها التي يمر بها المجتمع المصري"، ولعله لذلك لم يختر ثيمة أو عنوانًا لمعرضه الذي يضم أعمالًا رسمها في الفترة من 1969 حتى 2017. ومن هنا أيضًا على حد تعبيره: "تكمن خصوصية هذا المعرض في الأعمال الأخيرة التي رسمتها بعدما توقفت يدي عن الرسم نظرًا لإصابتي بشلل في يدي اليسرى التي أرسم بها".

ويأتي خوفه على المساس بهوية وطنه كأحد أهم القضايا التي تشغله، على سبيل المثال يصدم عين المتلقي باستعانته بزجاجة مياه غازية تتوسطها علامة تجارية شهيرة في بعض لوحاته كرمز إلى هيمنة العولمة، بينما يأخذك الحضور الطاغي للهرم، أيقونته الأثيرة، إلى الحضارة القديمة والهوية المصرية، وتطل عليك أشجار النخيل في اتصال ممتد بالعمارة لتتمسك بالملامح الراسخة للمكان.

كما تبرز الحروف على مسطح لوحاته وتتدفق بانسيابية ممتزجة أحيانًا بالأشكال الهندسية، وأحيانًا أخرى متشابكة مع الخطوط التجريدية، فتدفعنا إلى الغوص في الحضارة الإسلامية وفنونها الجميلة، لننتقل معه إلى مستوى آخر من الهموم التي تهيمن على فكره، يقول: "إن الخط العربي عمود من أعمدة الفن الذي لم يستق أي إضافة من خارج العالم الإسلامي، ومما يدعو للأسف أننا الآن في أزمة حقيقية، لم يناقشها أحد باستفاضة، أو يخضعها للدراسة العلمية بعد، وهذه الأزمة هي استخدام الكومبيوتر في كتابة الحروف، بكل تأثيره على أصالة الخط العربي وجمالياته".

هذا الاحتفاء الرشيق الخاص بالخط العربي لا يرتبط فقط بقلق الفنان المصري على هوية وطنه وثقافته فقط، إنما الأمر يرتبط كذلك بثروت البحر الشاعر والكاتب، الذي لا يستطيع التنصل من هويته وهوايته، وهي الإبحار في عالم الكلمات والأحاسيس المكتوبة المختلطة بمنجزات الريشة، ليقدم لغة تشكيلية غنية بمفردات حضارته وثراء نشأته في مدينته الساحرة الإسكندرية بتأثيرها الطاغي على أبنائها: "لطالما كانت الإسكندرية المدينة العالمية الجميلة مصدر إلهام للفنانين والكتاب والشعراء. ولكم تأثرت بطابعها المتفرد من حيث تعدد الحضارات وجمال الطبيعة وشاعرية مناظرها الخلابة، وزخمها الثقافي، ومن أبرز ملامح ذلك الزخم "أتيليه الإسكندرية" الذي يجمع نخبة الفنانين والكتاب السكندريين، ومنهم سيف وانلي والنحات محمود موسى وأحمد عبد الوهاب، إلى جانب الفنانين العالميين".

لكن يبدو أن الإسكندرية التي كانت المؤثر الأهم في تشكيل وجدانه وأفكاره قد تحولت هي نفسها بمرور الوقت إلى واحدة من القضايا التي تؤرقه: "تغيرت مدينتي التي نشأت فيها بتغير النسيج السكاني والمعماري والثقافي للأسف".

لذلك إذا كانت الإسكندرية قد مثلت مصدرًا لإلهامه وتقديمه لمسطحات تموج بجمال وسحر الحياة، فإنها ربما هي نفسها بما تشهده الآن من تغيرات كانت وراء أعمال أخرى تعكس جوانب من "السواد" والأشكال غير المنتظمة، يقول: "لوحة (مقاييس الجمال) على سبيل المثال تختلف عن جمال الروح والطبيعة، إن تراجع الجمال يرتبط بالتعليم والثقافة والتعود على تذوق الفن والجمال منذ الصغر، وللأسف لم يعد ذلك متاحًا الآن".

إلى ذلك، تجد مصر في أعمال ثروت البحر - نحو 40 لوحة - بالمعرض المستمر حتى 26 مارس (آذار) الجاري، تروي الكثير عن نفسها وعن حكاياتها وآمالها عبر التاريخ، ويغلف ذلك كله بنسيج من الأحلام والخيال والحرية: "كل فنان له حلمه الخاص به، ولا يوجد فن من دون حرية، أما الخيال فهو أجنحة الحرية التي يرفرف بها الفنان".

وقد يهمك ايضا:

مهرجان الحكي الأفريقي يسدل الستار على فعاليات دورته الثانية في الدار البيضاء
بدء التقدم لجائزة الملك عبد العزيز للترجمة

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

حصيلة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط
عالم مصريات فرنسي يكتشف 7 رسائل سرية بجدران مسلة…
البرلمان المغربي بمجلسيه يُشارك في فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض…
الرئيس الفرنسي يعبر عن سعادته وفخره باستقبال المغرب ضيف…
نجاة دار الوثائق القومية في السودان وحماية أرشيف تاريخي…

اخر الاخبار

البرلمان الإيراني يوافق مبدئيًا على إغلاق مضيق هرمز وسط…
في ظل التصعيد الإقليمي الجيش الإسرائيلي يعلن استعادة رفات…
مصر تؤكد عدم تأثرها بالحادث النووي في إيران وتطمئن…
غوتيريش يحذر من تصعيد خطير بعد الضربات الأمريكية لإيران

فن وموسيقى

هند صبري تواجه حملة هجوم بسبب موقفها من قافلة…
كندة علوش تكشف عن البدء بمشروع فني جديد وتواصل…
أنغام تُشعل مسارح السعودية وتصف جمهورها بالساحر وتشيد بشركة…
إلهام شاهين تؤكد حبها لدعم الجيل الجديد وتوضح سبب…

أخبار النجوم

الفنانة شيرين رضا تكشف سبب حبّها لتقديم أدوار الشر
محمد سعد يكشف شرطه لخوض دراما رمضان المقبل
يسرا اللوزي تردّ على منتقدي دورها في "لام شمسية"
أحمد الفيشاوي يكشف عن حلمه الذي يتمنى أن يحققه…

رياضة

مرموش يبدأ مشوار مونديال الأندية بنكهة عربية مع مان…
فينيسيوس يحذر لاعبي ريال مدريد قبل مواجهة الهلال السعودي
كريستيانو رونالدو يُعلن موقفه النهائي من الاستمرار أو الرحيل…
رونالدو يكشف عن عمله مترجماً لميسي ولا يستبعد اللعب…

صحة وتغذية

دراسات تؤكد فوائد زيت الزيتون في الوقاية من الأمراض…
تناول منتجات الألبان يُسهم بشكل كبير في الوقاية من…
إضافة الأفوكادو إلى نظامك الغذائي يمكن أن تُحسّن جودة…
إضافة بذور الشيا للنظام الغذائي اليومي لتعزيز صحة الأمعاء

الأخبار الأكثر قراءة

الرئيس السوري أحمد الشرع يبحث مع وزير الأوقاف «تعزيز…
ترامب يعلن فرض رسوم جمركية على الأفلام الأجنبية لحماية…
وزير الأوقاف المغربي يكشف إجمالي المكافآت التي قدمتها الوزارة…
حصيلة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط
عالم مصريات فرنسي يكتشف 7 رسائل سرية بجدران مسلة…