الرئيسية » التحقيقات السياحية
جامع الفنا

الرباط - المغرب اليوم

تعود الحياة تدريجيا إلى ساحة جامع الفنا بمراكش بعد فاجعة زلزال الحوز التي أبعدت الرواج السياحي المعهود، الذي أصبحت تحكمه “قواعد جديدة”.في قلب الساحة تظهر وجوه السياح بعد غياب مفاجئ لتعود معها نشاطات مختلفة، غير أن ذلك يبدأ بشكل “تدريجي وفي مناطق محددة”، فيما تبقى الأماكن العتيقة كحي الملاح شبه مهجورة، ومن يلجها يكون بدافع “حب الاستكشاف”.
تضرر القطاع

“الحركة كترجع شوية بشوية، ولكن الإقبال ضعيف بزاف، وكاع السياح اللي كيجيو كيمشيو بالزربة”، هكذا يقول يوسف، الذي يمتهن مهنة “استعراض القردة”، مورده الوحيد في مدينة مراكش.

ويضيف يوسف “منذ الصباح وإلى حدود الساعة لم أحصل على مقابل مادي كما عهدت ذلك قبل فترة الزلزال، إذ بالكاد أجد مجموعة من السياح يقبلون على مهنتي، لكن الوضع الحالي بدأ فعلا في التحسن وإن بتثاقل”.

أثر الزلزال على الوضع الاقتصادي ليوسف، المهزوز أصلا كما باقي العاملين بالقطاع، وكما هو حال عبد المغيث الملقب بـ”الصحراوي”، الذي يمتهن النقل عبر الدراجات التقليدية، إذ يقول: “منذ ليلة الجمعة علمت أن السياح سيذهبون”.

ويسرد “الصحراوي” تفاصيل آخر يوم قبل تأثر القطاع جراء الزلزال، قائلا: “كنت أقل سياحا بريطانيين كآخر رحلة في اليوم، وبينما أنا عائد إلى منزلي اهتزت الأرض تماما، ومنذ ذلك الحين أصبح موردي المالي الوحيد غير كاف”.

“السياح حاليا قليلون، لكنهم يعودون بشكل تدريجي، وهو أمر نأمل أن يحقق انتعاشة جديدة تعيد إلى مراكش رونقها المعتاد، الذي تجاوزنا معيقاته هذا العام بشكل كبير”، يورد المتحدث.

في الطريق إلى حي الملاح حيث آثار الزلزال لا تزال قوية، يعطي أصحاب المنتوجات التقليدية ارتساماتهم حول الوضع السياحي بالمدينة، إذ قال أحدهم: “السياح قليلون للغاية، والزلزال فعل فعلته، إذ لم يقتصر الدمار على المباني، بل وصل إلى جيوبنا”.

استكشاف خراب حي الملاح

لا يزال الخراب سيد الموقف هنا بحي الملاح، فيما تستعيد الساكنة حياتها كما كانت رغم الإحساس بخيبة الأمل جراء غياب السياح، الأمر الذي ولّد “آثارا قاسية” على البعض، منهم جلال الدرداري (رسام لوحات فنية)، الذي قال: “لم أعد أرى السياح في حي الملاح. يوم أمس صادفت أحدهم، وكان قدومه بهدف استكشاف المنازل المنكوبة، ثم العودة إلى فندقه بشكل سريع”.

ويضيف “السياح هنا خائفون، ولا يرغبون مجددا بالمبيت في الفنادق العتيقة ( الرياض)، حيث يخافون سقوطها عليهم في أي وقت، وهو أمر أثر على هذا الحي بشكل كبير”.

ويتابع قائلا: “نحن عائلات قطاع السياحة أيضا بحاجة إلى مساعدات عاجلة، فأنا مثلا ليس لدي اليوم ما أطعم به أبنائي بسبب عدم إقبال الأجانب الذين عادة ما كانوا يحجون إلى لوحاتي”.

ويرى المتحدث أن “هذا الزلزال أعاد ملامح جائحة “كورونا”، إذ أصبحنا نعيش مثل الوضع الذي كنا نعيشه خلال إعلان رفع الحجر الصحي، إذ كان السياح هنا نادرون”.

ويطالب الدرداري، كما باقي المهنيين في القطاع، بـ”ضرورة الإسراع في ترميم المآثر التاريخية، وترويج حي الملاح في السوق الدولية، وإبعاد الصورة الرهيبة التي طبعته بعد الزلزال نتيجة الدمار الحاصل”.

“جميع المواطنين هنا متضررون بشكل كبير، فالمنازل أصبحت تخيفهم، ومواردهم المالية لم تعد كافية بتاتا، فما يقدمه لنا السياح كان يعود بالنفع على عدد كبير من الأجساد بمنازلنا”، يقول الدرادي.

بين أزقة هذا الحي التاريخي تبدأ مظاهر معاناة الساكنة هنا من “هجرة السياح الاضطرارية”، إذ يقول بائع التوابل هشام إن “السياح القليلون الذين فضلوا القدوم إلى حي الملاح تأثروا بشدة بمشاهد افتراش الأسر للأرض، وكذا بحجم الدمار الحاصل هنا”.

ويضيف “كنا نعتاش من قدومهم، ومن خلال ذلك كان لنا مورد هام يسد حاجيات كبيرة لعائلاتنا، خاصة أطفالنا الذين ازدادت مطالبهم خلال الدخول المدرسي”.
معاناة درب “الصابا”

الارتباط الوثيق بقطاع السياحة يتجسد في درب “الصابا” حيث المنازل التاريخية ترسم “صورة مؤلمة” وهي مهدمة، وتحرم هذا المكان الجميل من إطلالته، مما يضع السكان في “حالة ترقب”. تقول نعيمة، بائعة خبز كان السياح يتهافتون على صنيعها، إن “منزلي منهار ولا أعرف أين سأعيش، فقط أريد مسكنا وعودة الحياة إلى دربنا، الذي كان لا يخلوا من السياح الوافدين من دول عديدة”.

وتضيف “كان هنالك سياح من أمريكا يتوافدون بشكل موسمي لتناول خبزي اللذيذ، ومن خلال ذلك كنت أعيش حياة كريمة وقتا طويلا، لكن مع الزلزال لا أعلم هل سأقبل حياة التشرد، أم أعود إلى منزلي المهدم”.

وليست نعيمة وحدها من أوقفت هزات الزلزال موردها الفريد، فحتى حكيم (عشريني) ابن درب “الصابا” يعاني هو الآخر من ذلك. يقول: “كنت أرشد السياح هنا، غير أن الزلزال أفقدني موردي بسبب خوفهم من القدوم إلى هنا وسقوط منازل عليهم”.

“هذا كان أحد رياضات دربنا، وكان السياح يتوافدون عليه بقوة، لكنه حاليا مقفل تماما”، يشير حكيم بأصبعه إلى مظاهر “هجرة السياح” عن الحي، قبل أن يتابع قائلا: “لقد فر الجميع من هنا، ومن يأتي فمن أجل التقاط صور فقط للدمار الشامل الذي أصابنا”.

ونحن نغادر حي الملاح تبدو الأمور “متناقضة هنا، فمقاهيه مليئة برجال الحي، ومساكنه شبه حية، أما في خارجه فأسر عديدة لا تزال تفترش الأرض خوفا من هزات أرضية جديدة، مشكلة بذلك “الاستثناء المراكشي”.

داخل هذا الاستثناء يظهر سائح قادم من إسكتلندا، تبدو حركاته استكشافية محضة. يقول “جئت إلى مراكش لأنني أحب هاته المدينة، خاصة جمالية مبانيها”.

وأضاف أن “الوضع ليس كما كان عليه سابقا قبل الزلزال”، قبل أن يتابع قائلا: “قدمنا إلى هنا لأننا نؤمن بأن المغرب بلد أمن، خاصة مراكش الجميلة، ونحن نرفض تصنيف هاته المدينة الجميلة في خانة الخطر”.

لا يجد هذا السائح الإسكتلندي “عائقا” في زيارة حي الملاح. إذ يقول: “هذا الحي جميل جدا، صحيح أنني توجهت إليه أولا لرؤية الدمار الحاصل بحكم ما شاهدته في التلفاز، لكنني في دواخلي أتيت بهدف رؤية جماليته القوية”.

مع الغروب الساحر وحلول الظلام تتصاعد روح جامع الفنا في السماء بنبضها الدائم وصياحها العذب، رافضة لزلزال الحوز أن “يعيد ذكريات كورونا السيئة”، ومنتظرة من مآثرها التاريخية أن تستعيد حياتها حتى تكتمل بذلك “صورة مراكش الحمراء من جديد”.

قد يهمك أيضا

كتاب "ألف حكاية وحكاية"يكْشف أسرار جامع الفنا في مراكش

 

ساحة جامع الفنا السياحية في مراكش تعلن عن فرض جواز التلقيح

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

التأشيرة الخليجية الموحدة قريباً لتعزيز التنقل والسياحة
افتتاح خط جوي جديد بين برشلونة والصويرة يعزز جاذبية…
السفر الفاخر اليوم "موناكو" تجسيد للتجربة الراقية
السعودية تعلن انطلاق موسم العمرة وفتح التأشيرات
إعادة فتح المجالات الجوية في الخليج وإسرائيل ومصر بعد…

اخر الاخبار

وزير الخارجية السعودي المملكة تؤمن بأن"حل الدولتين" مفتاح لاستقرار…
حماس تدين تصريحات ترامب بشأن إنكار المجاعة وسرقة المساعدات…
مجلس الأمن يعقد اجتماعه حول سوريا ويستعرض الأوضاع السياسية…
ثلاثة وزراء مغاربة مرشحون لخوض الانتخابات التشريعية لـ2026 في…

فن وموسيقى

محمد فراج يعود بمسلسل كتالوج في تجربة إنسانية عميقة…
أنغام تنفي إصابتها بسرطان الثدي وتطمئن جمهورها قبل طرح…
لطيفة تؤكد أن ألبوم "قلبي ارتاح" يعكس روحها وأعادت…
جيهان الشماشرجي سعيدة بتجسيد دور مركب ومعقد في فيلم…

أخبار النجوم

بسمة بوسيل تكشف عن علاقتها بتامر حسني وتؤكد أنهما…
آمال ماهر تحقق إنجازاً غير مسبوق على تيك توك…
نجوم الفن يدعمون وفاء عامر بعد اتهامها بتجارة الأعضاء
نجوم الفن يدعمون أنغام برسائل مؤثرة بعد أزمتها الصحية

رياضة

يوفنتوس يسعى لضم المغربي سفيان أمرابط من فنربخشة التركي…
ريال مدريد يستعد لجني أرباح ضخمة بعد إعلان مبابي…
ليفربول يضم موهبة مصرية جديدة كريم أحمد يوقع عقده…
قطر مرشحة لاستضافة النسخة الثانية من مونديال الأندية

صحة وتغذية

معدل مشي يومي جديد يساعد في الوقاية من الأمراض…
وزير الصحة المغربي يكشف تفاصيل مرسوم جديد لخفض أسعار…
ابتكار طبي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتشخيص أمراض القلب بشكل…
التمارين الرياضية تفتح باب الأمل للتخلص من الأرق وتحسين…

الأخبار الأكثر قراءة

فاطمة الزهراء عمور تُشير إلى أن خريطة الطريق السياحية…
تعليق رحلات جوية لشركات طيران نتيجة التوتر بين إسرائيل…
الخطوط الملكية المغربية تعلن عن إطلاق برنامج صيفي مكثف…
مصر تعلّق رحلات جوية إلى الأردن والعراق ولبنان بسبب…
شركات الطيران الإماراتية تلغي رحلات وسط اضطراب حركة الملاحة…