الرباط - المغرب اليوم
دعا الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، إلى وحدة قوية وجبهة داخلية صلبة وتعبئة شاملة من كافة المواطنات والمواطنين لبلوغ النتيجة في ملف الصحراء المغربية، في ظل زخم الدبلوماسية المغربية، مؤكدا أن هذا الصراع المفتعل لن يطول، مما سيمهد الطريق لإعادة إحياء المغرب العربي وخلق سوق اقتصادية كبرى تضم 100 مليون نسمة، مع ضمان الاستقرار والسلم في المنطقة.
وتطرق نزار بركة للتحديات التنموية، مشيرا إلى أن الخطاب الملكي الأخير كان موجها لشباب الإقليم كما شباب الوطن، بقول جلالته: “ما تزال هناك بعض المناطق، لاسيما بالعالم القروي، تعاني من مظاهر الفقر والهشاشة، بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الأساسية، وهو ما لا يتماشى مع تصورنا لمغرب اليوم، ولا مع جهودنا في سبيل تعزيز التنمية الاجتماعية، وتحقيق العدالة المجالية، فلا مكان اليوم ولا غدا، لمغرب يسير بسرعتين.”
وشدد بركة أنه لم يعد مقبولا استمرار الفوارق المجالية، طارحا السؤال الجوهري “كيف السبيل لبلوغ مغرب بسرعة واحدة؟ مشيرا إلى أن منطق وقف المشاريع الكبرى لتنمية مناطق أخرى لا يستقيم، إذ لا وجود لتناقض أو تنافس بين المشاريع الوطنية الكبرى والأوراش المحلية، مؤكدا أن ثلاث جهات فقط تساهم بـ 60% من الناتج الداخلي الخام، داعيا إلى تفعيل برامج التنمية الترابية، ومشدداً على أهمية اعتماد سياسة قائمة على النتائج الملموسة والتي لها وقع على الحياة اليومية للمواطنين.
وأورد نزار بركة أرقاماً دالة على حجم الاستثمارات الوطنية، حيث بلغت تكلفة ملعب الأمير مولاي عبد الله 5 ملايير درهم، فيما وصلت تكلفة مستشفى بن سينا إلى 12 مليار درهم، وهو ما يبرز الأهمية القصوى التي تحظى بها أوراش قطاع الصحة، مشيرا إلى إنجاز وتأهيل 1100 مستوصف قروي، وتخصيص 25 مليار درهم كمجموع استثمارات لاحتضان الأنشطة الرياضية في أفق 2030، مقابل 26 مليار درهم ترصد سنويا لبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر.
ولفت الأمين العام إلى أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 خصص 140 مليار درهم لقطاعي التعليم والصحة، وهو مبلغ يعادل ثلاث مرات ما خُصص لاستضافة كأس العالم، مشيرا إلى أن الإشكال المطروح اليوم لا يتعلق بحجم الاستثمارات بقدر ما يرتبط بالحكامة الجيدة والنجاعة في التنفيذ وتحقيق النتائج الملموسة على أرض الواقع لصالح المواطنات والمواطنين.
وأكد نزار بركة أن الأولوية الراهنة تعطى لوضع خريطة صحية وطنية وجهوية تهدف إلى تعزيز اللامركزية في القطاع الصحي، مشيرا إلى الإجراءات المتخذة لتحفيز الأطباء على الاشتغال في القطاع العمومي، من بينها رفع أجور الأطباء بنسبة 30%، وتقديم تحفيزات خاصة للأطباء العاملين في المناطق النائية، فضلا عن استقطاب أطباء من الخارج لسد الخصاص المسجل في هذا القطاع الحيوي.
ولفت الأمين العام إلى ارتفاع معدلات الفقر الناتجة عن نسب البطالة التي تصل لـ 29% بالإقليم، معتبرا أنه من غير المقبول أن يصل المعدل الوطني للفقر في المجال الحضري إلى 6% وأن يبلغ 13% في العالم القروي وطنياً، بينما تسجل مناطق مثل بويبلان نسبة مقلقة تصل إلى 49%، مشددا على ضرورة الخروج من منطق السياسات التقليدية في المجال الاجتماعي، إلى وضع برامج مندمجة تشمل الطرق والمستشفيات والمدارس والربط بشبكة الإنترنت، لضمان تنمية شاملة ومتوازنة تحد من الفوارق المجالية وتحقق العدالة الاجتماعية والمجالية المنشودة.
كما أكد نزار بركة أن الإحصاء العام للقطيع الوطني يمثل فرصة ثمينة لوضع سياسة فلاحية واقعية وواضحة تضمن تطوير القطيع الوطني، مشيرا إلى أن الجفاف والتغيرات المناخية أصبحا واقعا ملموسا يجب التعامل معه بجدية، مسلطا الضوء على تداعيات الجفاف الخطيرة على إقليم تازة، حيث تراجعت حصة الفرد من المياه إلى 200 متر مكعب سنويا مقابل 650 مترا مكعبا على الصعيد الوطني، إضافة إلى إشكاليات متعلقة بالفرشة المائية مما يضر بالقطاع الفلاحي ويستدعي بشكل عاجل تبني فلاحة مستدامة غير مستهلكة للماء.
ودعا الأمين العام إلى ضرورة العمل على تطوير السياحة القروية والإيكولوجية، مؤكدا أن تازة تتمتع بمقومات إيكولوجية هامة وتاريخ عريق يستوجب الاستثمار فيه بشكل فعال، داعيا جمعيات المجتمع المدني إلى الانخراط في استثمار كل هذه المقومات، مع التركيز على تطوير الصناعة التقليدية والصناعات الغذائية والتجارة الإلكترونية.
وأشار نزار بركة إلى الامتياز الخاص الذي يمنحه الإقليم للمستثمرين، في إطار ميثاق الاستثمار الجديد، حيث توفر الدولة دعما يصل لـ 10% للمستثمرين الراغبين في توطين استثماراتهم بإقليم تازة، وهو دعم لا يستفيد منه المستثمرون في المدن الكبرى، مشدداً على الموقع الاستراتيجي المتميز للإقليم الذي يربطه طريق سيار بالرباط وكذا وجدة، مع استفادته من مشروع الطريق السيار جرسيف – الناظور، ما من شأنه تمكين الإقليم من التصدير والانفتاح على الأسواق الدولية عبر ميناء الناظور غرب المتوسط.
وأشار إلى أن هذا الطريق سيقلص مدة السفر بين الناظور وتازة إلى قرابة ساعتين، مستعرضا جملة من المشاريع الهامة التي تهم إقليم تازة، خاصة في قطاعي التجهيز والماء، بما في ذلك مشاريع السدود والطرق التي من شأنها تعزيز البنية التحتية للإقليم والمساهمة في تحسين الظروف المعيشية للساكنة وتشجيع الاستثمار.
كما توقف الأمين العام للاستقلال عند الرهانات المعقودة على الانتخابات التشريعية المقبلة، معربا عن تخوفه الكبير من تسجيل نسبة مشاركة ضعيفة، وهو ما من شأنه أن يمس بمصداقية المؤسسات المنتخبة، محذرا من أن مصداقية الحكومة المقبلة ستكون على المحك في الانتخابات المقبلة، خاصة أنها ستتولى مسؤولية الإشراف على مفاوضات حاسمة تتعلق بالحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، مما يستدعي تعبئة شاملة لضمان نجاح هذه الاستحقاقات الوطنية الهامة.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
نزار بركة يؤكد أن 2025 سنة الحسم في قضية الصحراء والحكم الذاتي تحت السيادة المغربية