الرئيسية » عالم الاقتصاد والمال
الكاش تحت المجهر

الرباط - المغرب اليوم

بينما لا يزال باب “التعليق العمومي” على مقتضيات نسخة مشروع القانون لتنظيم وتقنين الأصول المشفرة والعملات الرقمية في المغرب مفتوحا خلال شهر نونبر الجاري، قبل وصولها مسار المصادقة في مجلس الحكومة ثم الإحالة إلى البرلمان للمناقشة التشريعية، أثار خبراء التكنولوجيا الرقمية إمكانيات وضع إطار تشريعي وتنظيمي متكامل يضمن التوازن بين تشجيع الابتكار المالي وبين حماية الاستقرار الاقتصادي ومصالح المتعاملين، مع “توجيه استخدام الأصول الرقمية نحو مسارات رسمية وآمنة”.

وفي هذا الإطار، تبرُز أهمية مشروع تقنين العملات الرقمية بوصفها رافعة مهيكلة لتقليص حجم المعاملات النقدية غير المرقمنة، ومحاربة الاقتصاد غير المهيكل، وتعزيز الشفافية في النظام المالي الوطنية. وشدد خبراء ماليون ومختصون في التكنولوجيا المالية على أن “العملات الرقمية والأصول المشفرة فرصت نفسها واقعا ماليا لا يمكن تجاهله؛ لِما تتيحه من إمكانات الابتكار في مجالات الأداء والتمويل والخدمات المالية اللامركزية”.

“المغرب انتقل من مرحلة المنع إلى مرحلة التقنين الواعي للعملات الرقمية، في تحول يعكس مقاربة براغماتية تتوسط بين “الحظر الفاشل وبين الانفتاح غير المنضبط”، التأكيدُ هنا لبدر بلاج، خبير مالي متخصص في تحليل أسواق العملات الرقمية.

هذا التوجه الجديد، أضاف بلاج ، يأتي “استجابة للواقع الميداني الذي أثبت أن المنع لم يحد ديناميات التداول؛ بل غذى السوق الموازية، حيث بات المغرب يُصنف ضمن الأسواق النشيطة في هذا المجال، محتلا المرتبة الرابعة والعشرين عالميا من حيث حجم التعاملات بالأصول المشفرة”.

وأوضح المحلل المالي المتابع لأسواق الأصول المشفرة أن “التحول المغربي يتماشى مع تغير مواقف الهيئات المالية الدولية؛ وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومجموعة العشرين، التي باتت تدعو إلى تقنين الأصول الرقمية بدل منعها، انسجاما مع توصيات مجموعة العمل المالي (FATF) الهادفة إلى الحد من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.

وأردف بالشرح: “العالم يعيش، اليوم، سباقا محموما بين القوى الاقتصادية الكبرى حول ضبط مجال العملات الرقمية؛ بما في ذلك العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDC)، وهو ما يجعل المغرب في موقع المُطالَبِ بالاستعداد القانوني والمؤسساتي لتلك المرحلة المقبلة”.

واستحضر بلاج “استلهامَ مشروع القانون المغربي في خطوطه العريضة النموذج الأوروبي (MiCA)، مركزا على ثلاثة أهداف رئيسية: حماية المستهلك، ضمان الاستقرار المالي، وخلق بيئة مشجعة للابتكار”. مع تضمينه “بعدا حمائيا واضحا من خلال حصر إصدار العملات المستقرة في البنوك ومؤسسات الأداء، وتصنيف الأصول الرقمية باعتبارها “أصولا مشفرة” وليست أدوات أداء قانونية. كما يفتح الباب أمام الاستثمار المنظم عبر نظام للترخيص والرقابة على مزودي خدمات الأصول المشفرة، بما يجذب شركات عالمية تبحث عن أطر قانونية واضحة ومستقرة”.

ولفت الخبير ذاته إلى أن “مشروع القانون يستثني في مرحلته الحالية مجالات مثل الدرهم الرقمي، والتمويل اللامركزي (DeFi)، والتعدين، والأصول المالية الاستثمارية، مشيرا إلى أن مشروع الدرهم الرقمي المغربي يظل مسارا طويل الأمد لم تُعلن السلطات المالية بعد عن موعد إطلاقه، وهو يُعد أقربَ إلى بديل محلي من العملات المستقرة أكثر من كونه منافسا مباشرا للعملات المشفرة العالمية”.

وختم: “هذا التحول يمثل فرصة لتقوية الثقة في النظام المالي الوطني، وخفض تكاليف التحويلات العابرة للحدود، ودعم الشمول المالي، شريطة مواكبة التقنين بحملات للتثقيف المالي وحوافز تشجع الاستعمال المسؤول”.

زهير لخديسي، خبير متخصص في قضايا التكنولوجيا والرقميات، سجل أن “توجه المغرب نحو تقنين الأصول والعملات المشفرة في مشروع القانون المعروض على التعليق العمومي يُعد الخيار الصحيح بدل المنع”.

وأوضح لخديسي، أن “أكثر من مليون مغربي يستخدمون هذه الأصول (تقديرات غير رسمية في 2022)؛ ما يجعل المنع غير مُجدٍ، في حين أن التنظيم القانوني يحمي الأفراد وادخارهم ويصون المصلحة العامة. كما يسهم في جذب استثمارات وشركات رائدة في مجال التشفير ويؤمن ولوجا واستعمالا أفضل مع تقليل المخاطر المرتبطة بهذه المعاملات”.

وتابع الخبير المتخصص في قضايا التكنولوجيا والرقميات أن “اعتماد العملات الرقمية يمكن أن يسهم في تقليص التعامل بالنقد التقليدي، الذي يغذي الاقتصاد غير المهيكل ويُسهل بعض الجرائم المالية وتمويل الإرهاب”، مشددا على “ضرورة التمييز بين الأصول المشفرة المتقلبة والخطرة وبين العملة الرقمية المستقرة التي تُصدرها سلطات الدولة المالية: مثل “الدرهم الإلكتروني”.

ولم يفت لخديسي التنبيه إلى كون “جهود المغرب السابقة في الدفع عبر الموبايل” لم تحقق الأثر المطلوب بسبب ضعف حالات الاستخدام وتخوف التجار من الرقابة الضريبية، مردفا بالتأكيد على أن “نجاح الدرهم الرقمي مرتبط بخلق حالات استخدام عملية ويومية واضحة، تشمل المدفوعات اليومية والتحويلات وتبادل الأموال، بما في ذلك عبر الحدود، وليس الاكتفاء بالتصميم النظري فقط”.

وختم المصرح بالإشارة إلى أن “عملات البنوك المركزية الرقمية أكثر أمانا من العملات المشفرة؛ لأنها مدعومة وصادرة عن البنك المركزي وخالية من تقلبات حادة”، مستشهدا بتجارب دولية في السويد والصين ونيجيريا، مع التأكيد على أن “الهدف هو موازنة الحماية وتيسير الاستخدام لخفض الاعتماد على النقد وتعزيز الاقتصاد الرسمي”.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

بنك المغرب يطالب بتسريع إقرار قانون العملات الرقمية بعد ثلاث سنوات من الإعداد

مجلس الحكومة المغربية يعقد إجتماعه الخميس برئاسة عزيز أخنوش لبحث مشاريع مراسيم وإتفاقيات جديدة

 

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الرباط والدار البيضاء ومراكش تتصدر تصنيف القوة الشرائية الإفريقية
المغرب يعدل التشريع لرفع رسوم الاستيراد على العديد من…
افتتاح خط جوي بين الدار البيضاء والسمارة يعزز التنمية…
لقجع يؤكد رفع ضريبة السجائر الالكترونية يزيد التهريب ولا…
بورصة الدار البيضاء تتراجع اليوم مع انخفاض مؤشر مازي

اخر الاخبار

بري يدافع عن حزب الله ويؤكد عدم صحة اتهامات…
الملك محمد السادس يهنئ محمود عباس بالعيد الوطني لبلاده…
وزير الخارجية السوري يؤكد أن حكومته تسعى لتفادي التصعيد…
حزب التقدم والاشتراكية يعارض مشروع قانون المالية 2026 ويبرز…

فن وموسيقى

نانسي عجرم تكشف أسرار نجاحها والصعوبات التي واجهتها في…
يسرا تتسلّم وسام الشرف الفرنسي تقديراً لمسيرتها الفنية الطويلة
كريم محمود عبد العزيز يعلن انفصاله رسميا مؤكدا الطلاق…
منى زكي تكشف أسباب ابتعادها عن الوسط الفني ودخولها…

أخبار النجوم

حلا شيحة تدافع عن صديقتها دينا الشربيني وتوجه رسالة…
بسمة بوسيل تكشف حقيقة ندمها على الزواج من تامر…
فجر السعيد توضح تفاصيل وضعها الصحي وتوجه رسالة مؤثرة…
وائل جسار يحسم الجدل حول انفصاله عن زوجته ويؤكد…

رياضة

ميسي وسالم الدوسرى يتفوقان على نجوم العالم فى الأداء…
مبابي يتعهد بتكريم ضحايا هجمات باريس خلال مواجهة أوكرانيا
رونالدو يوضح مقصده من كلمة "قريباً" حول نهاية مسيرته
إصابة المغربي أشرف حكيمي تتحول إلى مكسب تجاري ضخم…

صحة وتغذية

طريقة بسيطة تساعد في التغلب على الحزن والاكتئاب
دراسة تكشف أن الشاي الأخضر والجوز يساهمان في إبطاء…
الصحة العالمية تحذر من وفاة أكثر من مليون شخص…
دراسة تكشف فحصًا جديدًا أدق لتشخيص أمراض الكلى

الأخبار الأكثر قراءة

السعودية والمغرب تتجهان لمضاعفة حجم التجارة البينية
المغرب ضمن أبرز عشر دول إفريقية في جذب الاستثمارات…
أوبك بلس تقر زيادة إنتاج النفط بـ137 ألف برميل…
المغرب يخطط لاستيراد ثلاثة ملايين طن من القمح الفرنسي
ترمب يحمّل الديمقراطيين مسؤولية الشلل الحكومي ويبدأ إقالة موظفين