تونس – المغرب اليوم
أعلنت وزارة الدفاع التونسية الخميس مقتل 14 عسكريا و"فقدان" جندي في هجوم نفذه مساء الأربعاء مسلحّون محسوبون على تنظيم القاعدة، بجبل الشعانبي (وسط غرب) على الحدود مع الجزائر، في أسوأ حادثة في تاريخ المؤسسة العسكرية التونسية.
وقال العميد سهيل الشمنقي المسؤول عن العمليات في جيش البر ان المسلحين استعملوا رشاشات وقذائف ار بي جي وقنابل يدوية في الهجوم الذي وقع مع موعد الإفطار واستهدف بشكل "متزامن" نقطتَيْ مراقبة تابعتين للجيش في هنشير التلّة بجبل الشعانبي.
وأسفر الهجوم عن مقتل 14 عسكريا واصابة 18 آخرين بينهم 3 حالتهم خطيرة، وفق العميد.
وهذه أسوأ حادثة في تاريخ المؤسسة العسكرية في تونس منذ استقلال البلاد عن فرنسا سنة 1956.
واعلنت رئاسة الجمهورية الحداد ثلاثة أيام اعتبارا من الخميس.
وأوضح العميد سهيل الشمنقي في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع الجنرال محمد صالح الحامدي قائد أركان جيش البر، ان خمسة من بين العسكرين القتلى قضَوْا بالرصاص و9 ماتوا حرقا بعدما اشتعلت النيران في خيمتهم التي استهدفها "الارهابيون" بقذائف الآر بي جي والقنابل اليدوية. وأضاف انه تمّ خلال العملية قتل "ارهابي" تونسي الجنسية.
وأعلن الجنرال محمد صالح الحامدي قائد أركان جيش البر "فقدان" عسكري برتبة جندي متطوع في الهجوم.
وقال ان الجندي "مفقود حتى الآن ويمكن ان يكون مختطفا او مصابا او قد استشهد".
وأضاف "يجب أن نعدّ أنفسنا لحرب طويلة الامد (ضد الارهاب) ويجب أن نكون مستعدين نفسيا لتقبل خسائر أخرى" لافتا إلى ان المسلحين الذين نفذوا العملية "متدربون".
ومنذ نهاية 2012 تلاحق أجهزة الجيش والأمن في جبل الشعانبي من ولاية القصرين الحدودية مع الجزائر، مجموعة مسلحة تطلق على نفسها اسم "كتيبة عقبة بن نافع".
وتقول السلطات ان هذه المجموعة مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وإن عناصرها خططوا لإقامة "أول إمارة إسلامية" في شمال افريقيا بتونس.
ومنتصف حزيران/يونيو الحالي اعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ولأول مرة أن المسلحين المتحصنين في جبل الشعانبي تابعون له.
وكان الجبل، شهد في رمضان 2013 حادثة مماثلة حيث قتل مسلحون مع موعد الافطار 8 جنود في كمين نصبوه لهم يوم 29 يوليو/تموز 2013.
وأعلن القضاء العسكري وقتها ان المسلحين جردوا الجنود من اسلحتهم وبدلاتهم العسكرية وذبحوا 5 منهم.
وقد أججت تلك الحادثة أزمة سياسية حادة في البلاد انتهت باستقالة الحكومة التي كانت تقودها حركة النهضة الاسلامية، لتحل محلها نهاية يناير/تموز 2014 حكومة تكنوقراط برئاسة مهدي جمعة.
وليلة الاربعاء/الخميس قال العميد الأمجد الحمامي الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع في مؤتمر صحافي "إن جيشنا الوطني عاقد العزم ومصر على مواصلة مجابهة الارهاب مهما كانت التضحيات في سبيل الوطن، وإن ذلك لن يثنينا عن عزمنا القضاء على المجموعات الإرهابية".
ورغم القصف الجوي المنتظم والعمليات البرية في جبل الشعانبي، لم تتمكن قوات الامن التونسية والجيش حتى الآن من السيطرة على المسلحين المتحصنين بالجبل.
وأرجعت وزارة الدفاع ذلك الى وعورة تضاريس الجبل الذي يمتد على مساحة 100 كلم مربع بينها 70 كلم تغطيها الغابات.
وزرع المسلحون ألغاما يدوية الصنع في جبل الشعانبي ثمّ في جبال بولايتي جندوبة والكاف (شمال غرب) أدى انفجارها الى مقتل وإصابة عناصر من الجيش والأمن.
وفي وقت سابق، أعلن مسؤولون في وزارتي الداخلية والدفاع ان اجهزة كشف المتفجرات ليس بإمكانها الكشف عن هذه الالغام.
وفي الثاني من الشهر الحالي قُتل 4 جنود في انفجار لغم مرت عليه سيارتهم بجبل ورغة في ولاية الكاف (شمال غرب) الحدودية مع الجزائر، حسبما أعلنت وزارة الدفاع.
وفي 11 نيسان/ابريل 2014 أصدر الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي قرارا جمهوريا بجعل جبل الشعانبي "منطقة عمليات عسكرية مغلقة" وجبال السمامة والسلوم والمغيلة وخشم الكلب والدولاب وعبد العظيم، المتاخمة للشعانبي، "منطقة عسكرية".
وعزت وزارة الدفاع هذا الإجراء الى تنامي نشاط شبكات الجريمة المنظمة في تجارة الأسلحة والذخيرة والمخدرات وتهريب المواد الخطرة عبر الحدود، واستعمال السلاح ونصب الكمائن والألغام غير التقليدية ضد العناصر العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى "تضاعف التهديدات من قبل التنظيمات الإرهابية المتمركزة بالمنطقة".
ومنتصف حزيران/يونيو الحالي تبنى تنظيم القاعدة في بيان هجوما استهدف في 28 مايو/أيار منزل وزير الداخلية لطفي بن جدو في مدينة القصرين وأسفر عن مقتل 4 من عناصر الأمن وإصابة اثنين آخرين.
وقال التنظيم في البيان ان الهجوم على منزل وزير الداخلية هو "رسالة نوجهها إلى (..) الداخلية التونسية ورؤوس الإجرام فيها"، مشددا على ان "الدخول في حرب مفتوحة على الإسلام وأهله إرضاء لأمريكا وفرنسا والجزائر تكاليفه باهظة".
وتوعد التنظيم بشن هجمات أخرى في تونس.
ومنذ 2011 وحتى اليوم، قُتل أكثر من خمسين من عناصر الجيش والأمن في انفجار الغام أو هجمات نسبتها السلطات الى المجموعات "الارهابية".
نقلا عن أ ف ب