الرئيسية » عالم الاقتصاد والمال
مصرف لبنان

بيروت - المغرب اليوم

اتَّسمت جلسة المفاوضات التي عقدت الخميس، بين ممثلي صندوق النقد الدولي والوفد اللبناني بانتقادات واسعة وجّهها ممثلو الصندوق لحاكم مصرف لبنان  رياض سلامة عن حجم الخسائر المتراكمة في بنية النظام المالي وكيفية توزيعها. فقد أوضح ممثلو الصندوق أن حجم الخسائر المتراكمة بحسب تقديراتهم يبلغ 150 ألف مليار ليرة (نحو 100 مليار دولار، وفقاً لسعر الصرف الرسمي)، أي أنه يوازي حجم الخسائر التي حدّدتها خطة الحكومة (نحو 83 مليار دولار)، باستثناء قيمة الذهب الذي يملكه مصرف لبنان، وأن توزيع الخسائر يجب أن يكون من خلال حماية صغار المودعين من التضخم، ومنح كبار المودعين أسهماً في المصارف الجديدة الناشئة.

وأعلن سلامة رفضه لهذه التقديرات فردّ بأن هذا الحجم من الخسائر يعني تحميل مصرف لبنان مسؤولية الخسائر الناتجة من إعلان الدولة توقفها عن سداد الديون، بينما يجب تحميل الدولة جزءاً من هذه الخسائر وإجبارها على تعويضها عن طريق الأصول التي تملكها. كذلك أشار إلى أن إطفاء هذه الخسائر سيشكل ضرراً على المودعين، وخصوصاً أنه ستكون هناك عملية هيركات على ودائعهم. لذا اقترح سلامة على ممثلي الصندوق أن يتم تقسيط الخسائر على فترات طويلة.ما لم يقله سلامة، أنه يتبنّى الخطّة البديلة التي كشفت عنها المصارف أخيراً، بل بدا كأنه أحد معدّيها، لأن جمعية المصارف قدّمت الطرح نفسه، أي تعويض الخسائر من خلال وضع اليد على أصول الدولة وتقسيط الخسائر من خلال طبع المزيد من الكتلة النقدية بالليرة.

عندها أجاب ممثلو الصندوق، بأنه ليس هناك دولة في العالم يعمل فيها المصرف المركزي بالطريقة التي يعمل فيها في لبنان، أي أنه اقترض من المصارف وأقرض الدولة بنسب مرتفعة أدّت إلى زيادة مستوى المخاطر على أموال المودعين. كذلك أوضحوا أن تقسيط الخسائر بالطريقة التي يطرحها سلامة سيؤدي إلى طباعة الكثير من الأموال بالليرة، ما يؤدي إلى تضخم واسع وإلى مزيد من التدهور في سعر صرف الليرة الذي قد يصل في هذه الحالة إلى 10 آلاف ليرة مقابل الدولار، وربما يصل إلى 20 ألف ليرة، لذا من الأفضل أن ينخرط كبار المودعين في عملية شطب الخسائر من خلال منحهم أسهماً مقابل الخسائر اللاحقة برساميل المصارف، وحماية صغار المودعين من التضخّم الذي قد ينشأ عن طباعة النقود.ردّ سلامة بأن الأسهم التي ستمنح لكبار المودعين مقابل عملية شطب الخسائر لا تساوي شيئاً في مصارف تحمل كل هذه الخسائر في ميزانياتها.أجاب ممثلو الصندوق بأن مصرف لبنان فرض على المصارف رسملة نفسها، وبالتالي فإن الأسهم التي ستمنح للمساهمين مقابل شطب الخسائر في الميزانيات، ستمنح لهم في المصارف الجديدة الناشئة من عملية إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وبالتالي ستكون ذات قيمة، وخصوصاً إذا نفذت المصارف زيادة رساميلها.

هذا السجال "التأنيبي" بين وفد صندوق النقد وسلامة، يعكس توجّهاً داخل جلسات التفاوض، وخارجها، يتصل تحديداً بتقديرات خسائر القطاع المالي اللبناني. فـ"خطة التعافي" الحكومية حددت تقديرات، يعارضها كل من سلامة وأصحاب المصارف الذين قدّموا بدورهم خطة لمواجهة خطة مجلس الوزراء. ويجري العمل خارج جلسات التفاوض على "توحيد الأرقام" بين الحكومة والمصارف. وفي جلسة اللجنة الفرعية النيابية، التي عُقِدت أول من امس، قال وزير المال غازي وزني إن الحكومة أخطأت بعدم إشراك المصارف في نقاش الخطة، وإن اجتماعات ستُعقد الأسبوع المقبل سعياً إلى توحيد الأرقام. ويؤدي رئيس لجنة المال والموازنة النيابية، إبراهيم كنعان، دوراً في "تقريب وجهات النظر" بين المصارف من جهة، ووزارة المال من جهة أخرى.
وتنطلق المصارف في مفاوضاتها مع الحكومة من ضرورة تحميل الدولة مسؤولية كل الخسائر الناتجة من السياسات التي اعتُمِدت على مدى 3 عقود. وتقترح المصارف، مدعومة بعدد من القوى السياسية، كتيار المستقبل والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، أن يتم إنشاء صندوق توضع فيه ممتلكات عامة، كعقارات الدولة وشركتي الخلوي ومؤسسات تابعة لمصرف لبنان كطيران الشرق الأوسط وكازينو لبنان وغيرها، لتُستخدم إيراداتها في إطفاء الخسائر. بكلام أوضح، يريد أصحاب المصارف تجنّب تحمّل أيّ مسؤولية عن الخسائر التي شاركوا في التسبّب بها، والتي جنوا منها أرباحاً طائلة على مدى عقود. كذلك تسعى جمعية أصحاب المصارف إلى إسقاط الاقتراح الوارد في الخطة الحكومية، والرامي إلى استخدام كامل رساميل المصارف في عملية إطفاء الخسائر، لأن ذلك سيؤدي عملياً إلى شطب ملكيات المصارف الحالية، وإجبار المالكين الحاليين على ضخ رساميل جديدة للحفاظ على ملكياتهم، مع إمكان دخول مالكين جدد على الخط. ويسعى أصحاب المصارف إلى عقد اتفاق جانبي مع الحكومة، قبل نضوج المفاوضات مع صندوق النقد، لتفادي فرض الأخير إدخال كامل الرساميل في عملية إطفاء الخسائر، فموازين القوى الداخلية تسمح للمصارف بفرض وجهة نظرها، وهو ما لن يكون متاحاً، ربما، في حال خضوع البلاد لوصاية صندوق النقد عبر برنامج توافق عليه الحكومة ومجلس النواب.

قد يهمك ايضا

الليرة اللبنانية تسجل أدنى مستوى و"حزب الله" يحمل حاكم البنك المركزي المسؤولية

سياسيون يُهاجمون حسان دياب بعد تصريحاته ضد حاكم مصرف لبنان

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وكالة فيتش مصر والمغرب في صدارة النمو الاقتصادي بشمال…
تراجع معدل البطالة في المغرب إلى 12.8٪ خلال الفصل الثاني…
المغرب يتصدر دول أفريقيا في جاذبية الاستثمار المعدني
احتياطي المعاشات في المغرب يسجل 59 مليار درهم
بنك المغرب يُحذر من إنهيار أنظمة التقاعد ويُطالب بإصلاح…

اخر الاخبار

النمسا ترفض توسيع العمليات الإسرائيلية في غزة وتدعو لتخفيف…
البرلمان العربي يستنكر قراراً إسرائيليًاً بإعادة احتلال قطاع غزة
صندوق الثروة السيادي النرويجي سيتخذ خطوات بشأن إسرائيل
السيسي والملك عبد الله يتحدثان مع عباس ويدينان قرار…

فن وموسيقى

نبيل شعيل يعود الى الحفلات في مصر بعد غياب…
أصالة تعلن موعد زيارتها الأولى إلى سوريا بعد غياب…
رحيل الفنان لطفي لبيب عقب مسيرة فنية حافلة بالعطاء…
محمد فراج يعود بمسلسل كتالوج في تجربة إنسانية عميقة…

أخبار النجوم

كارمن سليمان تؤكد أن خلافة أنغام شرف كبير لها
بدرية طلبة ترد بإجراء قانوني حاسم بعد اتهامها بتجارة…
مي عمر تستعد لرمضان 2026 بمشروع درامي جديد بدون…
في الذكرى الرابعة لرحيل دلال عبد العزيز استذكار لأبرز…

رياضة

قائمة المرشحين لجائزة الكرة الذهبية 2025 وتشيلسي وبرشلونة في…
محمد صلاح يتلقى عرضاً خيالياً جديدًا من الدوري السعودي
اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس
محمد صلاح يحافظ على مكانه ضمن قائمة الأعلى أجراً…

صحة وتغذية

بشرى لمن يريد خسارة الوزن بعد تصنيع دواء يفقد…
اكتشاف دور فيروس الورم الحليمي البشري بيتا في تحفيز…
منظمة الصحة العالمية تعلن أن غزة تسجل أعلى معدل…
قضاء 15 دقيقة يوميًا في الطبيعة قد يكون الحل…

الأخبار الأكثر قراءة

باريس تدعو لتمديد مهلة ترامب لمحادثات التجارة مع الاتحاد…
ترامب يعلن اتفاقاً تجارياً مع الصين يشمل تسليم معادن…
سلطنة عمان أول دولة خليجية تفرض ضريبة دخل على…
الاتحاد الأوروبي يحسم موقفه من تهديدات ترمب الجمركية بين…
جدل واسع يثيره منشور ترامب حول سماح محتمل للصين…