الرئيسية » التحقيقات السياحية
مدينة مرسية الاسبانية

مدريد ـ المغرب اليوم

أطلق المسلمون على شبه الجزيرة الأيبيرية التي تضم إسبانيا والبرتغال اسم الأندلس، اشتقاقاً من تسمية شعوب الوندال أو الفندال القاطنة بها ولكن الأندلس حسب سكان إسبانيا المعاصرين تعني بالأساس المدن الجنوبية أو مدن الجنوب الشرقي المطلة على البحر المتوسط بما في ذلك جزر البليار. والمدن والبلدات المتوسطية في هذا الإقليم تحمل قسـمات عربية واضـحة سـواء في مسمياتها أو أسماء أحيائها القديمة أو ملامح بنيتها المعمارية بل وتركيبتها السكانية.
من الطبيعي أن نجد في المتاحف الإقليمية الصغيرة بتلك المدن المئات من التحف الإسلامية التي أنتجت في هذه المنطقة المواجهة للشاطئ المغربي، ومنها ما تم الكشف عنه في حفائر علمية منظمة من قبل السلطات المحلية، ومنها أيضا عدد من التحف كانت ملكا متوارثا لعائلات إسبانية أو لكنائس في ظل الحقيقة المعروفة لدارسي الفنون الإسلامية، من حرص الكنائس الأوروبية على اقتناء منتجات الفنون التطبيقية الإسلامية ضمن ذخائر وكنوز الكنيسة.
تحف مدينة «مرسية»
ومن أهم المدن الأندلسية المطلة على المتوسط، مدينة «مرسية» الواقعة على ضفاف نهر شقورة، وقد أسس هذه المدينة المطلة على المتوسط عبدالرحمن الداخل عام 825هـ وإلى هذه المدينة ينسب ابن سيده، وكذلك الصوفي الشهير «المرسي أبوالعباس» الذي عاش ودفن بالإسكندرية ويعد المسجد المشيد قرب قبره من معالم عروس البحر المتوسط.
ولأن المدينة كانت أيضا موطنا للفيلسوف والصوفي الشهير ابن عربي الذي رحل عنها ليعيش ويدفن بدمشق، فقد قامت المدينة بإنشاء المركز العربي لدراسات الآثار وأطلقت عليه اسم ابن عربي.وإلى جانب أن المركز يعد مؤسسة علمية تعنى بدراسات الآثار الأندلسية، فإن به متحفا يعرض بعض القطع الفنية التي تم العثور عليها في منطقة مرسية، ومن بين معروضات هذا المتحف إناء من الخزف المرسوم تحت الطلاء الزجاجي يرجح أنه أنتج في الفترة التي أعقبت سقوط خلافة الموحدين بالأندلس في منتصف القرن السابع الهجري «13م».
الخزاف المسلم
ويتميز خزف مرسية بعجينته المائلة للصفرة وفي هذا الإناء نجد أن الخزاف المسلم ظل محافظا على الأشكال التقليدية للأواني الخزفية ذات المقبضين، والتي كانت تستخدم لصب السوائل ويمتاز الإناء بشكله الانسيابي والتوافق الرائع بين البدن الكروي بقاعدته الضيقة والعنق الذي يبدو طويلا ومتسعا بشكل لافت، ولعل السبب في ذلك أنه لم يكن يستخدم للشرب منه مباشرة وإنما لصب السوائل.
والبدن الخارجي للإناء مزخرف بأسلوب السلويت أو الزخرفة باللون الأسود على أرضية بيضاء، وقوام الزخرفة هنا فروع نباتية متداخلة بشكل دائري لا نهائي تنتهي في أطرافها القريبة من القاعدة بأوراق نباتية، بينما تزدان بقية بدن الإناء برسوم أنصاف المراوح النخيلية الشائعة في زخارف التوريق العربية.
جَرة صغيرة
ومن نفس الفترة يحتفظ متحف مركز ابن عربي في مرسية، بجرة صغيرة من الخزف الأبيض ذي الزخارف السوداء المرسومة تحت الطلاء الزجاجي، وإضافة للرشاقة البالغة التي يتميز بها تصميم الجرة ومقابضها فقد حرص الخزاف على أن ينثر زخارف التوريق الممزوجة بالزخارف الهندسية على بدن الجرة في تراصف ينم عن ذوق فني رفيع. وتنحصر الزخارف داخل إطارات يدور بعضها مع بدن القدر ورقبته والبعض الآخر يمتد بطول أجزاء من البدن ونلمح في الزخارف الدقة كأنها رقش كتابي، زخارف الجدائل قرب القاعدة ثم زخارف فروع نباتية حلزونية تنتشر حولها رسوم نباتية دقيقة.. أما على رقبة الجرة فنجد بشكل متكرر رسماً لنجمة سداسية الأضلاع كانت شائعة الاستخدام في الفنون الإسلامية بالأندلس.
متحف «جيان»
ومن مدن الأندلس المتوسطية أيضا مدينة «جيان»، التي تنطق بالإسبانية «خيان» ولطالما تغنى شعراء الأندلس بجمال هذه المدينة الواقعة في الشمال الغربي لإقليم الأندلس، وما زالت الحمامات العربية بهذه المدينة تنطق بنضال الموريسكيين أو المسلمين الذين عاشوا في ظل محاكم التفتيش من أجل الحفاظ على عاداتهم في التطهر. وفي جيان عدة متاحف منها متحف جيان للفنون والعادات الشعبية ومتحف الفن الدولي ومتحف مقاطعة جيان الإقليمي الذي يضم بين مقتنياته عددا كبيرا من التحف الأندلسية. ومن بين مقتنيات متحف جيان الإقليمي سوار من الذهب الخالص يعود لفترة الخلافة الأموية بقرطبة ولعله من منتجات القرن الرابع أو الخامس للهجرة «10-11م»، والتصميم الأنيق للسوار يعبر بدقة عن روح الترف التي تمتعت بها دولة الخلافة ونساء البلاط بوجه خاص.
فالسوار يتألف من خمس قطع مستطيلة بالوسط وبقطعتين على هيئة المثلث في الطرفين، وبهما يثبت القفل أو الرتاج الخاص بالسوار وقد ازدانت القطع أو الحشوات الداخلية في طرف واحد منها بأشكال مثلثات صغيرة لتحقيق التوازن التصميمي مع طرفي السوار، وبوسط كل حشوة منطقة دائرية كانت مرصعة بأحجار كريمة اقتلعت لاحقا من السوار وإلى أعلى وأسفل منها دائرتان صغيرتان بارزتان، ثم تأتي من بعدها وعلى أطراف الحشوة ثلاثة أطر من حبيبات متماسة بارزة، ويبدو واضحا من تصميم السوار حرص الفنان على القواعد الفنية السائدة في الفنون الإسلامية من تناظر وتماثل.
دورق صغير
أما مدينة «دانية»، وهي واحدة من المدن الكبيرة بشرق الأندلس المطلة على المتوسط فنجد بمتحفها الإقليمي بعضا من التحف الإسلامية، وهو أمر طبيعي في ظل أنها كانت مركزا لدولة بحرية إسلامية أسسها الصقلبي مجاهد الداني عقب سقوط دولة الخلافة، وبقيت صامدة أمام هجمات النصارى الإسبان حتى سقطت بأيديهم في عام 641 هـ.
ومن القطع الفنية المميزة بهذا المتحف دورق صغير من الخزف يتميز ببدنه الذي يتخذ هيئة كيزان الصنوبر محاكيا إلى حد بعيد كؤوس الزجاج التي كانت تستخدم في شرب النبيذ. ولهذا الدورق قاعدة متسعة نسبيا تعكس رغبة الخزاف في الإبقاء عليه متزنا حال استخدامه، بينما تبرهن رشاقة المقبض على تمتع صانعه بذائقة فنية مميزة.
وقرب دانية نجد مدينة ميورقة عاصمة إحدى أشهر جزر البليار، والتي كانت هي الأخرى من مراكز دولة مجاهد الداني فضلا عن مرسية وتعد ميورقة أكبر جزر إسبانيا، ومركزا سياحيا بارزا للسياحة الجماعية ولاسيما لمواطني كل من ألمانيا وبريطانيا.
أواني الخزف الأندلسي
داخل متحف ميورقة الإقليمي الذي يحظى بإقبال كبير من السائحين، نرى بعضا من أواني الخزف الأندلسي، ومن أبرزها صحن من خزف البريق المعدني يعود إنتاجه للقرن السادس الهجري «12 م»، خلال سيطرة خلفاء الموحدين على الأندلس. ويتميز الصحن بتصميم فني فريد يعتمد على رسم وردة ثمانية البتلات تتوسط الصحن وحولها دائرة بها زخارف نباتية دقيقة، ويلي الوردة نطاق زخرفي دائري يمتد حتى حواف الصحن، وقوام زخرفته أحرف عربية غير مقروءة رسمت بالخط النسخي المغربي بغرض الزينة وحسب، وذلك على أرضية من زخارف التوريق العربية أو الأرابيسك. وبالمتحف أيضا بعض أطباق من الخزف المرسوم تحت الطلاء الذي اشتهرت بإنتاجه الجزر والمدن الساحلية في جنوب شرق الأندلس، وهي عادة ما تزدان برسوم مستوحاة من البيئة البحرية مثل رسوم الأسماك والسفن الشراعية. عن الاتحاد الاماراتية

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الخطوط الملكية المغربية توقع شراكة استراتيجية مع الكاف وتصبح…
وزير النقل المغربي يُجري مباحثات مع رئيس مجلس منظمة…
مطار هيثرو يستأنف عملياته بعد انقطاع الكهرباء ويفتح تحقيقًا…
مطار هيثرو يعاود استقبال الرحلات الجوية عقب اضطرابات جراء…
المغرب ‬يعتزم توسعة مطار محمد الخامس في الدار البيضاء…

اخر الاخبار

وزيرة الانتقال الطاقي المغربية تُجري بباريس مباحثات رفيعة المستوى…
الملك محمد السادس يتلقى برقيتين تهنئة من عاهل المملكة…
كتائب القسام تُحذر من تداعيات حصار مكان الأسير متان…
واشنطن وباريس تؤكدان التزامهما بمنع إيران من امتلاك سلاح…

فن وموسيقى

المطربة اللبنانية كارول سماحة و رسالة مؤثرة لزوجها الراحل…
رحيل سميحة أيوب "سيدة المسرح العربي" عن 93 عامًا…
الفنانة المغربية أسماء لمنور تتوج بجائزة أفضل مطربة عربية…
إليسا تنفي عودة إصابتها بالسرطان و تواصل مسيرتها رغم…

أخبار النجوم

محمد عبده يُعرب عن سعادته باللقاء المنتظر مع جمهوره…
محمد إمام يواجه أزمة جديدة في فيلم "صقر وكناريا"
شيرين عبد الوهاب تُحيي حفلاً في مهرجان موازين يوم…
أدلة جديدة تغيّر مسار قضية سعد لمجرد وتدفع المحكمة…

رياضة

رونالدو يكشف عن عمله مترجماً لميسي ولا يستبعد اللعب…
المغربي أشرف حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لدوري أبطال أوروبا
المغربي أشرف حكيمي ثالث عربي يُحرز هدفاً في نهائي…
محمد صلاح يتوّج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليغ للموسم…

صحة وتغذية

علماء يحذرون من تزايد سرطان الرئة بين غير المدخنين
موديرنا تعلن موافقة FDA على لقاح جديد للوقاية من…
تأثير القهوة على صحتك يعتمد على جيناتك وليس فقط…
وزير الصحة يُعلن مراجعة شاملة لأسعار الأدوية في المغرب

الأخبار الأكثر قراءة

العلا على خريطة السياحة العالمية إرث تاريخي يتألّق برؤية…
هجوم مسلح يستهدف مجموعة سياح في كشمير ويخلف عشرات…
وزير النقل المغربي يكشف عن إجراءات جديدة لتقليص انتظار…
الخطوط الملكية المغربية توقع شراكة استراتيجية مع الكاف وتصبح…
وزير النقل المغربي يُجري مباحثات مع رئيس مجلس منظمة…