الرئيسية » تحقيقات وأخبار بيئية
الثروة السمكية

الرباط - المغرب اليوم

يزحف الجفاف بوتيرة متصاعدة على بحيرات وأودية جبال الأطلس المتوسط إثر شح تساقط الثلوج والأمطار خلال السنوات الأخيرة والاستغلال الجائر للمياه في أنشطة فلاحية سقوية مكثفة، ما أصبح يهدد الثروة السمكية التي تعيش وسط هذه المنظومات البيئية بالانقراض، ضمنها أصناف سمكية نادرة تستوطن مياه الأوساط القارية للمنطقة.

بحيرات طبيعية كانت إلى وقت قريب تؤثث مناطق إفران وخنيفرة جفت بالكامل أو تراجع مستوى مياهها بشكل غير مسبوق، وأودية تعيش أصعب فتراتها بعد أن أصبحت مياهها عاجزة عن الوصول إلى وجهتها بفعل تراجع صبيبها بشكل مهول.

وإذا كانت ضاية عوا وضاية حشلاف بإقليم إفران، اللتان كانتا غنيتين بأسماكهما المتنوعة، لم تعودا تحملان من الضاية إلا الاسم بعد أن جفت مياههما بالكامل، فإن من الأمثلة الحية لجفاف البحيرات الطبيعية بإقليم خنيفرة، بحيرة يشو، فضلا عن بحيرة أكلمام أبخان وبحيرة أكلمام أزكزا اللتين يتراجع مستوى مياههما كل يوم.
الحاجة إلى استراتيجية وطنية للمحافظة على الأسماك النادرة

محمد بوفطيحي، رئيس جمعية الصيد والتنمية المستدامة والمحافظة على الحياة البرية بالمغرب، الكائن مقرها بمدينة خنيفرة، نبه إلى أن البحيرة الطبيعية اكلمام ابخان توشك على أن تصبح أثرا بعد عين بفعل الظروف المناخية وتأثرها بحفر الآبار وضخ مياهها للسقي، مبرزا أن بحيرة أكلمام ازكزا بدورها تعرف تراجعا خطيرا لمستوى مياهها بفعل المناخ وتدخلات الإنسان.

وقال بوفطيحي، إن جفاف البحيرات الطبيعية أو تراجع مستوى مياهها يحولها إلى أوساط غير قابلة لاستيطان الأسماك، موردا أن “الجفاف أثر أيضا على أودية الأطلس المتوسط كما هو الشأن بالنسبة لشبوكة وفلات اللذين لم تعد مياههما قادرة على الجريان، ليس فقط بفعل تأثرهما بالجفاف ولكن أيضا جراء إدخال مزروعات جديدة إلى المنطقة تستنزف الكثير من مياه السقي”.

وأوضح أن على رأس الأصناف السمكية التي تعيش في المياه القارية ويهددها الجفاف بالانقراض، توجد التروتة النهرية، التي أكد أنها من أصناف أسماك المياه العذبة التي لا توجد سوى في المغرب.

وأضاف بوفطيحي أن التروتة النهرية لم تعد مستوطنة إلا نهر أم الربيع وواد اشبوكة، لافتا إلى أن عملية إنقاذها عبر تربيتها وتفريخها في محطات تربية الأسماك تعترضها تحديات عدة، أهمها عدم قدرتها على التكيف مع مثل هذه الأوساط الاصطناعية.

وأشار رئيس جمعية الصيد والتنمية المستدامة والمحافظة على الحياة البرية بالمغرب إلى أن من بين الأسماك النادرة المهددة كذلك بالانقراض بفعل اختلال المنظومة البيئية، “هناك الصنف السمكي المعروف بالسمك الأزرق، الذي يعيش في أودية هيس وشبوكة وسرو وكرو وأم الربيع”.

وأمام هذا الوضع المقلق، شدد بوفطيحي على أن “جمعيات الصيد الإيكولوجي المهتمة بالبيئة لا يمكنها فعل أي شيء؛ لأن دورها يقتصر على تعبئة حراس محلفين متطوعين للإشراف على تحرير المحاضر والمخالفات التي تخص الصيد الجائر أو الممنوع”.

واستطرد بأنه “فضلا عن اقتراحها إنقاذ الأسماك التي يتهدد وسطها الجفاف بنقلها إلى مناطق آمنة، ما فتئت جمعيات الصيد الإيكولوجي وتلك المهتمة بالبيئة تطالب بتبني استراتيجية وطنية مجدية لتنمية قطاع الصيد الإيكولوجي والمحافظة على أسماك المياه القارية من الاندثار”، من ضمن محاورها “استزراع الأسماك الصغيرة لكي تتكيف مع الوسط الجديد بشكل أفضل”.

الجفاف يتحدى مبادرات حماية أسماك المياه العذبة

من جانبه، قال عزيز أوعلا، إطار بالمركز الوطني للأحياء المائية وتربية الأسماك بأزرو، إن توالي سنوات الجفاف، إلى جانب الاستغلال الجائر للمياه في الأنشطة الفلاحية، أدى إلى اختفاء بحيرات أو تراجع مستوى مياهها بشكل لافت بمناطق الأطلس المتوسط، فضلا عن تأثر السدود والوديان أيضا بفعل العوامل المذكورة.

وأوضح أوعلا، في تصريح لهسبريس، أن “معظم مواطن أسماك المياه القارية والمنظومات المائية تضررت بفعل الجفاف والاستغلال الجائر للمياه في أنشطة فلاحية تعتمد على السقي”، مبرزا أن تداعيات الجفاف همت أيضا المحطات المخصصة لتفريخ الأسماك المعدة للاستزراع، مثل محطة الدروة ببني ملال التي قال إنها تعرضت للجفاف تماما.

وأضاف المتحدث ذاته، في هذا السياق، أن محطة راس الماء بأزرو المعدة لتفريخ السلومنيات والتروتة بجميع أصنافها، “أصبحت مياهها أكثر سخونة بسبب تراجع واردات المياه العذبة إليها، ما أثر على تربية الأسماك داخلها”، كاشفا أن الظاهرة طالت كذلك استيطان الأسماك ببحيرة أمغاس الاصطناعية.

وذكر الإطار بالمركز الوطني للأحياء المائية وتربية الأسماك بأزرو أن الجفاف أدى إلى الإخلال بالمنظومة البيئية لمياه الأوساط القارية بالأطلس المتوسط، مؤكدا أن المركز يعمل جاهدا على المحافظة على الأسماك التي هي في طور الاندثار، مثل التروتة النهرية، وذلك رغم أن هذه الأخيرة “في حاجة إلى ظروف طبيعية صارمة لتعيش وتتكاثر”.

وشدد أوعلا على أن المركز الوطني للأحياء المائية وتربية الأسماك بأزرو يعمل على تنظيم المناطق التي يمنع فيها الصيد للحفاظ على الأسماك النادرة، وذلك إلى جانب قيامه، رغم التحديات المختلفة، باستزراع أكبر عدد ممكن من الأسماك لخلافة تلك التي يتهددها الاندثار، مثل استزراع أسماك التروتة القزحية والفرخ الأسود والزنجور والبلطي النيلي.

قد يهمك أيضا

استنزاف الثروة السمكية يثير قلق سكان الحسيمة

 

"اتفاق الصيد" التعاون بين المغرب وروسيا لتنمية الثروة السمكية يدخل حيّز التنفيذ

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

ليلى بنعلي تؤكد أن مشروع الغاز الإفريقي–الأطلسي والربط الكهربائي…
أمطار غزيرة تسبب فيضانات في إيران بعد تلقيح السحب…
وزير الفلاحة المغربي يفتتح المعرض الجهوي للزيتون بجرسيف ويدشن…
المغرب يطلق الموسم الفلاحي 2025 2026 بإمدادات بذور ودعم…
حقينة السدود المغربية تستقر عند 31 في المائة وسط…

اخر الاخبار

رئيس مجلس النواب المغربي ونظيره الملاوي يوقعان بالرباط مذكرة…
نزار بركة يدعو إلى محاربة الفساد الانتخابي والتصدي للتضليل…
أخنوش يؤكد أن تعميم التغطية الصحية وإصلاح التعليم إنجازات…
حزب الله يجزئ ذراعه المالية للتهرب من العقوبات الدولية

فن وموسيقى

ياسمين عبد العزيز تكشف أسرار حياتها المهنية والشخصية وتستعد…
يسرا تكشف فلسفتها المهنية وتستعد للعودة إلى الدراما والسينما…
مي عمر تتحدث عن علاقتها بالنقد وتؤكد اعتمادها على…
منى زكي تؤكد أن تجسيد أم كلثوم كان الأصعب…

أخبار النجوم

السقا غاضب بعد فيديو صلاح ويعبر عن حزنه لإهانة…
منى زكي تؤكد حرصها على تقديم عمل يليق بأم…
عمرو دياب يشعل الكويت بحفل إستثنائي ويؤكد ليلة لا…
أحمد السعدني يشعر بسعادة كبيرة بالنجاح الذي حققه فيلم…

رياضة

صلاح يرفض الحديث للإعلام بعد فوز ليفربول ويمازح الصحافيين
محمد صلاح يزاحم ميسي ورونالدو في قائمة أعظم 100…
جولة ميسي في الهند تعرف على تكلفة مصافحته والتصوير…
محمد صلاح يعود لتشكيلة ليفربول أمام برايتون بعد محادثات…

صحة وتغذية

أسرار العمر الطويل أكبر معمرة في العالم تكشف وصفة…
لقاح واعد يُحفِّز استجابة مناعية ضدَّ سرطان الثدي
منظمة الصحة العالمية تطلق مكتبة رقمية عالمية للطب التقليدي
تناول الأفوكادو بانتظام يسهم في خفض مستويات الكوليسترول الضار…

الأخبار الأكثر قراءة

إعصار ميليسا يقترب من جامايكا بقوة غير مسبوقة وتحذيرات…
إثيوبيا تبني ثاني أكبر سد بعد النهضة وسط تساؤلات…
الأمم المتحدة تُحذر من هشاشة المغرب أمام تغير المناخ…
بعثة روسية مغربية مشتركة لدراسة المخزون السمكي في الأطلسي
السدود المغربية تسجل تراجعا جديدا في مخزون المياه