الرئيسية » القضايا والأحداث الفنية
صورة من الأرشيف لكباريه في المغرب

الدار البيضاء - سعيد بونوار

  هن لسن كائنات من عالم آخر، هن لا يرمقن الشمس إلا لِماماً، هن لا يجلسن على مائدة الإفطار برفقة الزوج والأبناء، لا يشاهدن نشرة الأخبار الأخيرة ولا يقصصن لأبنائهن حكايات الذئب وليلى، يبدأن نهارهن عندما ينتهي عند الآخرين، ويبدأ ليلهن مع بزوغ شروق جديد، هن يمشين عكس عقارب الساعة والمجتمع والأعراف والطبيعة، هن باحثات عن خبز بين نيران حارقة. هن نساء يتوشحن بالسواد، يتسللن في خلسة، ويعودنّ دون أن يزعجن النائمين، هن مبدعات الليل، وضحايا مجتمع لا يلتفت إلى نجومه هن صناع الفرح، المكتويات بنار الحاجة، هن الوجه السعيد لأمة تفتح نوافذها وأوكارها لعشاق السهر، هن محاربات الخفافيش المسلحات بالأحلام والأوهام والوعود التي لا تتحقق، هم..هن نجوم الليل.
  عندما تطاردك الأحزان، وتلاحقك الهموم، تحمل آلامك وتقصد علبة ليل، أو مطعما أو منتزه فندق..هناك تجدهن في انتظارك، مستعدات لطي مشاكلهن نظير إسعادك، متأهبات لقتل الكرب الذي يعتصر فؤادك، يغنين لك أعذب الألحان دون أن يجدن ما يغنيهم عن مذلة الاستجداء بـ"يافطة" "النقطة أو "لغرامة" بتعبير المغاربة، يعزفن لك على أجمل الأوتار دون أن تتدخل أنامل الإنقاذ من أجل الالتفات إلى فئة من الفنانين والفنانات المواطنين المحرومين من الحق في العمل في النور.
  عصافير تصدح، فلا تجد غير أقفاص الاستغلال في انتظارها كل يوم، ومزامير تطلق أعذب الأنغام فلا تجد غير من يكسر صلابتها بكلام الليل الذي لا يمحوه النهار.. هن أيضا يتألمن وخير عزاء "الله يعفو علينا وعليهم".
   قبل أن يرخي الليل سدوله داعيا الأجساد إلى الاسترخاء والنوم، تتسلل مغنيات وراقصات من دروب أحيائهن الشعبية في اتجاه ملاهي وكباريهات المدينة، ولعل أشهرها "عين الذئاب"، فنانات بعضهن مشهورات ولكن انحسار فرص العمل يدفع بالكثيرات منهن إلى كهوف الكباريهات حيث يتجرعن فنونا من التعذيب.
  تجمع فنانات الليل على أن ابتساماتهن للزبائن وهن يغنين أو يرقصن إنما تخفي جبالاً من الآلام، كلهن راغبات في البقاء في البيت في أحضان الأسرة، أو الظفر بمهنة نهارية تنتهي على مائدة العشاء مع الأبناء، ولكنه القوت المر الذي يدفعهن إلى كسب يجمع المجتمع على أنه حرام أو هو غير شريف.
   وتروي مطربة "كباريه" مشهور لـ"المغرب اليوم" "معاناتنا مع الأجرة تفوق بكثير معاناتنا من الزبائن الذين في أغلبهم سكارى ومجرمون ولصوص بأزياء مختلفة يأتون إلى الكباريهات لنسيان جرائمهم".
  وتضيف "لا أخفيك سرا أن أجرة أشهرنا لا تتعدى 30 دولاراً في اليوم (250 درهما مغربيا)، وأيام اشتغالنا لا تتجاوز الجمعة والسبت ولا نملك أي حقوق أخرى بالشكل الذي يملكه مهنيون في وظائف أخرى يداومون ما بين التاسعة صباحا إلى ما بعد الظهيرة".
  وتوضح صديقتها "نحن في حياة الليل كالمقامرين، كل يوم نقول إن غدا سيكون الأفضل، والواقع أن كباريهات المغرب لم تعد كما كانت في السابق، القادمون من الخليج باتوا يفضلون دول آسيا أو برامج" خليك في البيت"، والمحليون مستعدون للشجار والعراك وسفك الدماء أكثر من الدفع للمطربات أو الراقصات".
  سيناريو ألم يومي، ينتهي في كثير من الأحيان في أقسام الشرطة، وتكون فيه المطربة إما شاهدة أو ضحية، فعشاق السهر لا يميزون بين الفنانة المحترمة التي تدفعها الظروف إلى العمل في الليل، وبين من تعرض جسدها للبيع"، وكلاهما ضحايا فقر أو نزوة.
  مطربات وفنانات الليل بعيدات عن الواقع، وكثيرات لا يعلمن بخبر أو حادث إلا في الأعياد الدينية حيث تغلق هذه العلب أبوابها، المتزوجات وهن فئة قليلة لا يعلمن شيئا عن أبنائهن، والعازبات ينتظرن الارتباط بمن ينقذهن من براثن السهر أو شريك حياة من العاملين في المجال نفسه لتكون حياتهم جولات ملاكمة وخصاماً كل يوم، ولا غرابة أن تكون أكثر نجمات الليل مطلقات.
  اعتبرت النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة أن الفنانين والفنانات الذين يعملون في الأماكن العمومية والملاهي الليلية لا حقوق لهم، في غياب وزارة التشغيل ومفتشي الشغل.
 وطالبت النقابة، في بيان صادر في الموضوع، وزير التشغيل والتكوين المهني بمناقشة حالة هذه الفئة من الفنانين، وأكدت أن "ما تتعرض له الشغيلة الفنية من إهمال ولا مبالاة واستغلال من طرف أرباب الملاهي الليلية والفنادق لا يعرفه ولا يحس به إلا هؤلاء الفنانون الذين حكمت عليهم ظروفهم بالعمل في الأماكن العمومية، في ظروف قاسية ويقضون ليالي وأعواماً طويلة بلا تقاعد ولا تغطية صحية ولا عطل ولا تعويضات".. بل إنهم يعملون وأجرهم هو "النقطة" بلغة المشارقة أو "لْغْرامة" عند نظرائهم المغاربة.
  وقال نقيب نقابة المهن الموسيقية أحمد العلوي إن وضعية الفنانين الذين يعملون في الملاهي الليلية ظالمة وأن الفئة سالفة الذكر تعاني من ظلم واستغلال بشِع من لدن أصحاب هذه  الأماكن الترفيهية.
  هكذا تجتمع هموم الدنيا فوق رؤوس نجوم الليل، ممن يعتقد الكثيرون أنهم يعيشون في فضاءات السعادة والترويح عن النفس.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

نقل لطفي لبيب إلى المستشفى بعد تدهور حالته الصحية
شيرين عبد الوهاب وفضل شاكر يجهزان أغنية جديدة في…
حضر لمدة ساعة وغادر بسرية قصة ظهور عادل إمام…
بعد جدل مهرجان موازين نقابة الموسيقيين في مصر تحتفي…
تفاعل مع رفض فرقة بوب فيلان اتهامات "بمعاداة السامية"…

اخر الاخبار

واشنطن تفرض عقوبات على شبكة تهريب نفط وغسل أموال…
قسد تؤكد استحالة تسليم سلاحها في الوقت الراهن
مصادر فلسطينية الوسطاء يضغطون لإنجاز اتفاق غزة خلال أيام
لجنة التحقيق بأحداث الساحل السوري حددت 298 مشتبهاً بتورطهم…

فن وموسيقى

أنغام تنفي إصابتها بسرطان الثدي وتطمئن جمهورها قبل طرح…
لطيفة تؤكد أن ألبوم "قلبي ارتاح" يعكس روحها وأعادت…
جيهان الشماشرجي سعيدة بتجسيد دور مركب ومعقد في فيلم…
نانسي عجرم تكشف لمحة أولى من ألبومها المنتظر "Nancy11"…

أخبار النجوم

إيمان العاصي تقود مسلسل "قسمة العدل" في دور بطولة…
ياسمين رئيس وأحمد السقا يجتمعان في فيلم "هيروشيما" المنتظر
حسام حبيب يكسر الصمت ويعتذر لشيرين عبد الوهاب أمام…
صفاء أبوالسعود تقدم أغنية للمرأة المصرية بعنوان سن الستات

رياضة

قطر مرشحة لاستضافة النسخة الثانية من مونديال الأندية
والد لامين يامال يعلق على أزمة احتفال "عيد الميلاد"
أندية سعودية تبدي اهتمامها بضم يوسف النصيري
المغربي يوسف العربي ينضم لنانت الفرنسي

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي يكشف تفاصيل مرسوم جديد لخفض أسعار…
ابتكار طبي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتشخيص أمراض القلب بشكل…
التمارين الرياضية تفتح باب الأمل للتخلص من الأرق وتحسين…
مناطق منسية تقلل فاعلية الواقي الشمسي رغم اهميته الكبيره…

الأخبار الأكثر قراءة

مهرجان عمّان السينمائي يكشف عن برنامج دورته السادسة بمشاركة…
تايلور سويفت تستعيد حقوق تسجيلاتها الأصلية بعد سنوات من…
القائمة الكاملة لجوائز مهرجان كان السينمائي 2025 تتويج للإبداع…
بيان جديد من أسرة عبد الحليم حافظ يرفض مزاعم…
حسين فهمي يؤكد أن هوليوود لم تعد القبلة الوحيدة…