الرئيسية » أخر الأخبار العربية و العالمية
السُنة في العراق

بغداد - نجلاء الطائي

أثارت الهجمات الأخيرة التي يشنها الجيش العراقي على مدينة تكريت مسقط رأس الرئيس الراحل صدام حسين والمعقل المهم لمقاتلي تنظيم "داعش" الذين تراجعوا في عدد من المدن، لاسيما بعد الهزيمة الكبيرة في مدينة عين العرب "كوباني، تساؤلات كثيرة حول مصير المواطنين السنة في العراق.

وانتقد المصور العراقي السني الشاب محمود عمر، الطريقة التي تواصل حكومة بغداد نهجها في إساءة معاملة زملائه السنة, ويتفق مع القادة السياسيون داخل العراق وخارجها على أنَّ الطريقة الأفضل، وربما الوحيدة، لهزيمة "داعش" هي تحويل جزء من العرب السنة على الأقل ضدها.

وأكد عمر أنَّ الفكرة تتمل بتكرار نموذج الولايات المتحدة في 2006 من خلال دعم "حركة الصحوة" السنية التي أضعفت تنظيم "القاعدة" في العراق، على الرغم من عدم تدميره, مشيرًا إلى أنَّ الكثيرون من السنة يكرهون المتطرفين المتطرفين بسبب عنفهم الزائد، وتنفيذ قواعد غريبة وتعسفية على السلوك الشخصي الذي لا علاقة له حتى بتفسير الشريعة.

وأضاف "الحقيقة أنَّ الكثير من السنة الذين ينفرون من الهلع الذي تسببه "داعش" يجب أن يقدموا فرصة لبغداد، منذ أن أصبحت حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي أكثر شمولًا من سلفه، نوري المالكي, ويلقى باللوم على سياسات المالكي الطائفية العدائية التي اتبعت خلال الأعوام الثمانية التي قضاها في السلطة لتحويل الاحتجاجات السلمية من قبل السنة إلى مقاومة مسلحة ودفع الطائفة السنية لأحضان "داعش".

وتابع "صدمت "داعش" الكثير من أهل السنة من خلال أفعالها، ولكن بدلًا من أن تعاملنا الحكومة على نحو أفضل, عاملوننا أسوأ من ذلك".

وأشار عمر إلى أنَّه "كمثال على هذا يستشهد سلوك الشرطة في الرمادي عاصمة محافظة الأنبار الشاسعة والتي تسكنها غالبية سنية, وتأتي عائلتي من المدينة التي يبلغ عدد سكانها600 ألف الآن, وفرَّ 80 % من القتال، حيث أن "داعش" والقوات الحكومية سيطرت على  المعركة, وأطلقت "داعش" سبع هجمات انتحارية متزامنة تقريبًا الأسبوع الماضي".

وأبرز أنَّ الوضع داخل القطاع الذي تسيطر عليه الحكومة يائسٌ، بسبب نقص الغذاء والوقود والكهرباء, وتواجه الشاحنات التي تنقل الإمدادات تحديًا كبيرًا في نقاط تفتيش وكمائن "داعش", وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل حاد في المدن النائية، مثل آل القائم و آل البغدادي.

وأشار إلى أنَّ المدارس أغلقت في وجه التلاميذ؛ لأن جميعهم من اللاجئين, ولكن في خضم هذه الأزمة فإنَّ الشرطة المحلية مفترسة ومفسدة عند تعلق الأمر بالتعامل مع السنة.

وتابع "إنَّ في أحد مركز الشرطة في الجزء الذي تسيطر عليه الحكومة من الرمادي تواصل الشرطة اعتقال السنة، وتعذبهم وترفض الإفراج عنهم حتى تدفع أسرهم الرشوة من أجل خروجهم, كما أكد أنَّه يعرف رجلًا كان هناك لمدة أسبوع قبل أن تدفع أسرته 5.000 دولار للشرطة من أجل الإفراج عنه".

وبيَّن عمر، أنَّ جميع طرق المراقبة القديمة تظل موجودة، حيث يجبر أصحاب المتاجر على التجسس على عملائهم وتسليم تقارير يومية عنهم إلى الشرطة, معربًا عن رفضه "الوعود والكلمات" وتعهدات حكومة العبادي الجديدة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنَّه سيكون عدوًا طبيعيًا لـ"داعش" بما أنه مصور وعضو متعلم من عائلة معتدلة سياسيًا.

وأوضح أنَّ عائلته فقدت الكثير بسبب استيلاء جماعة متطرفة على الأنبار, وبقي والده فقط حتى وقت قريب في الرمادي لأنه أراد حماية المنزلين اللذان كان يملكهما, وأخذت "داعش" المنزل الثالث في الفلوجة ولا تعرف الأسرة ما حدث له, وترسل "داعش" أشخاصًا إلى المنازل, وإذا كان صاحب المنزل قد فر، فتعطي له 10 أيام للعودة أو الاستيلاء على ممتلكاته.

ونوَّه عمر إلى أنّه يجد صعوبة كبيرة في الثقة في حكومة بغداد؛ لأن أحد أقاربه، معاذ محمد عابد، الذي كان معلمًا ولديه زوجة وابنة، كان في السجن منذ عام 2012، محكومًا عليه بالإعدام بتهمة القتل.

وينفي هو وعائلته ارتكاب الجريمة بشدة، وأكد أنَّ الدليل الوحيد ضده هو اعترافه بعد التعذيب, ولديهم صور لمعاذ التقطت بعد استجوابه، وتبين آثار الكدمات والحروق, وقد ألغت عقوبته في نهاية المطاف؛ لكنه لا يزال في السجن, وتؤكد زوجته، التي تزوره في السجن، أنه وضع في زنزانة أربعة أمتار مربعة مع سبعة سجناء آخرين, وممنوع من أن يكون لديه جهاز راديو أو تلفزيون.

وتعد تجربة معاذ شائعة إلى حد كبير, فكثير من الشباب السنة من قرى قريبة من الفلوجة ملقين في السجن في انتظار تنفيذ حكم الإعدام، إذ أنهم اعترفوا بجرائم بعد تعرضهم للتعذيب, والطريقة الوحيدة لتحريرهم هي دفع رشوة كبيرة لأحد المسؤولين.

ويتذكر محمود عمر أنه في عام 2012 قام بالتحقيق في 12 حالة من أناس تعرضوا للتعذيب حتى الموت، منهم الصيدلي الذي اعتقل عندما رفض تزويد جنود الجيش والشرطة بالعقاقير عند نقطة تفتيش قرب صيدليته.

وقد فر معظم أفراد عائلة محمود الآن إلى كردستان, ويرى أنَّ مصائبه تعكس معاناة الطائفة السنية كلها, ويخشى أن يصبح السنة العراقيين ضحية الصراع بين "داعش" والحكومة.

وولفت عمر، الذي فضَّل استخدام اسم مستعار حفاظًا على سلامة عائلته، إلى أنَّه في حين ارتفاع أسهم "داعش" العام الماضي، ارتكب مقاتلوه المجازر لنشر الخوف مثلما فعل صدام حسين بارتكاب جرائم ضد الأكراد والشيعة من ربع قرن في وقت سابق.

وبيَّن أنَّه عند اعتقال "داعش" لسجن بادوش الحكومي, قرب الموصل، ذبح مقاتلوه 670 سجينًا من الشيعة, وفي كامب سبايكر، خارج تكريت، اصطف 800 طالب شيعي أمام الخنادق وأطلق عليهم نيران الرشاشات, وتشبه صور ذلك المشهد تلك الأعمال الوحشية التي نفذها الجيش الألماني في روسيا عام 1941, وفي آب / أغسطس عندما اقتحم مقاتلو "داعش" المناطق الكردية التي تسيطر عليها، استهدفوا اليزيديين كـ"وثنيين" لقتلهم واغتصاب نسائهم واستعبادهم.

وتساءل "هل هزيمة "داعش"، ومعهم السنة، لا مفر منها؟ على المدى الطويل, من الصعب أن نرى أي نتيجة بديلة في العراق لأنهم لا يشكلون سوى خمس السكان وغالبية أعدائهم يدعمون من قبل الولايات المتحدة وإيران, ربما تكن المناطق التي تسيطر عليها "داعش" كبيرة، ولكنها كانت دائمًا فقيرة وأصبحت أكثر فقرًا".

وأضاف "يوجد القليل من الكهرباء في الموصل، ولا تأتي الكهرباء سوى ساعتين فقط كل أربعة أيام, وهناك مولدات خاصة، ولكن بما أنه لا يوجد فرص العمل، فالناس ليس لديهم المال لدفع فواتير الكهرباء أو لشراء المولدات، وقد كان لهذا تأثير في خفض بعض الأسعار بسبب عدم وجود كهرباء من أجل الثلاجات والمجمدات، ما يعني عدم إمكانية تخزين الغذاء لفترة طويلة".

وأكد أنَّ تدهور الظروف المعيشية يعني هجر الكثير للموصل؛ ولكن "داعش" قد منعتهم، فهي لا تريد أن ترى أن أعظم غزو لها أصبح مدينة من الأشباح, وعلى أي حال، فإنه من غير الواضح إلى أي مكان يذهب مليون شخص لا يزالون في الموصل.

واستدرك "مع اشتداد القتال في أنحاء العراق في ربيع هذا العام، فمن المحتمل أن تكون المدن والبلدات السنية مدمرة, وقد يكون محمود على حق في تفكيره بأن السنيين سيضطرون للرحيل وإلا أصبحوا أقلية ضعيفة مثل المسيحيين".

واستأنف "حتى لو أرادت الحكومة في بغداد تقاسم السلطة مع السنة، فإنَّ "داعش" من خلال جرائمها الوحشية تؤكد أنَّ هذا سيكون شبه مستحيل, إذ جمعت "داعش" عشرات الآلاف من المقاتلين, قد يصل عددهم الآن إلى أكثر من 100 ألف في العراق وسورية, ما يعني أن التنظيم المتطرف لن ينهزم دون مقاومة شرسة، وإذا هزم فعلًا, فسيتم القبض على الطائفة السنية وتدميرها".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

اتفاق بين واشنطن وبكين ينهي الجدل حول تيك توك
نتنياهو يهاجم قطر ويتهمها بقيادة جهود لحصار إسرائيل
توجه المغرب نحو الغواصات يثير اهتمام فرنسا وألمانيا وروسيا
السيسي إسرائيل تخطت الخطوط الحمراء وتسعى لاستباحة المنطقة
الرئيس الإيراني يحث الدول الإسلامية على قطع العلاقات مع…

اخر الاخبار

وزير الدفاع الهندي يزور المغرب لتعزيز التعاون العسكري وتوقيع…
عبد اللطيف حموشي يُجري زيارة عمل إلى أنقرة بدعوة…
قطر تشترط اعتذارًا إسرائيليًا لاستئناف محادثات التهدئة
زيلينسكي يلتقي ترامب الأسبوع المقبل لبحث العقوبات والضمانات الأمنية…

فن وموسيقى

نيكول سابا تكشف أسرار دورها في مسلسل "وتقابل حبيب"وتوضح…
في أول ظهور إعلامي كارول سماحة تبكي رحيل زوجها…
ريهام عبد الغفور تخرج عن صمتها عقب تعرضها للتنمر…
تامر حسني يخفي إصابته بكسر في قدمه ويواصل نشاطه…

أخبار النجوم

شيرين عبد الوهاب تنفي وجود حفل مع فضل شاكر…
دينا الشربيني تكشف عن تفاصيل مثيرة حول تعاونها الأول…
درة تهدي تكريمها بالدورة الأولى من مهرجان بورسعيد إلى…
مي عمر تحسم الجدل حول مشاركتها لزوجها محمد سامي…

رياضة

اسحاق ناظر يتوج بذهبية سباق 1500 متر
النصر السعودي يضع براهيم دياز في دائرة اهتمامه لتعزيز…
سفيان البقالي فضية طوكيو انتصار للتضحية والروح الرياضية
كريستيانو رونالدو يقود النصر في مغامرة قارية جديدة بدوري…

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي يتفقد الوضع الصحي بمكناس ويطلع على…
الذكاء الاصطناعي يتجاوز الاطباء في توقع مضاعفات العمليات الجراحية
منظمة الصحة العالمية تدرس دعم أدوية إنقاص الوزن لعلاج…
ابتكار غراء عظمي يثبت الكسور في ثلاث دقائق ويذوب…

الأخبار الأكثر قراءة

فلسطين تدعو إلى التطبيق الفوري لإعلان نيويورك لوقف الحرب…
أستراليا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية ونيوزيلندا تدرس الخطوة
تحركات أوروبية مكثفة قبيل قمة أميركية ـ روسية مرتقبة…
مندوب فلسطين يؤكد أن إسرائيل تضرب ميثاق الأمم المتحدة…
وزير الدفاع الإسرائيلي يدعم زامير ويؤكد استمرار التقدم نحو…