الرئيسية » أخبار عربية

على الطريق الدولي السريع شمالي الرمادي في محافظة الأنبار يعتصم الآلاف من أهالي المحافظة وقد ضاقت بهم السبل وكاد صبرهم أن ينفذ، وحين اعتلى نائب رئيس الحكومة العراقي صالح المطلك المنصة استعدادا لمخاطبة المعتصمين، فوجئ باستقبال غير مشرف.للوهلة الأولى يبدو المطلك الشخصية الأنسب للتوسط بين رئيس الوزراء نوري المالكي ومتظاهري الأنبار، فهو ابن الأنبار، محافظة العشائر العربية السنية ذات النبض الشعبي المناهض للنظام السياسي في العراق.وهو قاد بنفسه مواجهات سياسية قاسية مع رئيس الحكومة العراقي، ونعته ذات مرة بالديكتاتور، قبل أن يعود الرجلان ويتصالحا.لكنه قبل أن يتفوه بكلمة من على تلك المنصة، انهالت صوبه زجاجات المياه من صفوف المتظاهرين الأمامية ، فما كان من حراسه إلا أن سارعوا بإخراجه هربا نحو سياراتهم لكن مجموعة من المتظاهرين أبت إلا أن تطاردهم علّها تصيب نائب رئيس الوزراء بما تيسر.تابع المطلك وحراسه الهروب تحت وابل من الأحذية والحجارة، وقد استدار بعض الحراس ليطلق النار في الهواء تارة وعلى الأرض طورا، في محاولة يائسة لإبعاد حشد يفوقهم عددا بكثير. أصيب أربعة من المتظاهرين وتمكن الموكب من الفرار.بمغادرة صالح المطلك ساحة الاعتصام رسّخ المعتصمون قاعدة تحركهم الشعبي. ليست القيادة هنا لمن يعتلي المنصة، وإنما للجمهور الذي افترش الأرض ونصب الخيم على هذه البقعة من الطريق الدولي المؤدي إلى سوريا والأردن.تصرف المعتصمين مرده فقدان الثقة بالنظام في بغداد، وشعورهم بأن السياسيين السنّة الذين يتبوأون مناصب عليا في الدولة شركاء في عملية سياسية فاسدة أدت بهم إلى التهميش.التحرك الشعبي في مدن الأنبار، وخصوصا الرمادي والفلوجة، بدأ بعد عملية مداهمة واعتقال طالت حراس وزير المالية رافع العيساوي، القيادي في قائمة "العراقية" المعارضة لرئيس الوزراء نوري المالكي واحد وجهاء الأنبار. لكن الحراك سرعان ما تخطى الشرارة الأولى ليشمل مطالب أوسع بكثير. المطلب الأول والأكثر إثارة للحماسة والغضب هو اطلاق سراح المعتقلات في السجون العراقية، فالمعتصمون يتهمون القوات الأمنية باعتقال نساء عوضا عن أزواجهن أو أبنائهن المطلوبين للعدالة.كما يطالبون بخروج معتقلين قالوا إن المحاكم برأتهم لكنهم لا يزالون في السجن، وآخرين اعتقلوا بعد الإبلاغ عنهم بواسطة مخبر سري، وبدون تحقيق.بالنسبة إلى المحتجين هنا، فإن تعاطي الدولة مع مسألة الإرهاب مسيس وطائفي، ما دفعهم إلى المطالبة ايضا بإلغاء ما يعرف بالمادة "أربعة إرهاب" في القانون العراقي، التي اصبحت تسمى هنا بسخرية مريرة بالمادة "أربعة سنّة"، تعبيرا عن الشعور السائد بأنها تستهدف العرب السنة.كذلك يريد المعتصمون إلغاء قانون المساءلة والعدالة الذي حل محل قانون استقصاء البعث."نحن بالنسبة إلى الحكومة بعثيون وهابيون صدّاميون تكفيريون،" قال لي أحد النشطاء الشباب المشرفين على الغرفة الإعلامية، وهي عبارة عن خيمة كبيرة مجهزة بالانترنت يدير فيها شبان جامعيون صفحة على موقع فيسبوك."عشيرة شباب الوطن"على عكس الخيم الأخرى التي يحمل كل منها شعارات باسم عشيرة معينة مشاركة بالتحرك، يرفع الشبان هنا شعار "ثورة شباب الأنبار، عشيرة شباب الوطن.""نحن نقوم بجهد إعلامي لأن الإعلام رفض تغطية تحركنا"، قال أحد الشبان، متهما الحكومة بدفع الرشى لبعض القنوات المحلية كي لا تغطي الحدث.لا يمكن التحقق من الاتهام، لكن المؤكد أن السلطات العراقية منعت عددا من القنوات والوكالات بينها البي بي سي من الوصول إلى موقع الاعتصام في الجمعة التي سميت جمعة العزة. بعض التقديرات يومها تحدث عن أكثر من مئة ألف متظاهر في موقع الاعتصام، إضافة ألى أعداد كبيرة ايضا في الفلوجة ومدن أخرى.على رغم شعورهم الجارف بالتهميش والاستهداف، يبذل المعتصمون قصارى جهدهم لإبعاد شبهة الطائفية عن تحركهم.تبرز الشعارات الوطنية في كل مكان أثناء التظاهرات، أبرزها شعار "إخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه".كما يشدد الناشطون على أنهم ضد الحكومة وليسوا ضد الشيعة، وأن رئيس الوزراء نوري المالكي "لا يمثل الشيعة،" وإنما يحاول تخويفهم من خلال الإيحاء بأن هذا التحرك هو تحرك طائفي.هذا وقد كسب المتظاهرون دعما من عدد من الوفود التي جاءتهم من الجنوب، إضافة إلى موقف مؤيد لتحركهم صدر عن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.ولقي تحركهم أيضا دعما من إقليم كردستان الذي يخوض معاركه السياسية الخاصة به مع الحكومة في بغداد."تقسيم العراق"في بغداد، رد رئيس الوزراء نوري المالكي على المعتصمين بمزيج من التحذير ومحاولة التقارب. فقد أعرب عن استعداده لتشكيل لجنة تقصي حقائق في قضية المعتقلات والمعتقلين، لكنه اتهم بعض المتظاهرين بافتعال أزمة طائفية وبالـ"جعجعة" التي تهدف إلى تقسيم العراق. تصريحات المالكي زادت المعتصمين استياء.وقال الشيخ علي حاتم سليمان أحد أبرز شيوخ العشائر في الأنبار لبي بي سي: "البلاد كلها متأذية لكن الأنبار معيار الاستقرار والمالكي عبث بمعيار الاستقرار. يتحدث عن المصالحة و يرمي الناس في السجون. يتكلم عن وحدة العراق ويرسل ميليشيات. "وأضاف: "نحاول تجنب الطائفية، لكن إذا تم فرضها علينا كأمر واقع سنحاول التعامل معها. الأنبار قامت لشرف العراق."في غضون ذلك تستمر في أنحاء العراق الهجمات التي تستهدف الجيش والشرطة والزوار الشيعة، ومع كل قطرة دم جديدة، تزداد الهوة بين مكونات الشعب العراقي.ففي أذهان الكثيرين، المطالبة بإلغاء المادة أربعة إرهاب والمطالبة بالإفراج عن السجناء لا تعني سوى مزيد من القتل. أما في مخيم الاعتصام في الأنبار، فالقناعة راسخة بأن لا علاقة لأبناء المحافظة بالإرهاب، وأن "مصدر الإرهاب في العراق هي إيران."يروي أحد الشبان المعتصمين قصة عن شاب تمكن يوما من إقناع عدد من رجال المحافظة بالانضمام إلى مجموعة مسلحة تكفيرية بقيادته. "ادعى أنه سعودي الجنسية، لكن أمره افتضح فيما بعد على أنه أيراني".لكن إذا كان هو إيرانيا يريد افتعال الفتنة، ماذا عن الرجال الذين ساروا خلفه؟ رد عليّ الناشط قائلا: "هؤلاء ضعفاء النفوس."تتعالى في بغداد تحذيرات رسمية من الاستمرار في قطع الطريق الدولي و"التظاهر بدون علم السلطات وإذنها."أما في مخيم الاعتصام، فيتناوب على المنصة وجهاء ورجال دين وشعراء، ليتحول المكان إلى مهرجان من الأناشيد والقصائد والخطب النارية المدافعة عن "أهل السنة والجماعة"، إضافة إلى دعوات نبذ الطائفية وتأكيدات على أن رجال الأنبار "سائرون على درب الحسين."

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

عقوبات أميركية تهدد رواتب «الحشد» العراقي
جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض صاروخاً أطلقه الحوثي من اليمن
خادم الحرمين وولي العهد يهنئان أمير قطر بذكرى توليه…
قسد تنفي علاقة مخيم الهول بمنفذي تفجير الكنيسة في…
الجيش يعلن توقيف قائد تنظيم «داعش» في لبنان

اخر الاخبار

الكرملين يرحب بوقف تسليح أوكرانيا وكييف تحذر من تشجيع…
مصادر أميركية تكشف أن إيران كانت على استعداد لتلغيم…
حزب الله يعلن وقف المساعدات للمتضررين من الحرب
الجيش الإسرائيلي يعتقل خلية يعمل عناصرها لصالح إيران

فن وموسيقى

أحمد السقا يؤكد أنه بلا منافس في السينما ويكشف…
ماجدة الرومي تُعبر عن مشاعر محبة وامتنان عميقة تجاه…
صابر الرباعي يؤكد أن مهرجان موازين في المغرب نموذج…
نيللي كريم تكشف تفاصيل إصابتها بالسرطان في وجهها وتحكي…

أخبار النجوم

سلمى أبو ضيف تصف دورها في "إنشالله الدنيا تتهد"بأنه…
سلمى أبو ضيف تكشف عن أمنيتها في مشوارها الفني
منة شلبي جمهورها لفيلمها الجديد تشوق "هيبتا 2"
ليلى علوي تخوض تجربتها الخامسة أمام بيومي فؤاد في…

رياضة

غوارديولا يُعرب عن حزنه بعد خروج مانشستر سيتي أمام…
المغربي أشرف حكيمي يقود باريس سان جرمان لربع نهائي…
الأردن يرفض مواجهة إسرائيل في مونديال السلة وعقوبات محتملة…
الهلال السعودي يواصل سعيه لضم المغربي يوسف النصيري لتعزيز…

صحة وتغذية

شركة مايكروسوفت تعلن عن تقدم غير مسبوق في الذكاء…
دراسة تحذر السيجارة الإلكترونية تؤثر على جينات الفم
6 مشروبات تنظف الأمعاء عند تناولها على معدة فارغة
دراسة تؤكد نجاح الإنسولين المستنشق في علاج الأطفال المصابين…

الأخبار الأكثر قراءة

وزارة الداخلية الكويتية تمهد لسحب جنسية 1292 شخصًا ورفع…
المجلس الرئاسي الليبي يؤكد ضرورة العمل المشترك بين الأطراف…
اعتقال مراهق إسرائيلي بتهمة التجسس لصالح إيران على رئيس…
مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي يوافق على إدخال مساعدات إنسانية…
غرب كردفان تعلن حالة الطوارئ والتعبئة العامة مع اقتراب…