الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
المتحف الأثري بباردو

تونس - المختار كمون

يحتفل المتحف الوطني بباردو (تونس) خلال الشهر الجاري بمرور 125 عاماً على تدشينه، خلال فترة الحكم الحسيني لتونس وبداية الاستعمار الفرنسي عام 1888، وبهذه المناسبة عرضت إدارة المتحف أكثر من 500 صورة فوتوغرافية نادرة تؤرخ لمختلف مراحل تشييد هذا الصرح الأثري وتطويره على امتداد قرن وربع من الزمن. ويعتبر المتحف الوطني بباردو - الواقع في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس على بعد أقل من 4 كلم - من أهم الوجهات السياحية في تونس فلا يمكنك أن تزور تونس دون أن يصلك أخبار هذا المعلم التاريخي فيتملكك الفضول والرغبة الجامحة في التجول بين قاعاته وأزمنته نظرا لكونه أول متحف في العالم بالنسبة إلى فن الفسيفساء الرومانية التي تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد.
ولا تجد عناءً كبيراً في الوصول إلى المتحف حيث لا يكلف الأمر أكثر من 20 دقيقة على متن المترو من وسط العاصمة تونس في اتجاه ضاحية باردو مرورا بمقر المجلس الوطني التأسيسي (مجلس الشعب) قبل أن تجد نفسك أمام معلم  تاريخي عظيم يختصر الأزمنة والأمكنة يفوح منه عبق الحضارات المتعاقبة على هذه الأرض من عليسة وحنبعل وصولا للفتوحات الإسلامية في تأريخ موضوعي صادق بعيد عن التوظيفات كلها.
وتم تدشين متحف باردو عام 1888 ليكون أقدم وأكبر وأهم المتاحف في شمال أفريقيا، أطلق عليه منذ عام 1900 اسم المتحف العربي وفتح أبوابه للزوار عام 1913 . وفي عام 1988 احتفالا بمئويته تم تدشين قاعة الحضارة الإسلامية وأعيد تنظيم رواق الفنون والتقاليد الشعبية وأعيد تنظيم قاعة الكنوز وجناح الآثار البونية واللوبية.
ويضم المتحف أجنحة وقاعات عدة، نذكر منها قاعة قرطاج الرومانية وقاعة الشاعر الروماني "فرجيل" وقاعة "دقة" وقاعة الفسيفساء المسيحية، وقد اكتسب المتحف شهرة عالمية بفضل مجموعة الفسيفساء التي يمتلكها والتي تعد الأثرى والأكثر تنوعا وتفننا في العالم، ولعل أروع ما يمكن أن تقع عليه عيناك أكبر لوحة فسيفساء رومانية تجسد إلاه البحار الروماني "نبتون" وهو يحمل رمحا بثلاث رؤوس.
وتم اكتشاف هذه اللوحة في محافظة سوسة (سماها الرومان سابقا حضرموت) في الوسط الشرقي للبلاد التونسية وتم وضعها بطريقة عمودية على حائط البهو الرئيس للمتحف أين يقف الزائر متصاغرا أمام عظمة ما تقع عليه عيناه، قبل أن ينتقل إلى قسم ما قبل التاريخ ليجد قطعا حجرية متناثرة جمعت من مواقع أثرية من مختلفة ربوع تونس في رحلة عبر الأزمنة بين مختلف محطات تاريخ قرطاجنة (التسمية الرومانية لتونس) -تارة- وفي رحلة عبر الأمكنة بين مختلف جهات هذه الأرض المعطاء التي يعود تاريخها إلى أكثر من 1700 سنة - تارة أخرى-، فكل منطقة في تونس لها تاريخها وجذورها الموغلة في القدم من قرطاج شمالا إلى حضرموت (سوسة) في الوسط التونسي وصولا إلى قفصة في أقصى الجنوب الغربي، تلك المنطقة الغنية بحجر الصوان أو ما يطلق عليه علماء الآثار بالرماديات.
ولكي تستطيع مواصلة رحلتك عبر الزمان والمكان في قاعات المتحف الوطني بباردو، عليك أن تترجل قليلا بين كل بهو ولوحة وتمثال من على صهوة المتعة وأعرج على مشرب المتحف كي تأخذ دقائق تسترجع فيها أنفاسك وتجلس مع نفسك في جلسة استيعاب لما نهمته عيناك وروحك من الجمال والحضارة والعراقة.
وتفتنك في قاعة قرطاج الرومانية لوحة الشاعر الروماني المشهور "فرجيل" وتأسر مقلتيك بجمالها وسحرها، بخاصة وأنها الفسيفساء الوحيدة التي تجسد هذا الشاعر بقطع صغيرة من الرخام والكلس وعجين الزجاج وهو يرتدي حلة رومانية بيضاء اللون تحيط به ملهمة التاريخ "كليو" وملهمة الفن "ملبومان".
وفي قاعات أخرى من المتحف تشدك تماثيل الأباطرة الرومان بعظمتهم وبعبقرية النحاتين الأوائل الذين أبدعوا في نحت أدق ملامحهم، حتى أنك تنسى للحظات وجودك المادي وتنصهر في تفاصيل رؤوس عظماء روما وعيونهم الغامضة المتحدية لزوال الحضارات وتعاقبها، ولا يوقظ شرودك غير تبعثر خطواتك من هول وروعة وعظمة  ما وطأت عليه عيناك، فتختار ركنا من الأركان تجلس إليه في حركة تقترب بك من الأرض ومن قاع المتحف قبل أن تقع عيناك على زخرف رائع للوحات فسيفسائية فرشت القاعة وامتدت من القرن الأول قبل الميلاد مرورا بقرطاج البونية والرومانية وصولا إلى قرطاج البيزنطية، إنها المتعة والحضارة أينما وليت بصرك.
وتتقارب الأزمنة داخل متحف باردو فيخترق الزائر حواجز الزمان وهو يشاهد تماثيل تعود إلى الحضارة الإسلامية في تونس ليسقط أسير فنون وحضارات أخرى غير التي اعترضته في بداية زيارته، إنه إبداع المسلمين في المخطوطات والمعمار وصنع الأواني الفخارية والخزف والنقود القديمة التي تنتمي  إلى العهد الأغلبي الفاطمي والعهد الحفصي حتى نهاية الدولة الحسينية في أواخر القرن 19 تاريخ تدشين هذا الصرح التاريخي العظيم.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

حصيلة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط
عالم مصريات فرنسي يكتشف 7 رسائل سرية بجدران مسلة…
البرلمان المغربي بمجلسيه يُشارك في فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض…
الرئيس الفرنسي يعبر عن سعادته وفخره باستقبال المغرب ضيف…
نجاة دار الوثائق القومية في السودان وحماية أرشيف تاريخي…

اخر الاخبار

إسماعيل بقائي يؤكد أن طهران تقدم مقترحاً للجانب الأميركي…
وزيرة الانتقال الطاقي المغربية تُجري بباريس مباحثات رفيعة المستوى…
الملك محمد السادس يتلقى برقيتين تهنئة من عاهل المملكة…
كتائب القسام تُحذر من تداعيات حصار مكان الأسير متان…

فن وموسيقى

هنا الزاهد تُعبر عن سعادتها بتجدّد التعاون مع النجم…
المطربة اللبنانية كارول سماحة و رسالة مؤثرة لزوجها الراحل…
رحيل سميحة أيوب "سيدة المسرح العربي" عن 93 عامًا…
الفنانة المغربية أسماء لمنور تتوج بجائزة أفضل مطربة عربية…

أخبار النجوم

حكيم يعود الى العالمية خلال مشاركته في مهرجان أوسلو…
ليلى طاهر تشن هجوماً لاذعاً على الممثلين الجدد
مي عز الدين تكشف عن علاقتها بالمسرح ومدى عشقها…
أحمد سعد يحسم الجدل الذي دار حول اعتزاله الغناء

رياضة

كريستيانو رونالدو يُعلن موقفه النهائي من الاستمرار أو الرحيل…
رونالدو يكشف عن عمله مترجماً لميسي ولا يستبعد اللعب…
المغربي أشرف حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لدوري أبطال أوروبا
المغربي أشرف حكيمي ثالث عربي يُحرز هدفاً في نهائي…

صحة وتغذية

علماء يحذرون من تزايد سرطان الرئة بين غير المدخنين
موديرنا تعلن موافقة FDA على لقاح جديد للوقاية من…
تأثير القهوة على صحتك يعتمد على جيناتك وليس فقط…
وزير الصحة يُعلن مراجعة شاملة لأسعار الأدوية في المغرب

الأخبار الأكثر قراءة

وزير الأوقاف المغربي يكشف إجمالي المكافآت التي قدمتها الوزارة…
حصيلة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط
عالم مصريات فرنسي يكتشف 7 رسائل سرية بجدران مسلة…
البرلمان المغربي بمجلسيه يُشارك في فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض…
الرئيس الفرنسي يعبر عن سعادته وفخره باستقبال المغرب ضيف…