الرئيسية » قضايا ساخنة

الجزائر - وكالات

تتواصل احتجاجات الشبان العاطلين في الجنوب الجزائري، رغم وعود الحكومة بتلبية مطالب المحتجين في ولاية ورقلة. خبراء يرون أن سياسة الحكومة "شراء السلم الاجتماعي" عبر الريع، باتت على محك "رياح الغضب " القادمة من الجنوب. كسرت احتجاجات الشبان العاطلين عن العمل، بولاية ورقلة (جنوب الجزائر) في 14 مارس آذار الماضي حاجز الخوف لدى الشباب بالولايات الجنوبية، رغم الاتهامات التي وجهت لمنظميها بـ"العمالة لجهات خارجية للنيل من السيادة الوطنية، وتجزئة البلاد". غير أن شباب ورقلة والمناطق المجاورة المنتفضين ضد البطالة و"غياب العدالة" في توزيع خيرات البلاد، نجح في انتزاع اعتراف حكومي بشرعية مطالبهم، ومساندة فئات واسعة من الشعب الجزائري لقضيتهم، مساندة ترجمت في مسيرات ووقفات احتجاجية في عدد من الولايات، منها الأغواط، تندوف، أدرار، واد السوف والنعامة ووقفات مستمرة في ولايات أخرى. وقد حققت الوقفة الاحتجاجية التي دعت لها "لجنة الدفاع عن حقوق البطالين(العاطلين عن العمل)"، هدفها في تبليغ معاناة الشباب في الجنوب بطريقة سلمية غير مسبوقة، سواء من حيث المشاركة والتنظيم أو من حيث الإصرار على فرض مطالب ذات مضمون اجتماعي واقتصادي بقوة الشارع، وبقاء الجميع في حالة استنفار لغاية انتهاء المهلة التي أعطوها للحكومة "لتثبت حسن نيتها" في تحسين ظروف المعيشة لسكان الجنوب، وتمكين العاطلين من الحصول على مناصب عمل في منطقة "ترقد" على بحر من النفط والغاز. المحتجون رفعوا شعار "الوحدة" في مواجهة الاتهامات بالسعي للانفصال عمار كويتن، أحد الشبان المنظمين لحركة "الشباب البطال" في الجنوب الجزائري، يؤكد "مستمرون في حركتنا الاحتجاجية إذا لم تقدم الحكومة ما وعدت به من حلول سريعة وناجعة لتشغيل آلاف العاطلين، وتحريك عجلة التنمية في المنطقة". وأضاف عمار كويتين في إتصال بـ DW " لن نستسلم هذه المرة، والتنسيق جار بيننا لبحث طرق التحرك في الأيام القادمة، في حال عدم استجابة الحكومة". وحول الإجراءات التي أعلنتها الحكومة مؤخرا لامتصاص أزمة البطالة، أضاف كويتن" لقد عودتنا الحكومة بإجراءاتها التي لا تعرف طريقها للتنفيذ، ومثال ذلك التعليمة(أوامر) الوزارية لسنة 2004، فسوق العمل تحت رحمة مافيا التوظيف منذ 10 سنوات، يعبثون به دون رقيب أو حسيب، همهم الوحيد قضاء مصالحهم في أكثر من 700 شركة بترولية ما بين وطنية وأجنبية". وحذر الناشط الحكومة، من أن تكون الإجراءات المعلنة مجرد مهدئات لوضع طارئ دون النظر في أصل المشكلات، ومحاربة الفساد المستشري في كل القطاعات وخاصة سوق العمل. ويعتقد صالح.ع أحد شبان ولاية اليزي (جنوب الجزائر)، عامل بمحل تجاري في العاصمة، أن الكرة الآن في مرمى الحكومة، وعليها أن تستجيب لكل المطالب المرفوعة دون قيد أو شرط، وأضاف صالح لـDW أن "الشباب الصحراوي عازم هذه المرة على استرجاع حقه في العيش الكريم مهما كانت السبل والصعوبات، وإنه لن يسكت على الظلم الذي مارسته سلطات البلاد على أهل الجنوب على مدار 50 سنة منذ الاستقلال". ولم يخف محدثنا وجود "بعض الأصوات الجنوبية من الشباب التي تطالب بالانفصال على الطريقة السودانية"، إلا أنها - والحمد لله- معزولة، ولا تحظى بقبول أهل الجنوب". ويضيف صالح "لكن أخشى أن تؤدي سياسة الحكومة والتلاعب بأحلام الشباب في الجنوب إلى زيادة أنصار هذه الحركة، وتعزز من دوافعها في الدعوة للانفصال". انشغلت الحكومة الجزائرية منذ الاعتداء الإرهابي على المجمع الغازي عين أميناس "بتيقنتورين"، بالجنوب الجزائري على غير عادتها، وتعاملت مع تهديدات الشبان العاطلين في ورقلة وولايات الجنوب الأخرى، بقرارات وإجراءات سريعة، من أجل شراء "السلم الاجتماعي" ومحاصرة الحركة الاحتجاجية في مهدها قبل تطورها إلى مشكلة سياسية مستعصية في منطقة مليئة بالألغام. حيث أصدر الوزير الأول عبد المالك سلال تعليمة رسمية (أمرا وزاريا) قبل مسيرة ورقلة لضمان العمل لأبناء الجنوب، تركز على تدابيرلإنعاش فرص العمل، منها تخفيض نسبة الفوائد للقروض الممنوحة لأبناء الجنوب، ومنح 20% من صفقات خدمات الشركات البترولية إلى أبناء الجنوب. ومعاقبة المسؤولين المحليين المقصِرين في تنفيذ الأوامر الوزارية. ولم يكتف الوزير الأول بالأوامر التي أصدرها، بل قام بزيارة عمل مفاجئة لولاية بشار رفقة وفد وزاري وعدد م كبار المسؤولين، بالرغم من أن هذه الولاية لم تصلها بعد احتجاجات "ريح الجنوب" المطالبة بمنصب عمل وبالكرامة، لكن مراقبين يرون بأن الزيارة تأتي في إطار العمل الإستباقي من خلال بعث مجموعة من المشاريع لتحريك الاستثمار بالمنطقة وخلق فرص عمل جديدة في الولاية غير النفطية، والعمل مع السلطات المحلية والاستعانة بالأعيان وممثلي المجتمع المدني لإجهاض أي حركة احتجاجية في المنطقة. ورغم حالة الاستنفار والجهود الميدانية المكثفة لنزع فتيل الانفجار في الجنوب، لا زال الشباب ينظر بعين الريبة والشك في جدية ونية الحكومة في معالجة ملف التشغيل والتنمية، بسبب الرواسب السابقة وطريقة تعامل الحكومات المتعاقبة مع الملفات المختلفة.ويبدو أن الإجراءات الاستثنائية التي قدمتها الحكومة للعاطلين في الجنوب قد أعطت مبررات التظاهر والاحتجاج لكل العاطلين في جهات البلاد الأخرى، فالحكومة التي استنكرت "المطالب الجهوية" في بداية احتجاجات شباب الصحراء، جاءت استجابتها لهذه المطالب بقرارات "أكثر جهوية"، وهو ما استنكره العديد من الشبان العاطلون في الجزائر، "فليست البطالة مشكلة أهل الجنوب فقط بل العمل هو حلم كل الشباب الجزائري "، يقول السعيد معلقا على القرارات الاستثنائية للحكومة لصالح شباب الجنوب. ويرى الدكتور زهير بوعمامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عنابة أن "الطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع موجة الاحتجاجات القادمة من الجنوب تؤكد للمرة الألف أن نخبنا الحاكمة وفية لنمط حكمها القائم على "الاستجابة الآنية عند الوخز"، وأضاف بوعمامة لـ DW، "كان على الحكومة أن تستشعر المخاطر-التي كانت بارزة منذ سنوات- قبل وقوعها وتضع الخطط والبرامج المدروسة من دون أن تكون تحت رحمة الاستعجال والارتجال". ويعتقد الأستاذ بوعمامة أن الحلول التي قدمت هي مجرد مسكنات للأزمة، ما كانت لتكون لولا وفرة أموال الريع، "نحتاج إلى إستراتيجية شاملة ومتكاملة تعيد النظر في عمق السياسات، وتوجيه الجهد الوطني بالتركيز على القطاعات المنتجة الخالقة للعمل ولا تكتفي فقط بضخ أموال الشعب بطريقة لا جدوى اقتصادية منها ولا رقيب عليها والاستمرار على هذا النحو هو مجرد تأجيل للمشاكل وتضخيم لها". ويحذر بوعمامة من إشعال الحكومة النعرة الجهوية بسياساتها في مواجهة الحركات الاحتجاجية، "صحيح أن مناطق الجنوب تعاني اختلالات رهيبة في مجال التنمية، مثل العديد من المناطق في الشمال، التي تعيش أوضاعا لا تقل مأساوية، وقد تعمد هي الأخرى في المستقبل إلى إضفاء التبريرات الجهوية علي احتجاجاتها حتى تحصل على تعبئة أكبر". وأعرب الباحث في العلوم السياسية، عن أمله بأن تنظر الحكومة إلى احتجاجات الجنوب بنظرة عميقة وأكثر جدية، تقوم على إعادة الاعتبار "لقيم المواطنة للفرد الجزائري بغض النظر عن انتمائه إلي جهة معينة من جهات الوطن".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

اكسيوس امريكا وحلفاؤها يمهلون ايران حتى نهاية اغسطس لاتفاق…
الاتحاد الأوروبي يقترب من توقيع حزمة جديدة من العقوبات…
«ملفّات إبستين» تثير عاصفة انتقادات ضدّ إدارة ترمب
الصليب الأحمر ومنظمة الأونروا يحذران من أوضاع غزة الكارثية…
إصابة بزشكيان في محاولة اغتيال خلال هجوم إسرائيل على…

اخر الاخبار

إسرائيل تستعد للتخلص من عملائها في غزة بعد فشلهم…
الجيش السوداني يعزز دفاعاته في الأُبيض تحسباً لهجمات قوات…
بينيت يحذر أن تصبح إسرائيل دولة منبوذة في الولايات…
وفد من مجلس المستشارين المغربي يلتقي رئيسة البرلمان الانديني…

فن وموسيقى

أصالة تعلن موعد زيارتها الأولى إلى سوريا بعد غياب…
رحيل الفنان لطفي لبيب عقب مسيرة فنية حافلة بالعطاء…
محمد فراج يعود بمسلسل كتالوج في تجربة إنسانية عميقة…
أنغام تنفي إصابتها بسرطان الثدي وتطمئن جمهورها قبل طرح…

أخبار النجوم

حرب نجمات تشتعل ومايا دياب ترد على أصالة بحدة
عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله
شيرين عبد الوهاب تحقق انتصاراً جديداً على شركة روتانا
محمد حماقي يعلّق على نجاح حفله بـ"جرش" ورأيه في…

رياضة

اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس
محمد صلاح يحافظ على مكانه ضمن قائمة الأعلى أجراً…
القبض على رمضان صبحي في مطار القاهرة أثناء العودة…
يوفنتوس يسعى لضم المغربي سفيان أمرابط من فنربخشة التركي…

صحة وتغذية

أطعمة غنية بالنشا المقاوم تقلل خطر الإصابة بسرطانات الجهاز…
المشروبات الغازية الدايت قد تُزيد من خطر الإصابة بمرض…
أطعمة مخمرة تُعيد التوازن إلى جهازك الهضمي وتشفي الأمعاء…
8 مشروبات صباحية تُوازن سكر الدم بشكل طبيعي

الأخبار الأكثر قراءة

كيف حصلت ميلانيا ترمب على «تأشيرة آينشتاين»
إردوغان يبحث مع ترمب ملف اندماج «قسد» في الجيش…
الناتو يؤكد التزام واشنطن الكامل بالدفاع المشترك رغم تصريحات…
قبل بدء التهدئة إسرائيل تستهدف قائدين عسكريين في إيران
ترامب يربط نجاح التهدئة بين إيران وإسرائيل بقدرات القاذفات…