الرئيسية » الإعلام وروّاده
وسائل الاعلام في العالم العربي

بيروت - المغرب اليوم

لطالما اعتبر لبنان منصة "متحررة" للإعلام في العالم العربي، لاسيما في الزمن الذي سبق ظهور مواقع التواصل الاجتماعي التي بدأت في تغيير هذا العالم في شكل جذري ليتماشى مع السرعة التي تؤمنها هذه المواقع.

وتغيرت دراسة الإعلام في جميع الدول الغربية، لاسيما بعد أن ساهمت العولمة في صناعة أفكار جديدة تؤطر دراسة الإعلام في قوالب جديدة لم يعهدها الإعلاميون قبلاً.

أما عربيًا، فلا يزال الواقع الإعلامي في حال من الصراع الحاد بين التشبث بالمعروف ورفض التجديد، وبين ترك الأسس التي قام عليها علم الإعلام والركض وراء تحقيق أكبر قدر ممكن من "الترافيك" مع دخول هذا العلم إلى الواقع الافتراضي.

وأكدت دراسة أعدّها الدكتور علي الطقش حول دراسة الإعلام في العالم العربي، أن الجامعات التي تدرس الإعلام في العالم العربي شهدت زيادة في شكل فاق 300% خلال أقل من 10 أعوام؛ إذ ضمّ العالم العربي 40 جامعة تدرس هذا العلم العام 2000، ليرتفع مع بداية العام 2009 إلى 70 جامعة، حتى وصل العام 2014 إلى 148 جامعة يتركز أغلبها في المشرق العربي أولاً ثم في الخليج العربي.

هذه الزيادة طرحت تساؤلات عدة، لاسيما لجهة أن الاستثمار والإنفاق على الإعلام والوسائل الإعلامية وصلا إلى 12 بليون دولار أميركي توزع نصفها على التلفزيونات، في حين أن المردود المالي لم يصل إلى بليون ونصف بليون دولار أميركي، وهو ما يعني أن الإعلام في العالم العربي يعد استثمارًا خاسرًا من دون أيّة جدوى اقتصادية.

وأمام هذا الواقع المرير، تشهد دراسة هذا العلم واقعًا لا يقل مرارة عن واقع سوق العمل، إذ يسود في عالمنا نظام الأقسام وليس الكليات، فقرابة 69% من الجامعات تعلّم الإعلام بصفته قسمًا وليس كلّية.

وعلى الرغم من أن الإحصاءات تشير إلى أن الإقبال على دراسة الإعلام في العالم العربي يعتبر ثانيًا بعد الإقبال على دراسة علم إدارة الأعمال، إلا أنه يعاني من ضعف وضع المناهج.

ويُدرس في العالم العربي نحو 1200 كتاب، إضافة إلى 4 مجلات علمية متخصصة في علم الإعلام، وتتداول هذه الكتب والمجلات على 148 جامعة، أي بمعدل 3 كتب لكل جامعة، ومجلة واحدة لكل 4 جامعات.

ولا يوجد في العالم العربي "قاموس إعلامي متخصص" يُدرس في الجامعات ومعتمد في غرف الأخبار، على رغم أن هناك ما يزيد عن 11 قاموسًا إعلاميًا وُضعت بين العامين 1978 و2014.

ولا يقف سوء حال المناهج عند هذا الحد؛ إذ لم يستطع العالم العربي الاتفاق على اسم موحد لدراسة الإعلام، إذ هناك ما يزيد عن 16 اسمًا مختلفًا لهذا العلم، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يسمى هذا العلم في الجامعة الأميركية في بيروت بـ"علوم الإعلام والتواصل"، أما في الجامعة اللبنانية الدولية فيسمى بـ"علوم التواصل".

والجامعة اللبنانية تُدرس هذا العلم تحت اسم "علوم الإعلام والتواصل"، أما تونس مثلاً فتدرسه تحت اسم "الأخبار والاتصال".

أما المناهج الموضوعة في هذه الجامعات، فتقسم إلى 3 أنواع، وفق الطقش، إذ تعتمد على النظام الإنجلوساكسوني، كما هو، أو النظام "الفرانكوفوني المحدث"، أو مناهج عربية هجينة.

والمشترك بين هذه المناهج أنها لا تملك أيّة رؤية للخريجين، إضافة إلى عدم ملاءمتها لسوق العمل ومتطلباته، فالطالب غالبًا ما يشعر بـ"غربة" عن سوق العمل.

وهذا الواقع المتردي إعلاميًا، تدعمه دراسة نشرتها "اسكوا" تفيد بأن معدل قراءة الفرد العربي سنويًا لا يتجاوز صفحتين العام 2003.

وعلى أرض الواقع، وبعيدًا عن النظريات والمناهج، تشهد الجامعات اللبنانية بشكل عام هيمنة سياسية تعيق عملية التحصيل العلمي، لاسيما في علم الإعلام الذي يعتبر الأكثر تأثرًا بهذه التجاذبات، نظرًا إلى كون سوق العمل سوقًا غير منتج يعتمد على طرق "ملتوية" للتمويل.

وفي هذا السياق، اعتبرت نورهان أطرق، وهي خريجة إعلام من الجامعة اللبنانية الدولية، أن الدراسة التي عملت 3 أعوام على إنجازها بهدف نيل شهادة تمكنها من دخول سوق العمل، لم تنفعها بأي شكل من الأشكال، إذ لا تزال تبحث عن عمل في ميدان يعج بالتجاذبات السياسية وبالإفلاسات الإعلامية.

وأضافت أنها تبحث عن عمل خارج هذا المضمار علّها تستطيع الحصول على قليل من المدخول ريثما تجد عملاً مناسبًا في مجالها، مشيرة إلى أنها بحثت مطولاً وجالت على مختلف وسائل الإعلام من دون أي أمل يذكر، وغالبًا ما يواجه حديثو التخرج هذه المشكلة.

ولا تقف الأمور عند هذا الحد، إذ غالبًا ما تغيب المتابعة من قِبل الجامعات سواء أثناء التحصيل العلمي أم بعد التخرج، فطالب الإعلام غالبًا، لاسيما في بعض الجامعات الخاصة، لا يُحصّل من الجامعة سوى معلومات نظرية.

وفي هذا السياق، اعتبرت فاطمة عبدالجواد وهي إحدى خريجات الجامعة نفسها ولكنها استطاعت الدخول إلى سوق العمل، أن وظيفة الجامعة الأساسية هي تأمين القدر الأدنى من المعلومات التي يتوجب على الطالب نفسه العمل على تعزيزها.

وأضافت أن مجمل ما تعلمته في الجامعة لا يصل إلى 20% مما يتوجب على الطالب تحصيله، مشيرة إلى أن سوق العمل مختلف تمامًا عن النظريات.

ولفتت عبدالجواد إلى أن مسألة اللغة العربية في تعليم الإعلام والصحافة، إذ تعمد الجامعة اللبنانية الدولية ومعظم الجامعات الخاصة إلى إغفال هذه اللغة؛ نظرًا إلى كون موادها تقتصر على اللغة الإنجليزية.

أما في الجامعات الناطقة باللغة العربية، فالحال لا يختلف كثيرًا عن نظيرتها الأجنبية، وفق ما أكد أستاذ الإعلام في جامعة "الجنان" في لبنان خالد العزي، الذي أكد أن التجاذبات السياسية الملاحظة في الجامعات اللبنانية، ساهمت في دفع الشباب إلى الجامعات الخاصة.

وأوضح أنه مع نمو هذه الجامعات وقعت الكليات في أزمة الإنتاج الكمي وغياب الإنتاج النوعي، وبالتالي نحن أمام أزمة تضخم فعلي في إنتاج الشهادات والخريجين وغياب أماكن العمل.

وأشار العزي في هذا السياق، إلى أن المشكلة لا تقتصر على الجامعات، إذ يتحمل الطلاب جزءًا لا يستهان به من الأزمة التي يعيشها القطاع، وهناك حالة سائدة من ضعف الثقافة لدى طلاب الإعلام ساهمت في شكل مباشر في التأثير على سوق العمل، وإحداث فجوة عميقة بين الطلب والعرض، ناهيك عن الفجوة العميقة التي نتجت عن الاختلاف الثقافي الذي نشأ نتيجة ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، الأمر الذي خلق أجيالاً وطرق تفكير مختلفة عن التي كونها الأساتذة في حياتهم العملية، ما أحدث فجوة في التواصل ما بين هذين الجيلين.

ولا مفر من التأكيد والتسليم بأن الواقع التعليمي الذي يشهده العالم العربي أرخى بظلاله على سوق العمل، لاسيما لجهة الاختلاف ما بين أرض الواقع في سوق العمل وبين النظريات التي تُدرس لطلاب الإعلام، ناهيك عن السياسة وتدخلها في غالبية الوسائل الإعلامية، إن كان تمويليًا أو منهجيًا، الأمر الذي ساهم في وصول سوق الإعلام إلى هذا الوضع.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

فلاديمير بوتين يؤكد أن وسائل الإعلام الغربية الرائدة أساءت…
وسائل إعلام أمريكية ترفض توقيع قيود جديدة فرضها البنتاغون
وزير الثقافة المغربي يؤكد أن قانون مجلس الصحافة صحح…
مقتل الصحفي والناشط الفلسطيني صالح الجعفراوي بعد أيام قليلة…
الأسباب وراء عدم تراجع نتنياهو عن اتفاق وقف إطلاق…

اخر الاخبار

وزير الخارجية السوري يؤكد أن حكومته تسعى لتفادي التصعيد…
حزب التقدم والاشتراكية يعارض مشروع قانون المالية 2026 ويبرز…
الملك محمد السادس يهنئ خالد العناني بانتخابه أول عربي…
المملكة المغربية تشارك في أشغال الدورة الحادية والأربعين لمجلس…

فن وموسيقى

نانسي عجرم تكشف أسرار نجاحها والصعوبات التي واجهتها في…
يسرا تتسلّم وسام الشرف الفرنسي تقديراً لمسيرتها الفنية الطويلة
كريم محمود عبد العزيز يعلن انفصاله رسميا مؤكدا الطلاق…
منى زكي تكشف أسباب ابتعادها عن الوسط الفني ودخولها…

أخبار النجوم

شريهان تشكر المخرج محمد عبد العزيز وتهنّئه بتكريمه في…
ناهد السباعي تُعبر عن سعادتها بمشاركة فيلمها "بنات الباشا"…
شيرين عبد الوهاب تتقدم ببلاغ رسمي ضد شقيقها وتطلب…
خالد النبوي يتألق في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ويهدي…

رياضة

ميسي وسالم الدوسرى يتفوقان على نجوم العالم فى الأداء…
مبابي يتعهد بتكريم ضحايا هجمات باريس خلال مواجهة أوكرانيا
رونالدو يوضح مقصده من كلمة "قريباً" حول نهاية مسيرته
إصابة المغربي أشرف حكيمي تتحول إلى مكسب تجاري ضخم…

صحة وتغذية

دراسة تكشف أن الشاي الأخضر والجوز يساهمان في إبطاء…
الصحة العالمية تحذر من وفاة أكثر من مليون شخص…
دراسة تكشف فحصًا جديدًا أدق لتشخيص أمراض الكلى
آلية دفاعية جديدة تمنح البكتيريا مقاومة متقدمة لمضادات الحيوية

الأخبار الأكثر قراءة

باسم يوسف يعود إلى الشاشات المصرية بعد غياب عشر…
دونالد ترامب يلوّح بسحب تراخيص شبكات تلفزيونية بسبب تغطية…
الإندبندنت تطرح تسألها حول المكان الذي سيذهب إليه سكان…
بنسعيد يؤكد أن إصلاح المجلس الوطني للصحافة فعل متواصل…
حريق ضخم يضرب المقر السابق لهيئة الإذاعة البريطانية في…