بكين - المغرب اليوم
تتجه الأنظار صوب بكين مع اجتماعات الحزب الشيوعي الصيني والتي سترسم ملامح السنوات الخمس المقبلة. تأتي الاجتماعات في أجواء مشحونة بالتوترات التجارية مع واشنطن، وفي ظل تحديات داخلية متراكمة، وهو الاجتماع الرابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، المعروف باسم "البلينوم الرابع"، والذي يعد من أبرز المحطات السياسية في البلاد لرسم السياسات المستقبلية.
الاجتماع المغلق، الذي يستمر 4 أيام، يهدف إلى وضع اللمسات الأخيرة على خطة الصين الخمسية الجديدة للفترة بين عامي 2026 و2030، وهي خارطة طريق اقتصادية وسياسية تحدد أولويات ثاني أكبر اقتصاد في العالم خلال السنوات المقبلة، وفقاً لما ذكرته "أسوشيتد برس"، واطلعت عليه "العربية Business".
تتصاعد حدة التوترات التجارية بين بكين وواشنطن، وسط ترقب للقاء محتمل بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأميركي دونالد ترامب خلال قمة إقليمية مرتقبة هذا الشهر.
ويشارك في الاجتماع نحو 370 عضواً من اللجنة المركزية للحزب، بقيادة شي، وسط توقعات بإجراء تغييرات في بعض المناصب القيادية، رغم أن تفاصيل هذه التغييرات قد لا تكشف إلا بعد أيام أو أسابيع.
ورغم أهمية الاجتماع، لا يتوقع خبراء الاقتصاد أن تحمل الخطة الجديدة تغييرات جذرية في الشكل أو المضمون مقارنة بالخطط السابقة. إذ يقول لين سونغ، كبير الاقتصاديين في بنك "ING" لمنطقة الصين الكبرى، إن الحزب غالباً ما يلتزم بنمط تقليدي في صياغة خططه الخمسية.
ومن المنتظر أن تعلن التفاصيل الكاملة للخطة خلال الدورة السنوية لمجلس الشعب الصيني في مارس المقبل.
بحسب تقديرات البنك الدولي، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.8% هذا العام، وهو رقم قريب من الهدف الرسمي البالغ نحو 5%. لكن هذا النمو يواجه تحديات كبيرة، أبرزها تداعيات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، إلى جانب مشكلات داخلية مزمنة مثل ضعف الاستهلاك وتراجع الاستثمار.
وتتصدر جهود تعزيز الإنفاق الاستهلاكي والاستثمارات، إلى جانب الحد من فائض الطاقة الإنتاجية في بعض الصناعات، قائمة الأولويات الاقتصادية. كما يتوقع أن يركز شي على دفع الصين نحو الريادة العالمية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي.
وتسارعت وتيرة السعي نحو "الاكتفاء الذاتي التكنولوجي"، خاصة في ظل تشديد واشنطن قيودها على تصدير الرقائق الإلكترونية ورفع الرسوم الجمركية، ما دفع بكين إلى زيادة الإنفاق على الابتكار والتقنيات المتقدمة.
من الأسئلة المطروحة بقوة: هل ستتخذ القيادة الصينية خطوات أكثر جرأة لتحفيز الاستهلاك؟ حتى الآن، اكتفت الحكومة بإجراءات تدريجية مثل دعم رعاية الأطفال، وتقديم قروض استهلاكية، وبرامج استبدال الأجهزة المنزلية والسيارات الكهربائية.
لكن ثقة المستهلكين لا تزال متأثرة بانهيار سوق العقارات قبل سنوات، ما أدى إلى تقليص الإنفاق لدى الأسر، بحسب نينغ زانغ، كبير الاقتصاديين في بنك "UBS".
ويشير خبراء إلى أن الصين بحاجة إلى تحركات أكثر قوة لتغيير هذا الواقع، خاصة في ظل المنافسة الشرسة التي تشهدها بعض القطاعات مثل صناعة السيارات، والتي تعاني من فائض في الإنتاج.
منذ أزمة كورونا، تكافح الصين لإعادة الزخم إلى اقتصادها، لكن أزمة القطاع العقاري شكلت عقبة كبيرة، تسببت في تسريح واسع للعمالة، وتراجع الإنفاق الأسري مع انخفاض أسعار المنازل.
ولفتت أستاذة الاقتصاد في جامعة "إنديانا" ويندي لويترت، إلى أن الحكومة لا تزال مترددة في زيادة الإنفاق على قطاعات حيوية مثل التعليم والرعاية الصحية ورعاية الأطفال وكبار السن، رغم أهميتها في تحقيق التوازن الاقتصادي.
وتواجه الصين أيضاً تحدياً ديموغرافياً متصاعداً، مع بدء تراجع عدد السكان وتسارع وتيرة الشيخوخة، حيث بلغ معدل البطالة بين الشباب من عمر 16 إلى 24 عاماً نحو 19%، ما يهدد مساهمتهم في النمو الاقتصادي.
وضعت القيادة الصينية هدفاً طموحاً يتمثل في مضاعفة حجم الاقتصاد بحلول عام 2035، وهو ما يتطلب الحفاظ على معدل نمو يتراوح بين 4% و5% سنوياً، وهي مهمة وصفها زانغ بأنها "صعبة ولكن ضرورية".
وأضاف زانغ: "ما يهم القيادة الصينية هو الاستقرار، والشرعية، والدعم المستمر. لذلك، من المهم أن تظهر قدرتها على تحسين جودة الحياة، لأنها الركيزة الأساسية لشرعيتها أمام الشعب".
قد يهمك أيضــــــــــــــا
الرئيس الصيني يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة