الرئيسية » التحقيقات السياحية
روما تمنحك إمكانية الاستمتاع

روما - المغرب اليوم

اعتقد البعض أن روما ستخسر لقب"مركز العالم,حين سقطت الإمبراطورية الرومانية العظيمة، لكنها بقيت إلى اليوم مفترقًا تتقاطع فيه دروب السلطة والثروة مع مسالك الثقافة والفنون والجمال، وأسلوبًا فريدًا في العيش ومقاربة الحياة، مما يجعل منها مدينة لا تقاوَم.

يمكنك زيارة هذه المدينة مرات كثيرة، في كل الفصول والمناسبات والأعمار، أو أن تعيش فيها سنوات؛ لكن الضوء الرائع الذي ينسدل عليها كالخمار، وألوانها التي تتدرّج بين الأصفر الخافت والبرتقالي إلى الأبيض الباهت، على تماثيل المرمر التي تطالعك كيفما اتجهت، والجسور المتناسقة على صدر النهر المتعرّج بين مئات القصور والحدائق من عصر النهضة، والصنوبر المعمّر يناطح القباب التي ترصّع خدّ سمائها بالشامات، ستخطف أنفاسك باستمرار.

وتعتبر مقبرة العظماء في البانتيون الذي ترتفع قبّته فيما يشبه المعجزة الهندسية، والكولوسيوم أكبر المسارح الاستعراضية في التاريخ، وفسحة المنتدى الروماني عند الغسق، كلها عجائب خالدات جعلت من روما مقصدًا لعشّاق التاريخ والجمال وقدرة الإنسان على الإبداع الفنّي.

نمت المدينة في العصور الحديثة، كمعظم المدن في أوروبا والعالم، من غير هويّة أو مخطط فنّي؛ لكن النواة المعمارية التاريخية التي أحاطها الإمبراطور أورليانو بالسور الذي يحمل اسمه، ما زالت كما هي على سحرها متحفًا فريدًا في الهواء الطلق، تعجز العين عن الإحاطة بكل كنوزه ومفاتنه.

اقرأ أيضاً : الإعلان عن أسرار ميناء الإمبراطورية الرومانية "كورينث"

و تتعرّض روما لشتّى أنواع الانتقادات، من أهلها قبل الزوّار الذين يتوافدون عليها من كل أنحاء العالم. فهي أقل العواصم الأوروبية نظافة على الإطلاق، ومن أكثرها ضجيجًا، وزحمة السير فيها امتحان صعب للصبر والأعصاب، بالإضافة إلى الحال المتردّية للبنى التحتيّة والخدمات العامة, لكن «عيوب» روما ليست وليدة اليوم؛ بل رافقتها مند القِدَم، حتى عندما كانت مركزًا للسلطات الزمنية والروحيّة، ومحجّة الفنّانين والمبدعين في أوروبا. فعندما وصل إليها المفكّر النهضوي الكبير فرانشسكو براتشيوليني قادمًا من توسكانة، كتب يقول: «مدينة تضجّ بالجمال من كل نواحيها؛ لكنها ترزح تحت الإهمال والتداعي، كمثل جثّة متحللة».

وتبدو أن اللذّة هي مذهب أهل هذه المدينة، الذين رفعوا شعار «مُتْعَة الكَسَل» (Il dolce farniente)، وجعلوا منه أسلوبًا لحياة تدور حول الجمال بكل تجليّاته، ولا تأبه لما مضى أو ما سيأتي.

و تعرف أن الربيع قد حلّ في روما, عند بزوغ أشعة الشمس الدافئة الأولى، يتهافت الجميع إلى الشوارع، يتسامرون على النواصي، ويدردشون حول فنجان قهوة في مقاهي الأرصفة والساحات. وكيف تعرف أن الصيف قد جاء؟ عندما يغادر أهل روما مدينتهم إلى الشاطئ القريب، هربًا من القيظ والرطوبة الثقيلة. ولأن روما تعجّ بالسيّاح مع نهاية الصيف حتى مطالع الشتاء، فإن الفترة الأفضل لزيارتها بعيدًا عن الزحمة الخانقة هي بدايات العام، التي غالبًا ما ينزل عليها الصحو، والشمس التي تلطّف برودتها.

يستحيل أن تكفي زيارة واحدة، أو اثنتان أو ثلاث، للإحاطة بكل الجمال المرئي والمخفي في هذه المدينة. من المستحسن أن تقرأ كثيرًا عنها قبل أن تأتي إليها، وألا تسعى إلى تكديس المعالم في كل زيارة. عليك بالتمهّل والاختيار، والعزم على العودة كلّما سنحت الفرصة وعنّت على البال رغبة في مزيد من الجمال.

يوجد أكثر من روما في هذه المدينة, روما المعالم المعمارية الفريدة التي تركها الأباطرة على التلال السبعة، وروما الميادين البديعة التي تراكمت فيها روائع النحت تزيّن النوافير والحدائق والساحات، وروما الكنوز الفنّية التي تملأ المتاحف والقصور، وروما التي تحتضن حاضرة الفاتيكان التي تزخر بروائع كبار فنّاني عصر النهضة، وروما الأحياء الشعبية القديمة التي تنساب فيها الحياة خارج الزمن.

ويوجد في روما على ضفاف «التبر الأشقر»، النهر الذي يعبر المدينة في طريقه إلى البحر، والذي كان طوال قرون بمثابة الشريان الاقتصادي للإمبراطورية الرومانية، التي كانت تتموّن من المرافئ المنتشرة حول مجراه، ترسو فيها السفن الآتية عبر المتوسط من المستعمرات. وفي النهر جزيرة صغيرة تظلّلها صنوبرات معمّرة، بجانب مستشفى يعود للقرن الثاني عشر، يعرف باسم «Fatebenefratelli - اصنعوا الخير أيها الإخوة» ما زال يقدّم خدماته المجانيّة للفقراء إلى اليوم.

وتعتبر روما هي أيضًا موطن للمِسلات التي ترتفع في ميادينها أكثر من أي مدينة أخرى، والتي كانت رمزًا للخلود عند الفراعنة. ثلاث عشرة مسلّة تزيّن ساحات روما، منها سبع أتى بها الأباطرة من مصر، وست أمروا كبار الفنّانين ببنائها، ورفعوها في الميادين دليلًا على العظمة والسلطة، إلى جانب أقواس النصر.

قد يهمك أيضاً :

الانفجارات البركانية دمرت المملكة البطلمية وصعدت الرومانية في مصر

زنوبيا ملكة تدمر تشهد على جرائم "داعش" الوحشيّة

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

توتر الأجواء وتصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل يشل حركة…
وجهات صيفية لا تُفوّت لعشاق البحر والمغامرة في سيشل
السياحة الداخلية في مدينة أغادير تدفع ثمن فوضى الايجارات
الجزائريون يشتكون من غلاء السياحة الداخلية مقارنة بعروض تونس…
فاطمة الزهراء عمور تُشير إلى أن خريطة الطريق السياحية…

اخر الاخبار

مجموعة السبع تدعو إيران لاستئناف محادثات النووي
هجوم صاروخي على مطار كركوك وإصابة عنصرين وسقوط صاروخ…
نتنياهو يجتمع بترامب في البيت الأبيض بعد أسبوع
الأوضاع الإنسانية تدفع مئات المدنيين للخروج من الفاشر

فن وموسيقى

ماجدة الرومي تُعبر عن مشاعر محبة وامتنان عميقة تجاه…
صابر الرباعي يؤكد أن مهرجان موازين في المغرب نموذج…
نيللي كريم تكشف تفاصيل إصابتها بالسرطان في وجهها وتحكي…
أحمد حلمي يُعبر عن سعادته بتكريمه في مهرجان الدار…

أخبار النجوم

شيرين تغني "بلاي باك" بسبب أزمة صحية و مصدر…
صابر الرباعي يُشعل مسرح محمد الخامس بسهرة طربية راقية…
كاظم الساهر يُسحر جمهور الرباط في ليلة طربية لا…
شيرين عبدالوهاب توجّه رسالة الى رسالة الى الملحن مدين…

رياضة

المغربي أشرف حكيمي يقود باريس سان جرمان لربع نهائي…
الأردن يرفض مواجهة إسرائيل في مونديال السلة وعقوبات محتملة…
الهلال السعودي يواصل سعيه لضم المغربي يوسف النصيري لتعزيز…
أحوال الطقس تُهدد إقامة مباراة إنتر وفلومينينسي

صحة وتغذية

دراسة تحذر السيجارة الإلكترونية تؤثر على جينات الفم
6 مشروبات تنظف الأمعاء عند تناولها على معدة فارغة
دراسة تؤكد نجاح الإنسولين المستنشق في علاج الأطفال المصابين…
لقاح جديد للرضع يحمي من الفيروس المخلوي التنفسي

الأخبار الأكثر قراءة

البيت الأبيض يتفاوض مع قطر للحصول على طائرة جامبو…
الأردن ينجح في إجلاء 1800 سائح من البتراء بعد…
العلا على خريطة السياحة العالمية إرث تاريخي يتألّق برؤية…
هجوم مسلح يستهدف مجموعة سياح في كشمير ويخلف عشرات…
وزير النقل المغربي يكشف عن إجراءات جديدة لتقليص انتظار…