غزة - المغرب اليوم
راى البابا فرنسيس الاحد في بيت لحم حقيقة النزاع الاسرائيلي-الفلسطيني عندما توقف في خطوة غير مقررة امام الجدار الفاصل الاسرائيلي في الضفة الغربية داعيا الى انهاء "وضع غير مقبول".
ووصل البابا على متن مروحية عسكرية اردنية قادمة من عمان الى المدينة التي ولد فيها يسوع المسيح حيث قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس باستقباله في المدينة بحرارة.
واتهم عباس في مؤتمر صحافي بعد استقباله البابا، اسرائيل بالسعي الى تهجير المسيحيين والمسلمين من مدينة القدس.
وقال عباس "اطلعنا قداسته على الوضع المأساوي الذي تعيشه مدينة القدس من عمل اسرائيلي ممنهج لتغيير هويتها وطابعها والتضييق على الفلسطينيين مسيحيين ومسلمين بهدف تهجيرهم منا".
وتوقف البابا امام الجدار الفاصل الاسرائيلي في طريقه الى ساحة المهد لعقد قداس كبير، في خطوة لم تكن مقررة.
ونزل البابا (77 عاما) من سيارته ومشى بضعة دقائق للاقتراب من الجدار بعد وقت قصير من لقائه الرئيس الفلسطيني الذي قال له في مؤتمر صحافي "لقد شاهدتم قداستكم هذا الجدار البغيض الذي تقيمه اسرائيل القوة الغاشمة للاحتلال على اراضينا".
وانزل البابا راسه في صلاة صامتة قبل ان يضع يده على الجدار ويتوقف لبضع دقائق امام الكتابات المخطوطة على الجدار .
ودعا الحبر الاعظم الى "انهاء الوضع الذي لم يعد مقبولا" في النزاع الفلسطيني الاسرائيلي مؤكدا على حق كل من اسرائيل وفلسطين في الوجود بسلام وامن.
وقال البابا في كلمة مقتضبة بعد لقائه عباس ان "شجاعة السلام ترتكز الى اقرار الجمیع بحق الدولتین في الوجود وفي التنعم بالسلام والامن ضمن حدود معترف بها دوليا".
واوضح البابا انه "آن الأوان لانهاء هذا الوضع الذي لم يعد مقبولا وهذا من اجل خير الجمیع".
ومن جهته، اعتبر نمر حماد وهو المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني عباس ان توقف البابا امام الجدار "رسالة بمنتهى البلاغة والوضوح للعالم اجمع وخاصة لاسرائيل بانه لا يمكن تحقيق السلام بينما تواصل اسرائيل بناء جدار الفصل العنصري".
بينما اكد اشرف العجرمي وهو ناطق باسم اللجنة الفلسطينية المكلفة بتنظيم زيارة البابا "حينما توقف البابا امام الجدار ووضع يده عليه كان بذلك يضع يده على الالم الفلسطيني اليومي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني".
واستقبل نحو 10 الاف مؤمن مسيحي البابا فرنسيس بالهتافات والتهليل بعدها في ساحة المهد وهم يرفعون اعلام الفاتيكان والاعلام الفلسطينية تحت صورة عملاقة يظهر فيها السيد المسيح وهو طفل ملفوف بالكوفية الفلسطينية والتي وزعت على الحاضرين.
ودعا البابا الاحد الرئيسين الفلسطيني عباس والاسرائيلي شمعون بيريز الى القدوم الى الفاتيكان للصلاة معه من اجل السلام وذلك في نهاية القداس.
وقال البابا "ادعو الرئيسين بيريز وعباس الى ان يرفعا الصلوات معي (...) وسأقدم بيتي في الفاتيكان ليستقبل تلك الصلاة" من اجل الاراضي المقدسة.
واضاف "كلنا نرغب في السلام والكثير من الاشخاص يصنعونه يوميا عبر بادرات صغيرة. كثيرون هم الذين يعانون ويتحملون بصبر جهود العديد من المحاولات لبنائه".
وبعد انتهاء القداس، يتناول البابا طعام الغداء مع عائلات فلسطينية قبيل لقائه مع اطفال من مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين ثم سيزور كنيسة المهد التي ولد فيها يسوع المسيح بحسب التقليد المسيحي.
والمرحلة التالية ستكون مطار بن غوريون في اسرائيل حيث سيستقبله رسميا الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز.
وحشدت السلطات الامنية الآلاف من رجال الشرطة. وقد قامت بابعاد 15 يهوديا متطرفا من الذين يمكن ان يثيروا البلبلة اثناء زيارة البابا.
وقد اعلنت اليوم اعتقال 26 شخصا من نشطاء اليمين المتطرف اليهود في جبل صهيون في القدس شاركوا في مظاهرة ضد زيارة البابا فرنسيس.
وقال المتحدث باسم الشرطة ميكي روزنفيلد لوكالة فرانس برس ان "المتظاهرين الذين تجمعوا حول قبر الملك داود قاموا بالقاء الحجارة والزجاجات باتجاه قوى الامن واصيب شرطيان بجراح طفيفة".
وعززت اسرائيل حماية بعض الاماكن المسيحية المقدسة التي استهدفت بموجة تخريب نسبت الى يهود متطرفين، لكن لم تتخذ اي تدابير وقائية ضد مثيري شغب محتملين حتى الان.
وتاتي زيارة البابا مع ازدياد الهجمات التي يشنها يهود متطرفون ينتمون الى مجموعات "تدفيع الثمن" على اهداف مسيحية واسلامية.
وسيحيي البابا الاثنين قداسا في الموقع الذي يضم غرفة العشاء الاخير بين المسيح وتلاميذه في القدس، بينما يعتبر اليهود ان الموقع يحوي قبر الملك داود.
ورحلة البابا الى مهد المسيحية هي الرابعة لحبر اعظم يزور الاراضي المقدسة، بعد زيارة البابا بولس السادس عام 1964 والبابا يوحنا بولس الثاني عام 2000 والبابا بنديكتوس السادس عشر عام 2009.
ودعما لندائه للحوار بين الاديان، يرافق البابا في رحلته صديقاه القديمان حاخام بوينوس ايرس ابراهام سكوركا، والبروفسور المسلم عمر عبود رئيس معهد الحوار بين الاديان في العاصمة الارجنتينية.
وسيلتقي البابا خلال زيارته بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس الزعيم الروحي للكنيسة الأرثوذكسية، بعد نحو 50 عاما على القمة التاريخية التي جمعت البابا بولس السادس والبطريرك أثيناغوراس.