الجديدة ـ أحمد مصباح
قدم نقيب هيئة المحامين في الجديدة حميد البسطيلي، مرافعة "حقوقية" متميزة، أمام الغرفة الجنائية لدى استئنافية الجديدة، تعقيبا على التماس رفعته النيابة العامة، اعتبرت فيه أن جلسة المحاكمة "جاهزة"، في غياب دفاع المتهم، مستندة في ذلك إلى قرار صدر عام 1966. وشدد النقيب على كون المتهم يملك حق التمتع بحماية القانون، الذي يخول له حق الإنصاف القضائي، ومن ثم الحق في الاستعانة بالدفاع، ومساعدة محام. وهذا ما كرسته المادتان 316 و751 من قانون المسطرة الجنائية، والمادتان 155 و156 من دستور المملكة المغربية. ويبقى الحق في الدفاع غير قابل للتصرف أو الانتهاك. حيث أن غياب الدفاع يضر بالمحاكمة العادلة، ويخرق شروطها. وتندرج مرافعة النقيب "الحقوقية" في ظروف تتميز باحتدام الخلاف بين هيئات المحامين في المغرب، ووزارة العدل والحريات، بشأن "نظام المساعدة القضائية". وكان أصحاب البذلة السوداء المنتسبون إلى هيئة الجديدة، قاموا في وقت سابق، على غرار مختلف هيئات المحامين في جهات المملكة الستة عشر، بوقفة احتجاجية للتنديد ورفض المرسوم رقم 2.12.319، الصادر بتاريخ: 26 شباط/فبراير 2013، والمتعلق بتطبيق المادة 41 من القانون رقم : 28.08، الخاص بتعديل قانون المهنة، في موضوع أتعاب المحامين، المقررة بمثابة مصاريف مدفوعة لهم، مقابل الخدمات التي يقدمونها في إطار "المساعدة القضائية"، والصادر في الجريدة الرسمية في العدد 6150، بتاريخ 9 أيار/مايو 2013. وكان النقيب السابق عبد الكبير مكار، استحضر، خلال الوقفة الاحتجاجية، في بيان رسمي، تلاه نيابة عن النقيب حميد البسطيلي، النواقص التي شابت المرسوم، والتي تمس في الصميم وبشكل مباشر، مهنة المحاماة، سواء فيما يتعلق بالتعويضات التي نص عليها نظام "المساعدة القضائية"، أو طريقة صرفها والاستفادة منها. وعن قيمة التعويضات المخصصة في إطار "المساعدة القضائية"، اعتبرها الأستاذ عبد الكبير مكار غير مناسبة لأسباب مهنية عدة، ناهيك عن كون الشروط الأخرى، تمس بكرامة واستقلالية المحامي، الذي سيتعين عليه تقديم طلب صرف التعويضات، داخل أجل السنة المالية المدرجة فيها، وأن أي تأخير سيعرضها للضياع، ومن ثمة عدم استفادته منها. وردد المحامون في وقفتهم الاحتجاجية، شعارات الاستنكار والتنديد في مواجهة المرسوم. وأخذ محامون الكلمة، وحذروا من خطورة ما يجري، ودعوا إلى الالتزام والتقيد وتفعيل وتنفيذ مقررات جمعية هيئات المحامين في المغرب، احتجاجا على المرسوم، حيث طالبوا بتعليق تقديم خدمات "المساعدة القضائية"، ابتداء من الخميس 30 أيار/مايو 2013. و في تصريح خص به "المغرب اليوم"، أعرب الدكتور رشيد وهابي، محامي في هيئة الجديدة وناشط حقوقي وجمعوي وإعلامي، أن جمعية المحامين في المغرب، والمحامين جميعهم لدى مختلف الهيئات في المملكة، تفاجؤوا بصدور المرسوم المذكور في الجريدة الرسمية، والذي لم يكن منتظرا، سيما بعد أن الجمعية كانت اتفقت مع وزير العدل والحريات، على تأخير إخراجه إلى حين الاتفاق على الصيغ المختلفة المقترحة بشأنه. وكانت وزارة العدل أكدت في بيان لها، تمسكها بمسلسل التشاور القائم بينها، وبين جمعية هيئات المحامين في المغرب، فيما يخص موضوع أتعاب المحامين في مجال "المساعدة القضائية"، وبخاصة في شقيها المتعلقين بالاعتمادات المالية المرصودة لهذا الغرض، وكيفية صرفها. وأشار رشيد وهابي إلى أن علاقة وزير العدل مع جمعية هيئة المحامين في المغرب، والمحامين في المملكة، قد تعرف توترا غير مسبوق، نتيجة صدور هذا المرسوم. واعتبر أن أي حل في القريب لهذه المشكلة، غير ممكن بعد صدور المرسوم في الجريدة الرسمية، وأكد أن الحل الذي قد يرضي الأطراف المعنية، لا يمكن أن يكون إلا عبر تعديل قانوني، عليه أن يقطع تقريبا الطريق والمراحل نفسها التي قطعها المرسوم، وأن الجمعية لم يتبق لها إلا حل واحد، يكمن في الدعوة إلى مقاطعة الأتعاب المنصوص عليها في المرسوم، وإقناع النقابات بتبني هذا التوجه، والاستمرار في تقديم "المساعدة القضائية"، في قضايا الجنايات دون مقابل مادي، واعتباره (المرسوم) كأنه لم يكن أصلا. وأضاف الدكتور وهابي أن موضوع "المساعدة القضائية "في الجنايات، سبق وأن تطرق إلى مشاكله، وسماها، أواخر تسعينات القرن الماضي، ب"الفريضة غير المأجورة"، على اعتبار أن المحامي المكلف بها، يجب عليه أن ينوب فيها دون مقابل. وإذا تخلف الدفاع عن القيام بها، والحضور لجلسات المحاكمة، عوقب تأديبيا بسبب ذلك. واعتبر أن "الفرائض" كلها لها أجر ما عدا "المساعدة القضائية" في الجنايات. وطالب حينها بضرورة تكفل الدولة بأتعاب المحامين في نيابتهم عن المعوزين، حتى تكون (نيابتهم ) في هذه الملفات نيابة "حقيقية ومسؤولة"، وليست "صورية".