الرئيسية » تحقيقات
أهالي غزة المدمرة

غزة – حنان شبات

بعد أن وضعت الحرب أوزارها، بدأ يتكشف حجم المعاناة التي خلفتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وساكنيه، وهي المرة الثالثة في أقل من ستة أعوام، يتكرر فيها العدوان الإسرائيلي, وفي كل مرة يتعمد الاحتلال قتل أكبر عدد من الفلسطينيين وتدمير أكبر عدد من البيوت.

فالحرب الثالثة التي شنَّها الاحتلال على قطاع غزة أدَّت إلى تدمير كبير في البني التحتية، وتدمير أكبر في المنازل مما افقد الفلسطينيين مأواهم، ما اضطر الكثير من العائلات للعيش في المدارس، ومنهم من استأجر شققًا بأسعار مرتفعة نظرًا لزيادة الطلب عليها من المشرّدين، ومنهم من أقام خيمة أمام منزله المدمر وسكن فيها يترّقب إعادة الإعمار تحت زخات المطر.

منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ازدادت معاناة الشعب الفلسطيني وبدأ المدنيون يدفعون أثمان باهظة من حياتهم وحياة أطفالهم، وحسب إحصاءات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان التي تمَّ نشرها أخيرًا، فإنَّ الاحتلال قتل أكثر من 2170 شهيدًا منهم 553 طفلًا، وعدد كبير من الجرحى بلغ أكثر من 11000 جريح منهم 3105 أطفال.

وبلغت عدد المنازل المدمرة 132 17 منزلًا، منهم 2465 منزلًا مدمرًا كليًا و667 14منزلًا مدمرًا جزئيًا، بينما يوجد 500 39 منزل متضررًا، وتؤكد الأونروا أنَّ 70 ألف فلسطيني يقيمون في مدارس الأونروا بسبب عدم وجود منازل أو أي مكان آخر يذهبون إليه.

أما بالنسبة للوضع الاقتصادي فقد تكبد قطاع غزة خسائر اقتصادية فادحة جراء الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث قدر وكيل وزارة الاقتصاد الفلسطينية، تيسير عمر

أنَّ حجم هذه الخسائر الاقتصادية يتراوح مابين 4 إلى 6 مليارات دولار أميركي.

عائلات تروي المأساة                                            

الحاج أبو يوسف المصري 64 عامًا من سكان مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة ومتزوج من زوجتين وأب لأحد عشر ابنًا، يجلس أمام خيمته التي أقامها بعد أن دمَّر الاحتلال بيته، يقول إلى "المغرب اليوم" في اليوم التاسع من الحرب الإسرائيلية وتحديدًا في 7 رمضان، تعرضَّت المنطقة للصواريخ والقذائف بشكل همجي وتوغل جنود الاحتلال والياته وكان يبعد منزلي عن آليات الاحتلال حوالي 700 متر فقط لم نستطع أنا وأفراد عائلتي الخروج منه نظرًا لخطورة المكان".

ويستكمل قوله والحسرة تملأ وجهه "في ساعات الصباح الأولى ومع بزوغ ضوء النهار جازفت بعائلتي وخرجت من منزلي لأنَّني لا أستطيع الخروج في الليل لأنَّ المنطقة حدودية وتخوَّفت من التعرض لنيران الاحتلال، واستطعت الخروج من المنزل ولجأت في البداية إلى مستشفى بيت حانون ومكثت فيها حوالي 6 ساعات ثم بعد ذلك توجهت بعائلتي إلى مدارس الوكالة الموجودة في معسكر جباليا".

ويصف أبو يوسف حياة النزوح في المدرسة التي استمرَّت أكثر من سبعة وأربعين يومًا بالمأساة والحياة التي لا تطاق، ويضيف متنهدًا "عيشتنا في المدرسة صعبة جدًا، كنَّا ننام في الساحة والأطفال والنساء ينامون في الفصول الدراسية، والمدرسة أصلًا لا تصلح للسكن لا توجد فيها حمامات نظيفة ولا يوجد فيها طعام ولا حليب للأطفال".

ويؤكد أنَّ الاحتلال كان قاصدًا تدمير كل شيء وقتل أكبر عدد من المدنيين الفلسطينيين، مشيرًا إلى أنَّ الاحتلال لم يستطع أن ينال من المقاومة، فصبَّ غضبه على المدنيين العزل كنوع من الضغط على المقاومة.

وينظر أبو يوسف إلى ركام منزله المدمر وصوته يمتلأ بنبرات الحزن ويصف إحساسه عندما عاد وشاهد بيته مدمرًا "ما الذي يمكن قوله ؟ كل شيء انتهى، كل ما عمّرته في حياتي وتعبي في لحظة واحدة ضاع، بيتي الذي بنيته حجرًا حجرًا كي يسترني أنا وعائلتي صار ركامًا، ما الذي يمكن قوله ؟ حسبنا الله ونعم الوكيل على اليهود"

قصص مشابهة

أما المواطن مسعد حبيب 42 عامًا من سكان حي الشجاعية شرق قطاع غزة وهو يفتّش عن بعض الأشياء بين ركام منزله، فيقول إلى "المغرب اليوم" إنَّه خرج من منزله هو وعائلته بعد اشتداد القصف المدفعي للمنطقة التي يسكن فيها، وبعد أن بدأ الطيران الحربي بقصف البيوت المجاورة لبيته فقرَّر الخروج منه للهروب من خطر الموت الذي كان يحدّق بالمكان.

ويروي مسعد أنَّ قرار الخروج من البيت راوده من بداية الحرب خصوصًا أنَّه يسكن في منطقة حدودية، ولكن لأسباب عدة لم يتمكّن مسعد من اتخاذ القرار منها؛ لأنَّه لم يرد ترك بيته لأي سبب من الأسباب، وعدم وجود مكان بديل للذهاب إليه.

ويصف مسعد لحظات إخلائه المنزل تحت زخّات القذائف المدفعية والرصاص الحي، بالصعبة والمأساوية حيث خرجوا بالملابس التي كانوا يرتدونها، ثم منهم من لم يستطع أن يليس حذاءه ومن النساء من لم ترتدِ غطاء رأسها، وخرجوا من المنزل ولا يعرفون إلى أي جهة يذهبون، ثم اتجهوا للنجاة من الموت إلى مستشفى الشفاء المركزي في مدينة غزة كحال أهالي المنطقة التي نزحت إلى المستشفى ثم انتقلوا إلى مدارس الأنروا.

ويذكر أثناء تواجده مع عائلته في المدرسة إضافة إلى إخوته وعائلاتهم، تعرَّضت المدرسة إلى قنابل الغاز التي تسبَّبت بوفاة زوجة أخيه على إثر استنشاقها للغاز، متسائلًا " كيف سأعيش أنا وأولادي وزوجتي في بيت مدمر؟ وخصوصًا أنَّ فصل الشتاء على الأبواب".

إعمار غزة ومخاوف الحرب المقبلة

عُقِد في القاهرة مؤتمر إعمار غزة بمشاركة نحو خمسين دولة بينهم وزراء خارجية حوالي ثلاثين بلدًا والأمين العام للأمم المتحدة، وممثلي هيئات إغاثة ومنظمات دولية إنسانية، مثل صندوق النقد الدولي وجامعة الدول العربية، فهل سيفي المانحون بوعدهم بإعادة إعمار غزة وتوفير المال والحماية لسكان القطاع أم ستبقى هناك مخاوف بأن يعاود الاحتلال الإسرائيلي عدوانه مرة أخرى لعدم توفر ضمانات دولية تقيّد أو تلجم الاحتلال.

وإن كان العالم سيدفع أموال إعادة الإعمار ويترك الاحتلال الإسرائيلي يفعل ما يريده في الشعب الفلسطيني من قتل وتدمير، فإنَّه بذلك يكافئ الجاني ويترك الضحية تعاني.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

انتقادات دولية حادة لآلية توزيع المساعدات في غزة وإقامة…
أبرز ما جاء في مقترح المبعوث الأمريكي لوقف الحرب…
إسرائيل تخطط لاحتلال 75% من قطاع غزة خلال شهرين…
خطة توزيع المساعدات في غزة فكرة إسرائيلية يقودها ضابط…
إسرائيل تختبر "الشعاع الحديدي" سلاح ليزري منخفض التكلفة لتعزيز…

اخر الاخبار

الولايات المتحدة تحرك مدمرتين بحريتين نحو إسرائيل وسط تصاعد…
إيران تعتقل خمسة أشخاص بتهمة التعاون مع إسرائيل وسط…
البابا لاون الرابع عشر يدعو إسرائيل وإيران إلى العقلانية…
ناصر بوريطة يُجري مُباحثات مع رئيس مجموعة الصداقة المغربية…

فن وموسيقى

إلهام شاهين تؤكد حبها لدعم الجيل الجديد وتوضح سبب…
هنا الزاهد تُعبر عن سعادتها بتجدّد التعاون مع النجم…
المطربة اللبنانية كارول سماحة و رسالة مؤثرة لزوجها الراحل…
رحيل سميحة أيوب "سيدة المسرح العربي" عن 93 عامًا…

أخبار النجوم

مي عمر فخورة بفوزها بجائزتين عن مسلسل "إش إش"
أحمد سعد بلفتات إنسانية في حفله الأخير
أحمد السقا يعلّق للمرّة الأولى على جدل لقب "نمبر…
حنان مطاوع تكشف دور والدها في اكتشاف موهبتها

رياضة

كريستيانو رونالدو يُعلن موقفه النهائي من الاستمرار أو الرحيل…
رونالدو يكشف عن عمله مترجماً لميسي ولا يستبعد اللعب…
المغربي أشرف حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لدوري أبطال أوروبا
المغربي أشرف حكيمي ثالث عربي يُحرز هدفاً في نهائي…

صحة وتغذية

إضافة الأفوكادو إلى نظامك الغذائي يمكن أن تُحسّن جودة…
إضافة بذور الشيا للنظام الغذائي اليومي لتعزيز صحة الأمعاء
متحور نيمبوس الجديد من كورونا تعرف على أعراضه وكيف…
أطعمة ترفع ضغط الدم وتوصيات لبدائل صحية تساعد في…

الأخبار الأكثر قراءة

بدء تنفيذ بنود اتفاق السويداء والدروز يؤكدون أن السلاح…
روسيا تعترف للمرة الأولى بمشاركة جنود كوريين شماليين في…
المؤسسة الأمنية في إسرائيل ترسم أربع سيناريوهات استراتيجية لمسار…
طقوس الفاتيكان لانتخاب الحبر الأعظم الجديد من داخل المجمع…
البابا فرنسيس من أحياء بوينس آيرس المتواضعة إلى سدّة…