الرئيسية » تحقيقات
صورة تعبيرية

الرباط - كمال العلمي

وضع الباحث في علم الاجتماع عبد الغفور الوالي مقاربة “نفسية فريدة” للتخطيط العمراني بالمدينة المغربية، وعلاقته بظاهرة الانحراف والجريمة المنظمة، مع إبراز دوره في مساعدة الجهاز الأمني في مكافحة هذه الظواهر الاجتماعية.

السكن الصفيحي والتطرف
تكشف الورقة العلمية الصادرة عن مجلة التخطيط العمراني والمجالي، التابعة للمركز الديمقراطي العربي، أن “الهاجس الأمني لدى السلطات المغربية دفعها بشكل قوي إلى محاربة السكن العشوائي، وامتصاصه من المشهد الحضاري للمدينة المغربية، وذلك بعد اكتشافها أن هذا الوسط المعيشي يشكل بؤر حياة مناسبة للفكر الديني المتطرف”.

ويعتبر المصدر عينه أن “التطرف الديني لدى بعض الشباب المغاربة مرتبط بالأساس بطبيعة مجالهم السكني؛ وفي حالة السكن الصفيحي، الذي في الغالب يعرف أوضاعا اقتصادية ونفسية اجتماعية متأزمة، يشكل منطلقا لاعتناق الأفكار الدينية المتطرفة، مع عقد نفسية متراكمة لدى الأطفال والقصر منهم”.

ومن أجل فهم معمق للعلاقة بين تكوين الطفل المغربي الفكري والنفسي والوسط السكني، يضع الوالي، صاحب الورقة سالفة الذكر، تفسيرا مبسطا يشير فيه إلى أن “غياب الخصوصية لدى أفراد الأسرة بسبب ضيق الوسط السكني يدفع الأطفال في الغالب إلى الارتماء في أحضان الشارع، ما يساهم في ممارستهم بشكل غير مباشر الجريمة المنظمة”.

بشكل مجمل تبين الورقة عينها أن “السكن الصفيحي وسط مناسب لتشكيل بؤر للجريمة المنظمة بالمدينة المغربية، لذا تسعى السلطات المغربية إلى تجاوز الوضع عبر إقرار تخطيط عمراني جديد، يعتمد بالأساس محاربة السكن الصفيحي، وتعويضه بسكن لائق”.

الفعل الاحتجاجي والسكن
“إن التهميش السكني عامل أساسي في إنتاج الفعل الاحتجاجي”، يورد الوالي في دراسته للعلاقة بين التهميش السكني والاحتجاجات بالمدن، مبرزا بذلك أن “الحركات الاجتماعية ناتجة بالأساس عن إحساس الفرد بالنقص السكني، وغياب العدالة بين وسطه المعيشي المهمش والأوساط الحضرية الأخرى”.

“غير أن السلطات المغربية لم تنتبه أثناء معالجتها السكن الصفيحي بالمغرب إلى ضرورة مرافقة ذلك ببرامج اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وتربوية، قصد محاربة تبعات السكن الصفيحي السيكولوجية المجتمعية على الفرد، كالهدر المدرسي، البطالة، الاقتصاد الغير المهيكل… ما يجعل نمط التفكير العشوائي للأفراد الذي كان سائدا في الأحياء الصفيحية يتجدد، ويتوالد من جديد في الوسط الحضري”، ينبه الباحث ذاته، مردفا: “هذا العامل ساهم بشكل جديد في استمرار ظاهرة الجريمة المنظمة بالمدينة المغربية، بعدما كانت هاجسا مقلقا لدى السلطات، غير أن تجاهلها، أو عدم اعتمادها، المقاربة النفسية للفرد الكائن بالوسط الصفيحي أفشل جهودها بشكل نسبي”.

أمام ذلك تشير الدراسة العلمية إلى أن “التخطيط للنمط العمراني بالمدينة المغربية أصبح ينطلق بالأساس من مدى قدرته على مكافحة التحديات الأمنية التي تفرضها الجريمة المنظمة”، وبذلك وضعت من خلال الاعتماد على دراسة سعودية نموذجين للتخطيط العمراني، هما النظام الشبكي والمغلق، “الأخير الذي أثبت بنسب كبيرة مدى نجاعته في الحفاظ على الأمن ومحاربة الجريمة المنظمة، بسبب معرفة رجال الأمن بقنوات الحي بشكل دقيق”.

وبذلك تخلص الورقة العلمية من خلال دراسة ميدانية بمدينة مكناس، تحديدا بحيي “برج مولاي عمر، وعيم الشبيك”، المعروفين بهشاشتهما، إلى أنهما “لم يخضعا في الأصل لتصميم عمراني، بعدما تم هدم السكن الصفيحي بهما، وهو الأمر الذي ساهم في الرفع من نسب الجريمة”؛ الأمر الذي يظهر بحسبها “مدى أهمية التخطيط العمراني، موازاة مع المراقبة الأمنية الكثيفة”.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

حقيقة فتح الحمامات في هذه المدينة المغربية

نساء هذه المدينة المغربية تتنفسن الصعداء بعد توقيف مختل عقلي كان يعتدي عليهن بالشارع

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

محاولة اغتيال في تل أبيب بناءً على دوافع إجرامية…
ارتفاع كبير في عدد المفقودين عالمياً بسبب حروب غزة…
3 سيناريوهات محتملة لرد إيران على قرار إعادة العقوبات
121 طفلاً يموتون جوعاً في غزة وبرنامج الأغذية العالمي…
بدء تنفيذ خطة تسليم السلاح الفلسطيني في لبنان من…

اخر الاخبار

نتنياهو يؤكد أن القضاء على قادة حماس مفتاح لإنهاء…
عبد العاطي يؤكد وجود مؤامرات ضد مصر ويشدد على…
الرئيس الفلسطيني يغادر مستشفى الأردن بعد فحوصات طبية والنتائج…
تايوان تتهم الصين بالاستعداد للحرب ومحاولة إزاحة واشنطن من…

فن وموسيقى

نيللي كريم سعيدة بترشيح فيلمها "هابي بيرث داي" لتمثيل…
رنا رئيس تخضع لجراحة عاجلة بعد تعرضها لإجهاض ونزيف…
الممثلة الفرنسية أديل إينيل تُبحر ضمن "أسطول الصمود العالمي"…
داليا البحيري تكشف معاناتها في صيف الساحل بين المرض…

أخبار النجوم

تامر حسني يكشف عن أمنيته في تقديم مشروع غنائي…
منى زكي تبتعد عن دراما رمضان 2026 ليكون الغياب…
الفنان إياد نصار يكشف تفاصيل تجربته الأولى في عالم…
أنغام تعود لإحياء حفلين فى لندن وقطر بعد فترة…

رياضة

فهد المولد بين الغيبوبة والجدل حول الحادث اللغز عام…
الخطيب يودع الأهلي ويعلن عدم ترشحه للانتخابات ويؤكد بدء…
رونالدو يتوج بجائزة "الأفضل في كل العصور" من رابطة…
المغرب وتونس يضمنان التأهل في تصفيات كأس العالم الإفريقية…

صحة وتغذية

تحذيرات صحية في مصر من حقنة هتلر ومخاطر الخلطة…
سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية
دواء تجريبي جديد يحقق إستجابات واعدة ضد سرطان الرئة…
دراسة امريكية مكملات الكالسيوم وفيتامين D لا تقلل من…

الأخبار الأكثر قراءة

تزايد ضحايا الهجرة غير النظامية في المتوسط مع تحول…
سياسة ترمب لترحيل المهاجرين إلى «بلدان ثالثة» تثير جدلاً…
بعد 77 عاماً بريطانيا تلوّح باعتراف مشروط بدولة فلسطين
جيش الاحتلال يفتح تحقيقًا في تزايد حالات انتحار الجنود…
كيف تتحول الاعترافات بفلسطين إلى عنصر مؤثر في طريق…