الرئيسية » التحقيقات السياحية
عالم الروحانيات والطبيعة والبساطة في بورما

 لندن ـ كاتيا حداد

 لندن ـ كاتيا حداد يقف هذا الجبل الشاهق الذي يصل ارتفاعه إلى ما يزيد على 2400 قدم، والذي يرجع تاريخ تكوينه إلى 250000 سنة في منطقة ماندالاي، التي تمثل القلب الجغرافيلميانمار (بورما)، ليوفر إطلالة نادرة على باقي المكان من أعلى هذا الارتفاع الهائل. ويصعد السائحون من عشاق جمال الطبيعة إلى قمة جبل بوبا على درج مصنوع من الحبال أو من الألواح المعدنية المموجة، حيث يدفعهم تقدير الجمال والسحر الذي تنطوي عليه بورما إلى تسلق 807 درجة حتى يبلغوا القمة.

ولا يقتصر الأمر على السائحين، حيث يحج إلى قمة جبل بوبا الآلاف من القرويين الذين يقطنون القرى المجاورة لماندالاي لزيارة المذبح المقدس أعلى قمة الجبل المقدس، وهو مشهد يتكرر يوميًا كجزء من الطقوس الدينية لغالب سكان هذه البلاد.
ويعتقد البورميون أيضًا أن لهذا الجبل فضلاً على حياتهم، وأنه المتصرف في كل أمورهم، ويقدر لهم كل خير أو شر.
ومع أنه من المعروف عن الشعب البورمي أنه شعب يدين بالبوذية، هكذا يصفون أنفسهم، إلا أن هذا الشعب متعلق بالخرافات والمعتقدات الخاطئة التي لا يزال البورميون يؤمنون بها حتى بعد اعتناقهم البوذية، ليسيطر على معتقداتهم الجانب الخرافي من البوذية، فهم يؤمنون بالجنيات اللاتي تتغذّيْن على الزهور، المقامرون المخمورون، والأفاعي، وغير ذلك من المعبودات الخرافية التي يقدسها هذا الشعب.


وبينما تعتبر البوذية دينًا غير ملزم لمعتنقيه يعتمد بصفة أساسية على التأمل الذاتي والسعي الشخصي وراء الحقيقة، يعتبر أهل بورما الكائنات الخرافية التي يقدسونها ثلة من الحاقدين الذين في إمكانهم إيذاء من لا يقدسهم، ومع أن مظاهر تقديس تلك المعبودات الخرافية يبدأ في الانحسار إلى حدٍ بعيد، إلا أن الناس لا يزالون يخشونهم في بورما حتى الآن.
وأغرب ما يمكن أن تصادفه في بورما، خاصةً عند الاقتراب من مذبح المعبد أعلى قمة بوبا، هو الاستياء من اللونين الأحمر والأسود، حيث لا بد للسائحين من التخلي عن هذين اللونين أثناء زيارة بورما، وينبغي خلع الأحذية عند زيارة الأماكن المقدسة البوذية وغير البوذية إظهارًا للاحترام والتقديس لتلك الأماكن والمزارات.
يُذكر أنه لا يوجد ما هو أكثر من مدينة باجان الأثرية تجسيدًا للحضارة القديمة في بورما حيث كانت العاصمة الأولى لحضارة الباجان البورمية التي حكمت البلاد، ووصلت إلى أوج مجدها في الفترة ما بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر الميلادي، فهناك في مدينة باجان 4000 هيكل لبوذا، بالإضافة إلى المذابح المقدسة المتناثرة في جميع أنحاء المدينة، التي أُقيمت أعلى هضبة مستوية لا تتجاوز مساحتها بضعة كيلومترات مربعة منذ قرون عدة.
ويعود تأسيس هذا الموقع الأثري الضخم الشاهد على حياة الباجانيين إلى القرن الحادي عشر عندما بدأ الملك أناوراهتا في بناء مملكته في البلاد، حيث يعتبر هذا الملك هو الأب الروحي للأمة البورمية لما قدمه من إنجازات على رأسها نجاحه في إقناع البورميين من رعاياه وتابعيه بضرورة التحول إلى البوذية، مع إمكان الاحتفاظ بعبادة المخلوقات الخرافية.
ولكن للأسف الشديد، تضررت جميع المعابد إلى حدٍ بعيدٍ بسبب العوامل المناخية وعوامل التعرية، بالإضافة إلى ممارسات النهب وزلزال العام 1975 الذي وصلت قواته إلى 8 بمقياس ريختر لقياس قوة الزلازل.
وبدأت الدولة في العام 1995 عمليات تجديد وترميم على نطاقٍ واسعٍ، حتى إنها لجأت إلى تهجير الآلاف من أهالي القرة المجاورة من منازلهم إلى مناطق أخرى، حتى تتمكن من الانتهاء من الترميم.
ومن أبرز المعابد الموجودة في بورما معبد ذاتبيينيو بايا الذي يرتفع إلى أعلى وكأنه رمح ذهبي ينطلق إلى السماء، والكائن جنوب شرقي معبد دامايانجيا المشهور الذي بناه الملك نارتهو، وطلب مواصفات خاصة جدًا في بنائه أدت إلى لجوء القائمون على عملية البناء إلى استخدام الطوب الاصطناعي للمرة الأولى في هذا العصر، لتعذر استخدام الصخور في البناء كما هو معتاد، حيث كانت قمة المعبد ذات أبعاد جعلتها صغيرة الحجم حيث لا يمكن بناؤها إلا بعد صناعة طوب من نوع خاص وقياس خاص لإنجاز تلك المهمة.
ومن أغرب الروايات التي يتناقلها سكان بورما بهذا الشأن أن البناة الذين فشلوا في التوصل إلى حل لبناء المعبد بالتصميم الذي أراده تعرضوا لعقوبة قطع أذرعهم.
وتحظى المدينة بمعبد شيسانداو بايا البوذي الضخم الذي يحمل جميع سمات عصر الملك أناوراهتا ويجسد كل ما تضمنته فنون عمارة هذا العصر، والتي تتجلى في مدينة باجان، حيث تشق ابراج وقباب المعابد البوذية سماء الليل لتنعم بالراحة بعد يوم طويل أضافته إلى تاريخها، ثم تشق الضباب في صباح اليوم التالي لتستقبل يومًا جديدًا.
وللاستمتاع بالأفق الفسيح والإطلالة المباشرة على مدينة باجان، يستقل السائحون المنطاد الذي يعمل بالهواء الساخن، والذي يشغله سكان بورما لكسب قوت يومهم، متخذين إياه حرفة تعتمد على السياحة والوافدين من كل مكان في العالم للاستمتاع بالحضارة البورمية العريقة.
وبخلاف تلك النسبة التي تعمل في السياحة من سكان بورما، تعمل الغالبية العظمى من سكان بورما في الزراعة، ويكسبون قوتهم يومًا بيوم، ويعيشون أوضاع اقتصادية صعبة للغاية.
يذكر أن بورما تلك الدولة التي لا تتجاوز مساحتها مساحة ولاية تكساس الأميركية يعيش على أرضها ما يتراوح ما بين 50 و60 مليون نسمة (العدد تقريبي لأن البلاد لم تشهد عملية إحصائية للسكان منذ العام 1915)، وغالب هؤلاء السكان لا يتجاوز متوسط الدخل لديهم 2 دولار رغم ثراء البلاد بالموارد الطبيعية مثل الغاز والنحاس والأحجار الكريمة.
وما زالت هناك قرى في محيط منطقة شان ستايت تعيش في العصور الأولى من دون كهرباء أو مياه شرب نظيفة، مثل قبائل دانو التي يعمل أفرادها في الزراعة، ويعيشون أعلى التلال وسط الكثير من الأقليات العرقية التي تعج بها البلاد.
ومع البساطة الشديدة التي يعيشون بها، تبدو عليهم أمارات الجود والكرم حيث يقدمون الطعام للغرباء، وهي الوجبات التي تتضمن مقرمشات التافو وشوربة الكرنب والشعرية المحمرة وسلطة الكرنب بالبيض.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الخطوط الملكية المغربية توقع شراكة استراتيجية مع الكاف وتصبح…
وزير النقل المغربي يُجري مباحثات مع رئيس مجلس منظمة…
مطار هيثرو يستأنف عملياته بعد انقطاع الكهرباء ويفتح تحقيقًا…
مطار هيثرو يعاود استقبال الرحلات الجوية عقب اضطرابات جراء…
المغرب ‬يعتزم توسعة مطار محمد الخامس في الدار البيضاء…

اخر الاخبار

وزيرة الانتقال الطاقي المغربية تُجري بباريس مباحثات رفيعة المستوى…
الملك محمد السادس يتلقى برقيتين تهنئة من عاهل المملكة…
كتائب القسام تُحذر من تداعيات حصار مكان الأسير متان…
واشنطن وباريس تؤكدان التزامهما بمنع إيران من امتلاك سلاح…

فن وموسيقى

المطربة اللبنانية كارول سماحة و رسالة مؤثرة لزوجها الراحل…
رحيل سميحة أيوب "سيدة المسرح العربي" عن 93 عامًا…
الفنانة المغربية أسماء لمنور تتوج بجائزة أفضل مطربة عربية…
إليسا تنفي عودة إصابتها بالسرطان و تواصل مسيرتها رغم…

أخبار النجوم

محمد عبده يُعرب عن سعادته باللقاء المنتظر مع جمهوره…
محمد إمام يواجه أزمة جديدة في فيلم "صقر وكناريا"
شيرين عبد الوهاب تُحيي حفلاً في مهرجان موازين يوم…
أدلة جديدة تغيّر مسار قضية سعد لمجرد وتدفع المحكمة…

رياضة

رونالدو يكشف عن عمله مترجماً لميسي ولا يستبعد اللعب…
المغربي أشرف حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لدوري أبطال أوروبا
المغربي أشرف حكيمي ثالث عربي يُحرز هدفاً في نهائي…
محمد صلاح يتوّج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليغ للموسم…

صحة وتغذية

علماء يحذرون من تزايد سرطان الرئة بين غير المدخنين
موديرنا تعلن موافقة FDA على لقاح جديد للوقاية من…
تأثير القهوة على صحتك يعتمد على جيناتك وليس فقط…
وزير الصحة يُعلن مراجعة شاملة لأسعار الأدوية في المغرب

الأخبار الأكثر قراءة

العلا على خريطة السياحة العالمية إرث تاريخي يتألّق برؤية…
هجوم مسلح يستهدف مجموعة سياح في كشمير ويخلف عشرات…
وزير النقل المغربي يكشف عن إجراءات جديدة لتقليص انتظار…
الخطوط الملكية المغربية توقع شراكة استراتيجية مع الكاف وتصبح…
وزير النقل المغربي يُجري مباحثات مع رئيس مجلس منظمة…