الرئيسية » التحقيقات السياحية
صورة أرشيفية لمقهى "الحافة"

طنجة -  نوفل الخمليشي

طنجة -  نوفل الخمليشي   ظل مقهى "الحافة" في مدينة طنجة شمال المغرب، على مدى قرابة قرن من الزمن قبلة للزائرين المغاربة والأجانب من جنسيات مختلفة، وتجاوز زواره الزبائن العاديين إلى مشاهير في عالم الفن والأدب والسياسية لعل أبرزهم الأديب الأميركي "بول بولز" والكاتب المغربي محمد شكري ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق الشهير وينستون تشرشل.   أسرار عدة تختزلها جنبات المقهى تحكي فصولا عن تاريخ مدينة طنجة المتشابك، خصوصياته الجذابة سواء في لقائه النادر مع زرقة مياه مضيق جبل طارق، أو جانب البساطة في مكونات هذا المقهى، خصائص يحاول زواره تفسير سر الإقبال عليه وصموده في وجه عوامل الزمن إلى حدود اليوم.
  ويقع مقهى "الحافة" على هضبة عالية تطل على مضيق جبل طارق في حي مرشان في طنجة، عند مدخل المقهى تصادف عينيك لوحة توضح تاريخ التأسيس "مقهى الحافة تأسس عام 1921" عبارة تستفز الزائرين وتجعل الأسئلة تتناسل عن أسرار صموده إلى هذا اليوم"، من النادر أن تجد مقهى بهذا السحر والتاريخ الطويل".
   ويقول أحمد ، وهو نادل يعمل في المقهى يرتشف من كأس شاي ويستطرد، مؤكداً "من المستحيل أن تجد زائراً للمدينة لم يزر المقهى وسحره راجع لموقعه المتفرد" جدران مصبوغة بالأبيض والأزرق وكراس متهالكة منهكة تنضح بعتاقتها وتثير الزائرين، رائحة الشاي الأخضر المغربي بنكهة النعناع تملأ المكان، ومشهد عام يترك في مخيلة الزائر للوهلة ألأولى بساطة تصل الى حد فوضى غير مفهومة.
  ويجلس ياسين برفقة زملاء له يتبادلون أطراف الحديث، يتأمل أفق مضيق جبل طارق، حيث تبدو مدينة طريفة الإسبانية على مرمى حجر بمسافة لا تبعد سوى 14 كيلومتراً عن السواحل الإسبانية" بحكم أنني من أبناء المدينة أتردد على المقهى بشكل يكاد يكون يومياً" يتوقف ياسين عن تدخين سيجارة ثم يضيف بنشوة واضحة "الجلوس هنا يجعلك تشعر بهدوء وراحة لا توجد في باقي مقاهي المدينة".
   بدورها ترجع إيمان سبب ترددها على المقهى قائلة "المكان يتيح التأمل ومحاولة نسيان هموم ومتاعب الحياة " "مقهى الحافة هو مقهى مختلف عن باقي المقاهي إنه نافذة حقيقية على زرقة البحر وهدوئه ومنظره الطبيعي هو ما يجذبني إليه".
  ويشرح عثمان سبب تردده على المقهى ويقول "مشروب الشاي المغربي المقدم هنا نادر الوجود في بعض المقاهي، زيادة على ذلك فهذا المقهى يشكل ملتقى لمختلف الجنسيات لسبب منظره الذي يجذب السياح".
  عقارب الساعة تدنو من الخامسة مساء، تنساب أمواج هادئة خجولة لتعانق اليابسة ، قوارب الصيد عائدة في حركة بطيئة نحو مرفأ الميناء بعد رحلة صيد في مياه البحر الأبيض المتوسط ، وبالقرب من الطريق التي شيدت قبل أعوام فقط يمسك صيادون سناراتهم وينتظرون ما قد يجود عليهم به البحر من خير، قطط تتسلق الأشجار المتناثرة في المقهى في حركات سريعة جنبات المقهى ممتلئة عن آخرها، إقبال كثيف للمقهى يشهده مع اقتراب ساعة المساء ومن النادر أن تجد مقعداً فارغاً في هذا الوقت، ولا يقتصر زبناء المقهى على أبناء المدينة فقط غير بعيد من عثمان يجلس "فرناندو" سائح أجنبي يطالع فقرات كتاب يحتسي الشاي ويطالع الكتاب في هدوء " يجعلني المقهى أدخل  في حوار صريح مع الذات ويخلق لي راحة خاصة وتجعلني أشعر بإحساس  وراحة تنعدم في باقي مقاهي المدينة" يتحدث هذا السائح الإسباني مفسرا.
  الإحساس بالراحة الذي يتحدث عنه هذا السائح الإسباني جعل مشاهير من عوالم الفن والأدب والسياسية يترددون عليه في مقدمتهم الكاتب الأميركي بول بولز العاشق لمدينة طنجة الذي عاش في طنجة منذ العام 1936، حيث شكل هذا المقهى طوال إقامته في المدينة مصدر إلهام، سحر المقهى جعل  كاتباً أميركيا آخر يدعى وتينيسي وليامز يعترف للمقهى بجماليته المتفردة  خلال زيارته المتكررة له، كما شكل المقهى بالنسبة للكاتب المغربي الشهير محمد شكري أحد أبناء المدينة المكان الذي يؤوي إليه بعد منزله ومصدر وإلهام وذلك نظراً للوقت الكبير الذي كان يقضيه في جنبات المقهى.
  وظل المقهى منذ افتتاحه شاهداً على فصول من تاريخ طنجة المدينة التي حظيت خلال فترة فرض الحماية على المغرب بوضعية متفردة كمنطقة دولية،وتقاسمت السيادة عليها إبان تلك الفترة دول أوربية عديدة، مما جعل المدينة تمزج بين أعراق وأجناس مختلفة، سياسيون وسفراء وأدباء تلك المرحلة قصدوا المقهى للجلوس والتمتع بلحظة هدوء بعيدا عن صخب الحياة ومتاعب السياسة ،لعل أبرزهم رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل، كما أن المقهى ظل مقصد الجواسيس وتجار السلاح إبان الحرب العالمية الثانية.
  حلول الليل يجعل زبائن المقهى يغادرون المكان، بينما يفضل آخرون المكوث لفترة أطول، أضواء باخرة تعبر المضيق تلوح من بعيد، الأحاديث في المقهى لا تنقطع، ولا يعرف أحمد النادل العامل في المقهى الذي قضى أزيد من عشرة أعوام من العمل لحظة للراحة " المقهى في أيام نهاية الأسبوع يعرف إقبالا كثيفا وعليك أن تلبي الطلبات جميعها" إلى جانب هذا النادل الذي يناديه الزبائن بلهجة مغربية بـ"خاي أحمد" تعمل خلية من العاملين بخفة وترحيب واضحتين، ينصرف زبائن المقهى فرادى وجماعات" من المستحيل ترك العمل في هذا المقهى" يقول هذا النادل نظراً لعلاقة عشق خاصة مع مقهى الحافة شأنها شأن الكثير من الزوار الذين لا يفوتون زيارة مقهى الحافة خلال ترددهم على مدينة طنجة.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

تجارب لا تُنسى بين سحر الثقافة وروعة المغامرة في…
المغرب وجهة سياحية مفضلة بعد استقبال 13.5 مليون سائح…
ارتفاع إقبال السياح الروس على المغرب بنسبة 70% متجاوزاً…
تقرير دولي يضع المغرب بين الوجهات السياحية المفضلة لعام…
قبل فاجعة شاطئ الإسكندرية فيديو يكشف تحذيرات مسؤول للفتيات…

اخر الاخبار

أخنوش يُجري مباحثات مع رئيسة المفوضية الأوروبية لتعزيز الشراكة…
وزراء خارجية تحالف دول الساحل يشيدون بالمبادرة الأطلسية للملك…
عبد اللطيف حموشي يُجري زيارة عمل إلى الإمارات العربية…
الملك محمد السادس يُهنئ خادم الحرمين الشريفين بمناسبة الذكرى…

فن وموسيقى

حسين فهمي يرفض مليون دولار حفاظًا على هوية مهرجان…
مي عمر تحصد المركز الثامن عالميًا في قائمة أجمل…
أمينة خليل تتألق في حفل "الموريكس دور" وتفوز بجائزة…
مي عمر تدخل التاريخ كأول مصرية ضمن قائمة "أجمل…

أخبار النجوم

إيمان العاصي تثير قضية الميراث من جديد في مسلسل…
إخلاء سبيل المطربة بوسي من النيابة بعد انتهاء التحقيقات
أحمد العوضي يتحدث عن مواصفات فتاة أحلامه وحقيقة ارتباطه…
أصالة تكشف سبب عشقها للديوهات والفنانة التي تتمنى الغناء…

رياضة

المغربي أيوب الكعبي يُتوج بجائزة أفضل لاعب أجنبي في…
عثمان ديمبلي يتوّج بجائزة الكرة الذهبية في مفاجأة كبرى…
الإعلان عن الفائز بالكرة الذهبية 2025 الليلة وسط ترقب…
اسحاق ناظر يتوج بذهبية سباق 1500 متر

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي يستنفر مصالحه لمواجهة الغيابات والتأخرات غير…
دراسة تكشف دور النوم العميق في تنظيم سكر الدم…
ارتفاع وفيات الحمى النزفية في العراق يثير قلقًا صحيًا…
ارتفاع مقلق في إصابات "البكتيريا الكابوسية" بالولايات المتحدة

الأخبار الأكثر قراءة

جزيرة بياضة السعودية جنة بحرية هادئة على سواحل جدة
العراق يطلق برنامجاً استثمارياً لرفع عائدات السياحة
شركة الخطوط الملكية المغربية تُعزز شبكة "رحلات بلا توقف"…
جامع الشيخ زايد الكبير الثامن عالميًّا والأول في الشرق…
وزارة السياحة ترد على دعوات المقاطعة وتؤكد إستمرار جاذبية…