الرئيسية » الإعلام وروّاده
السيدة نيدى شابهيكار أحد ضحايا هجمات بروكسل

بروكسل - سمير اليحياوي

تجلب الأحداث المروعة عادة صور تجسد معنى الرعب وهذا ما حدث في تفجيرات بروكسل, حيث نشرت جريدة الجارديان صورة لإمرأة شابة وجهها ملطخ بالدماء وقدميها عارية وملابسها الممزقة تكشف عن حمالة صدر سوداء ومعدة عارية، ولكن يصبح السؤال هل هذه الصورة مناسبة؟ أم أنها تكثف الرعب والصدمة والمعاناة؟، ويتردد نفس السؤال في إطار التصوير الصحفي الحديث, فيما يتعلق بكيفية تحقيق التوازن في الصور دون الإساءة إلى الضحايا، ويواجه مصورو الحرب نفس السؤال, وإذا ما فكرنا في صورة دون ماكولين, أحد جنود البحرية الذي أصيب بقذيفة في فيتنام أو الصورة المفجعة للفتاة الفيتنامية نيك أوت, وهى تبكى عارية هاربة من جوم النابالم, الذي حرق جلدها وقتل إثنين من أبناء عمومتها نجد أن كل صورة منهم تجسد الرعب في الحرب، واقتحمت كل صورة الصدمة النفسية للضحية وتحولت هذه الصور إلى صور عالمية جسدت مشاد مرعبة في حد ذاتها، وبالنسبة للفتاة الفيتنامية كيم فوك ساعدت صورتها في تغيير حياتها حيث أصبحت سفيرة للسلام، وأنشأت مؤسسة كيم فوك التي تقدم المساعدة الطبية والنفسية للأطفال ضحايا الحرب، بينما ظل ماكولين جندي مجهول لكنه أصبح رمزًا.

وكشف أحد مصوري هذه الصور الأيقونية, أنها أحيانا ما تطارد صاحبها، مضيفًا, " في بعض الأحيان شعرت وكأنني أحمل قطع من أجسام أصحاب الصور معي, وليس مجرد صور، الأمر كما لو أنك تحمل معاناة الناس الذين قمت بتصويرهم".

وبدت مارسي بوردر العاملة في أحد البنوك, وكأنها شبح في إحدى الصور الأيقونية بملابسها الأنيقة المغطاة بالغبار بسبب حطام مركز التجارة العالمي، وأصبحت بوردر رمزًا عامًا وناطقة رسمية باسم ضحايا هجمات 11 أيلول/سبتمبر حتى وفاتها العام الماضي، وتجسد نظرة بوردر في الصورة نوع من الذهول وعدم تصديق ما يحدث، إلا أن مظهرها كان مشجع لأي مصور صحفي لتصوير مثل تلك الصورة الأيقونية أكثر من مساعدتها.

وفي عصر الهاتف الذكي يسهل علينا الوقوع في بعض الثغرات الأخلاقية إلى حد ما، ويجسد ذلك لقطات وفاة ندا أغان سلطان على يد ميليشيا إيرانية لأنها خرجت من سيارتها في طهران في حزيزان/يونيو 2009، وانتشرت صور وفاتها على نطاق واسع باستخدام كاميرات أحد الهواتف في غضون دقائق، ولكن ما هو ثمن كرامتها كإنسانة أو معاناة أقاربها للتعرض لمثل هذ اللقطات في لحظاتها الأخيرة؟، وتتواجد على الإنترنت صور مروعة لعمليات الإعدام وقطع الرؤوس التي يرتكبها المتطرفون لمن يرغبون في الحصول عليها، ولكن هل نحتاج إلى النظر إلى مثل هذه الصور لفهم مدى العرب بها؟.

وتعتقد الكاتبة سوزان سونتاغ أنه لا يجب التعرض لمثل هذه الصور المرعبة في كتابها "فيما يتعلق بآلام الأخرين"، وتقول في كتابها " هناك نوع من العار والصدمة عند النظر عن قرب في مشاهد الرعب الحقيقي، وربما يكون الأشخاص الوحيدين الذين يمكنهم النظر في هذ الصور هم من يستطيعون فعل شيء لتخفيف المعاناة أو من يتعلمون من هذه الصور، أما بقيتنا فنختلس النظر لهذه الصور في حين أنه لا يحق لنا فعل ذلك".

ويتردد السؤال عن أحقية النظر إلى مثل هذه الصور عندما يتعلق الأمر بالأطفال أيضا، ولعل الصورة التي لا تنس العام الماضي والأكثر إثارة للمشاعر صورة جثة الطفل آلان الكردي البالغ من العمر ثلاث سنوات والذي طفت جثته على شاطئ على حافة أوروبا، فين حين قال رئيس الكومنولث إبراهام ميرفيس عن هذ الصورة " كنا نعتقد أن الأفراد الذين يعانون يعيشون في كوكب المريخ ولكن بفضل تلك الصورة المحزنة المأساوية تحركت قلوبنا بفضل صورة ذلك الصبى وأيقننا أنه علينا الاستجابة بطريقة مناسبة".

وتتمثل حدة الأمر في صورة السيدة المصابة في هجمات بروكسل في أنه لم يكن لديها أي رأي في إستخدام صورتها، وعرف الآن, أن السيدة تدعى نيدى شابهيكار وهى مضيفة جوية في شركة طيران هندية، ولكن هل نشر صورتها يعيد لها كرامة بأثر رجعي؟ وفي مثل هذه الحالات الحرجة تتجاوز الحاجة إلى تجسيد مدى الرعب كرامة الضحايا، وبدلا من النظر بعيدا ينبغي أن نعلم أن القوة الحقيقية لمثل هذه الصورة تكمن في إثارتنا لاتخاذ رد فعل معين أو أن تجذبنا إلى ما و أبعد من المظهر السلبي.
 

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

بسمة وهبة تسخر من حديث مصطفى كامل عن نومه…
بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
شقيق شيرين أبو عاقلة يتهم الإدارة الأميركية بالتستر على…
جدل واسع في الجزائر بعد زيارة صانع المحتوى أنس…
وول ستريت جورنال ترى أن صواريخ توماهوك الأمريكية قد…

اخر الاخبار

حماس تعتبر القصف الإسرائيلي تصعيدا خطيرا وتهدد مسار وقف…
بن غفير يُهدد بتنفيذ عقوبة الإعدام على مروان البرغوثي
إسرائيل تشن أعنف غارات علي جنوب لبنان
حماس تدعو الوسطاء لوقف انتهاكات إسرائيل لاتفاق غزة

فن وموسيقى

عمر خيرت موسيقي استثنائي صنعت تجربته مساراً مختلفاً وحضوراً…
نانسي عجرم تكشف أسرار نجاحها والصعوبات التي واجهتها في…
يسرا تتسلّم وسام الشرف الفرنسي تقديراً لمسيرتها الفنية الطويلة
كريم محمود عبد العزيز يعلن انفصاله رسميا مؤكدا الطلاق…

أخبار النجوم

إيمان العاصي تعلن غيابها عن سباق دراما رمضان 2026
منة شلبي تتعاقد علي مسلسلها في رمضان مع إياد…
ياسمين رئيس تعود للدراما في رمضان 2026 بـ "اسأل…
زينة تكشف سبب عدم مشاركتها في مهرجان القاهرة السينمائي…

رياضة

تألق حكيمي يرفع آمال المغاربة قبل كأس الأمم 2025
حكيمي خامس مغربي يحصل على جائزة الكرة الذهبية الإفريقية…
المغربية غزلان الشباك تتوج أفضل لاعبة في أفريقيا 2025
مبابي وباريس سان جيرمان أمام القضاء في ملف يعد…

صحة وتغذية

نجاح تجربة لعلاج سكر النوع الأول بزراعة الخلايا الجذعية
تقدماً كبيراً لعلاج السكري من النوع الأول عبر زراعة…
تقنية جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لدعم الأطباء في…
كيف يرفع التدخين ضغط الدم ويزيد من خطر أمراض…

الأخبار الأكثر قراءة

البابا ليو الرابع عشر يدين العناوين المضللة ويصفها بأنها…
عبود أصغر مراسل في غزة يعلن نهاية الحرب ويؤكد…
باسم يوسف في لقاء تلفزيوني مصري بعد اعوام من…
باسم يوسف يعود إلى الشاشات المصرية بعد غياب عشر…
دونالد ترامب يلوّح بسحب تراخيص شبكات تلفزيونية بسبب تغطية…