الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
قبور "الدولمن"

دمشق - المغرب اليوم
تمتلك مدافن "الدولمن" التي تنتشر في الكثير من دول العالم ويوجد المئات منها في سورية، أهمية تاريخية كونها تعود إلى عصور ما قبل التاريخ وتحديدًا إلى عصر البرونز، واستمر استخدامها في العصور اللاحقة لتروي طريقة الحياة التي كانت سائدة في تلك العصور، وعادة ما تكون هذه المدافن حسب خالية من محتوياتها ومن الأثاث الجنائزي بما في ذلك العظام، لكن القليل منها وجد فيه بعض الهياكل العظمية وبعض اللقى التي قادت الباحثين للتأكد من وظيفة هذه الأبنية كمدافن، ويعيد مدير آثار ريف دمشق الدكتور محمود حمود ظهور هذا النوع من المدافن إلى العصر الحجري النحاسي في الألف الرابع قبل الميلاد مشيرًا إلى أنه ازداد انتشاره خلال العصور البرونزية في الألف الثالث والثاني قبل الميلاد كما استمر استخدام الكثير من هذه المدافن خلال العصور اللاحقة الرومانية والبيزنطية والإسلامية في منطقة شرق المتوسط.
و"الدولمن" مدفن صندوقي الشكل مبني من الحجارة الكبيرة اسمه مستوحى من الطاولة الحجرية في اللغة البريتانية القديمة (جزيرة في غرب فرنسا) ويتكون عادة من حجرين كبيرين تغطيه من الأعلى حجر ثالثة يصل وزنها لعدة أطنان وتوجد مدافن أخرى مبنية بعدد أكثر من الحجارة ذات حجوم أصغر.
ويعيد مدير آثار ريف دمشق الدكتور محمود حمود، في معلومات لوكالة "سانا" السورية الرسمية، ظهور هذا النوع من المدافن إلى العصر الحجري النحاسي في الألف الرابع قبل الميلاد مشيرا إلى أنه ازداد انتشاره خلال العصور البرونزية في الألف الثالث والثاني قبل الميلاد كما استمر استخدام الكثير من هذه المدافن خلال العصور اللاحقة الرومانية والبيزنطية والإسلامية في منطقة شرق المتوسط.
وعادة ما تكون هذه المدافن حسب حمود خالية من محتوياتها ومن الأثاث الجنائزي بما في ذلك العظام لكنه أشار إلى أن القليل منها وجد فيه بعض الهياكل العظمية وبعض اللقى التي قادت الباحثين للتأكد من وظيفة هذه الأبنية كمدافن فيما قاد افتقار بعض الدولمن للعظام في داخلها للاعتقاد أنها أبنية كانت معدة لدفن مؤقت قبل أن تنقل الجثث لأمكنة أخرى لتدفن ثانية بشكل نهائي.
وأضاف "إن لهذه المدافن أهمية اجتماعية ولاسيما المناطق الرعوية النائية من حيث أنها كانت ترمز لقوة الشخصية المدفونة وقيمتها وأهمية من ينتمي إليها من الأفراد ومن المجموعات العشائرية والقبلية".
وأوضح مدير آثار الريف أن أغلب هذه المدافن توجد على شكل مجموعات في المناطق الوعرة على الهضاب الواسعة وسفوح الجبال التي يصعب فيها حفر القبور والتي تتوفر فيها الحجارة التي تلائم هذا النوع من الأبنية الجنائزية وبالعموم يتركز وجودها في المناطق الرعوية الأقل قابلية للزراعة ولهذا ربطها البعض مع السكان البدو.
وتنتشر هذه المدافن المقدسة في كثير من بلدان العالم بدءًا من شمال أفريقيا "الجزائر وتونس" إلى أوروبا "إيطالية وفرنسا والسويد والدنمارك وبريطانية" إلى بلدان أسيا "شرق المتوسط ومنطقة الخليج في شرق السعودية والبحرين وإيران وافغانستا وأبخازيا وكوريا وفي منطقة شرق المتوسط ويتركز عدد كبير منها في منطقة الصدع السوري "الأفريقي حتى جنوب تركيا وشرقا حتى معان في الأردن والوعرات البازلتية في الجنوب السوري وبعض مناطق الجولان وامتداداته وصولا حتى منطقة اللجاة وسيس ومنطقة سعسع وزاكية والهيجانة في جنوب وشرق دمشق.".
وأشار الدكتور حمود إلى أن الاهتمام بهذا النوع من المدافن بدأ منذ نهاية القرن التاسع عشر عندما قام الباحث شوماخر ما يقرب من  1884م برصد عدد كبير منها في المنطقة ثم جرت بعض أعمال البحث والتحري التي شملت الأردن وفلسطين وجنوب سورية ومنطقة الهيجانة ومحيطها في ريف دمشق خلال منتصف القرن العشرين.
ولفت إلى أن الباحثين كلير ايبستن عام 1985 ومتانيه زوهار عام 1992 استطاعا تمييز ستة نماذج رئيسية من هذه المدافن منطلقين من الشكل والحجم والعمق علاوة على ملامح أخرى مثل حجارة الغطاء والجدران والحلقات التي تطوق المدافن ولعل أبسط أشكال الدولمن وأكثرها شيوعا هي التومولوس التي يعلوها ركام أو رجم من الحجارة وتحيط بها جدران حلقية الشكل.
وبين حمود انه عثر في منطقة الجولان على مئات مدافن الدولمن لعل أهمها وأضخمها موقع " رجم الهري " الواقع إلى الشرق من بحيرة طبريا بحوالي 16 كم والذي حيرت وظيفته الباحثين فاعتبروه مرصدا فلكيا أو حصنا أو مجمعا جنائزيا لملك منطقة باشان وهو بناء دائري يتألف من مدفن وعليه رجم من الحجارة في المركز يحيط بها أربعة جدران حلقية الشكل قطر أكبرها 150مترا وعرض الجدار 5ر3م وبقي من ارتفاعه بحدود 5ر2 متر مشيرا إلى أن آخر استخدام له كان في عصر البرونز الحديث ما يقرب من  1500-1200ق.م.
وأضاف "ربما كانت التنقيبات التي أجريناها في دائرة آثار ريف دمشق منذ عدة سنوات أحدث الأبحاث المتعلقة بالدولمن حيث جرى مسح منطقة واسعة غرب وجنوب دمشق تم من خلالها الكشف عن مئات من هذه المدافن شملت وعرات سعسع /30كم غرب دمشق/ وقرى منطقة الكسوة /25كيلو متر جنوب دمشق/ في الطيبة وخربة السعادة والديرخبية وزاكية التي جرى تنقيب عدد منها عام 2008 وقد ظهر أن أغلب هذه المدافن كانت ترتفع عن سطح الأرض المجاورة حوالي5ر2متر وقد يصل  إلى أمتار".
وتحيط بغرفة الدفن مجموعة من الجدران من 3 إلى 5 شبه دائرية الشكل يتراوح قطرها بين 7 و16مترا وهي مبنية من الحجارة البازلتية مصاطب دائرية ترتفع الواحدة عن الأخرى من الخارج باتجاه المركز بحدود 70سم ويتقاطع مع هذه الجدران جدران أخرى على شكل شعاعي.
وأوضح حمود أن وجود مساحة محددة بجدران مستقيمة الشكل أمام بعض هذه المدافن خارج الجدران الدائرية وبشكل متعامد عليها ربما كانت مخصصة مع الجدران الشعاعية لممارسة بعض الشعائر الجنائزية والدينية التي كانت تقام بشكل دوري لافتا إلى أن غرفة الدفن تقع في المركز وتتألف من قبر واحد وأحيانا قليلة من قبرين متلاصقين وتم حفر جزء من القبر أحيانا بالأرض وبناء جزئه الأعلى بالحجارة في حين أن أغلب المدافن بنيت بكاملها من الحجارة فوق الأرض.
ولفت إلى أن شكل القبر مستطيل واتجاهه غرب شرق طوله 200- 250 سم وعرضه 80 -100سم وارتفاعه 90 -110سم مبني من حجارة بازلتية متوسطة الحجم وتعلوه مجموعة من الحجارة لا يقل ارتفاعها عن المترين ويصل أحيانا لعدة أمتار.
وتابع  "إنه لم يتم العثور داخل القبور على هياكل عظمية أو أثاث جنائزي ما عدا أحدها الذي احتوى على أجزاء من جمجمتين لبالغين توضعتا في الجهة الغربية من القبر مع بعض العظام الأخرى وعثر على كسرة فخارية لقاعدة إناء كبير الحجم تبين من خلال تحليله في هيئة الطاقة الذرية بطريقة التألق الحراري أن تاريخه يعود لمنتصف الألف الرابع قبل الميلاد".
كما وجدت لقى من بينها فأس معدنية كنعانية بجوار أحد المدافن يعود تاريخها لعصر البرونز الوسيط الأول حوالي 1800قبل الميلاد ووجدت في مدافن أخرى كسر فخارية تعود للعصور الرومانية والبيزنطية.
وقال مدير آثار الريف: "إنه من المعتقد أن هذه المدافن تعكس عبادة تقديس الأسلاف وهي العقيدة التي عرفت منذ عصر النيوليت /الألف السابع/ في منطقتنا كما عرفتها الكثير من شعوب العالم".
وقد تطورت مع تعاقب الزمن لتأخذ أبنيتها شكل الدولمن الذي يعبر عن عقيدة مجتمع أقرب للحالة الرعوية منه للزراعية ومن المعتقد أن شكل المبنى يدل على ممارسة أشكال مختلفة من الطقوس والزيارات التعبدية للأسلاف الراحلين وكان يتم خلالها تقديم الكثير من القرابين والأضاحي المقدسة فيما يعرف في بلاد الرافدين بولائم الكيسبو.
وأشار إلى أن كبر وصغر حجم المبنى الجنائزي له علاقة بالأهمية الشخصية المدفونة فيه في المجتمع فكلما كبر حجم الدولمن وازداد الاهتمام به وبنوعية حجارته وكبر حجمها كلما دل على أهمية المدفون فيها.
وأضاف "إن الانتشار الواسع لهذه المدافن في سورية وفلسطين والأردن والبحرين خلال العصور البرونزية يدل بوضوح على أن استخدام هذا المدافن لم يعد يقتصر على النخبة من أفراد المجتمع بل شمل كل أفراد المجتمع ولكن مدافن النخبة ظلت تتميز بحجمها وتقنية بناء الجدران وضخامتها".
View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

فيلم مصري يوثق نقل مقتنيات توت عنخ آمون إلى…
هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المدعية العامة في باريس تكشف تفاصيل سرقة مجوهرات اللوفر…
أول ظهور لكنوز الملك توت عنخ آمون في المتحف…
وصول الوفود المشاركة في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير…

اخر الاخبار

ترامب يتواصل مع مادورو رغم التوتر وضربات الكاريبي
واشنطن تشنّ ضربات دقيقة على مخازن أسلحة داعش في…
مدير أمن السويداء يؤكد أننا نحاول وقف التصعيد قدر…
الجيش الباكستاني يحذر من تهديد النظام الأفغاني للمنطقة والعالم

فن وموسيقى

تكريم حسين فهمي بمهرجان مراكش الدولي عن مسيرته الفنية…
نجاة الصغيرة تعود للأضواء بزيارة دار الأوبرا ومدينة الفنون…
تايلور سويفت تتحول إلى قوة اقتصادية عالمية تتجاوز تأثيرها…
تكريم الفنانة المغربية لطيفة أحرار في إفتتاح مهرجان أيام…

أخبار النجوم

خسائر فادحة تطال كنوز بيرين سات وكنان دوغلو بعد…
بعد نجاحه في ورد وشوكولاتة أبرز أعمال محمد فراج…
سعد لمجرد يعود للقضاء في قضية اغتصاب جديدة
عمرو عبد الجليل يعلن موعد اعتزاله التمثيل ويكشف الأسباب

رياضة

ميسي يصنع الفارق بتمريرة ساحرة رغم عدم تسجيله أهداف…
حكيمي يخضع لبرنامج تعاف مكثف استعدادا لدعم أسود الأطلس
أوباميانغ أكبر هدافي دورى أبطال أوروبا 2025
رمضان صبحي يواجه الإيقاف أربع سنوات مع استمرار حبسه…

صحة وتغذية

دراسة جديدة توضح علاقة الشعر الأحمر ببطء التئام الجروح
مجموعة من الحلول لمشاكل تواجهها البشرة عادةً في الصباح
أفضل الأوقات لتناول الزبادي لدعم صحة الأمعاء بشكل طبيعي
"10 أطعمة يفضل تناولها يومياً إذا كنت تريد العيش…

الأخبار الأكثر قراءة

سرقة متحف اللوفر في باريس سبع دقائق هزّت فرنسا…
سرقة مجوهرات التاج الفرنسي تهز متحف اللوفر وتغلق أبوابه
وفاة الروائي المصري رؤوف مسعد مؤلف بيضة النعامة
المعرض المغاربي للكتاب في وجدة منصة للحوار الثقافي
مناطق القراءة في معرض الرياض الدولي للكتاب تمنح الزوار…