مدريد ـ المغرب اليوم
مع حلول فصل الخريف، تتحول إسبانيا إلى وجهة سياحية مميزة تجذب الزوار الباحثين عن تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة، التراث الثقافي، والطقس المعتدل. في هذا الفصل، تبدأ أوراق الأشجار بالتلون بألوان دافئة من الأحمر والبرتقالي والأصفر، مما يخلق مشاهد طبيعية خلابة تجذب عشاق التصوير والتنزه في الهواء الطلق. بعيدًا عن صخب الصيف وزحام السياح، تقدم إسبانيا في الخريف أجواءً أكثر هدوءًا وصفاءً، مما يجعلها مثالية للمسافرين الراغبين في الاستمتاع بالمناظر الطبيعية والتقاليد المحلية الأصيلة. مع درجات حرارة لطيفة وأيام مشمسة، تتنوع الأنشطة بين الاسترخاء على الشواطئ، المشاركة في مهرجانات تقليدية، والاستكشاف في المدن والقرى التاريخية. إليكم أفضل خمس وجهات في إسبانيا يجب ألا تفوتوها خلال الخريف 2025.
تبدأ الرحلة من الأندلس، حيث تنخفض درجات الحرارة بعد نهاية موسم الصيف، وتصبح الشواطئ أكثر هدوءًا وجاذبية. تعتبر مدن مثل ماربيا ونيخار في كابو دي غاتا منتجعات مثالية للاستمتاع بأشعة الشمس المعتدلة والمياه الدافئة التي تصل إلى حوالي 18 درجة مئوية حتى نوفمبر، مما يتيح فرصًا للسباحة والغطس. إلى جانب الاسترخاء على الشاطئ، يقدم الإقليم فرصًا لاستكشاف المواقع الثقافية والتاريخية الرائعة مثل قصر الحمراء في غرناطة، الذي يُعد من أبرز معالم الفن الإسلامي، أو زيارة متحف بيكاسو في مالقة، مسقط رأس الفنان العالمي. ولا يكتمل التجوال في الأندلس دون زيارة مدينة روندا، المعروفة بجسرها التاريخي المذهل وتقاليد مصارعة الثيران التي تعكس جزءًا من التراث الإسباني.
في جيّان، التي تقع أيضًا في الأندلس، يتجلى الخريف بشكل خاص من خلال موسم حصاد الزيتون السنوي، الذي يعد من أهم الفعاليات الزراعية والثقافية في المنطقة. خلال فترة سبتمبر وحتى نوفمبر، تشهد الأراضي الخضراء زراعة الزيتون وتقطيفه في عملية تُعرف بـ "فيرديو"، حيث تُجمع الزيتونات الخضراء لاستخراج زيت الزيتون البكر عالي الجودة، والذي يعد من أفضل أنواع الزيت في العالم. يمكن للزوار التفاعل مع هذه التجربة الزراعية من خلال زيارة المزارع المحلية والمشاركة في الحصاد أو حضور مهرجان الزيتون السنوي في مدينة مارتوس. هذا المهرجان احتفالي مليء بالعروض الموسيقية والفنية، وعروض الفلامنكو، والطقوس التقليدية المتعلقة بعصر الزيتون، مما يتيح للزوار فرصة التعرف على التقاليد الإسبانية الأصيلة وسط أجواء احتفالية مميزة.
أما في مينوركا، الجزيرة الهادئة في جزر البليار، فإن الخريف يحمل نسمات البحر اللطيفة والطقس المعتدل الذي يجعلها وجهة مثالية لقضاء أوقات هادئة بعيدًا عن ضجيج السياح. في أكتوبر، تحتضن مينوركا مهرجان جبن ماهون، الذي يُعد فرصة ذهبية لعشاق الطعام لتذوق أحد أشهر أنواع الجبن الإسبانية. هذا الجبن الحاصل على علامة المنشأ المحمية D.O. يُصنع من حليب الأبقار ويتميز بنكهاته الغنية التي تعكس تراث الجزيرة في الزراعة وصناعة الجبن التقليدية. يستطيع الزوار زيارة مصانع الجبن، مثل مصنع سابايدا، حيث يمكنهم تجربة مزارعة ليوم واحد وفهم مراحل إنتاج الجبن بدءًا من الحلب وحتى النضج. المهرجان يجمع منتجين من الجزيرة ومناطق أخرى، ويقدم فرصة لتذوق أصناف متعددة في أجواء مليئة بالفرح والاحتفال.
في الشمال، تقدم جبال البرانس الإسبانية مشهدًا طبيعيًا خلابًا في الخريف، حيث تتحول الغابات والتلال إلى لوحة فنية مدهشة تجمع بين الأحمر، الأصفر، والبرتقالي. تمتد هذه السلسلة الجبلية لأكثر من 500 كيلومتر، وتوفر مسارات متنوعة للمشي والتسلق تتناسب مع مختلف مستويات المهارة. من أشهر المناطق التي يجب زيارتها منتزه أورديزا ومونتي بيرديدو الوطني في أراغون، المعروف بجمال وديانه ومساراته التي تحفز عشاق الطبيعة على استكشافها. كذلك، تعد منطقة سيردانيا في كتالونيا، واديًا مشمسًا يمتد على الحدود بين إسبانيا وفرنسا، حيث يمكن للزوار الإقامة في قرى جبلية مثل بويغسيردا والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة والهواء النقي. من الأماكن الفريدة أيضًا قرية ليفيّا التي تقع في إسبانيا لكنها محاطة بالكامل بالأراضي الفرنسية، ما يضيف لها طابعًا مميزًا يجذب الزائرين.
أخيرًا، تمثل لا غاروتشا في كتالونيا وجهة طبيعية ساحرة تجمع بين المناخ المتوسطي والجبال البركانية، حيث تتحول المنطقة إلى لوحة طبيعية مزدانة بالألوان الخريفية من البرتقالي والأصفر. تقع هذه المنطقة بين برشلونة وجبال البرانس، وتشتهر بغابات الزان الكثيفة، وبمواقع الحمم البركانية القديمة التي تقدم مشاهد طبيعية فريدة. يمكن للزوار التنزه في غابة فاغيدا دن جوردا ومتابعة المسارات التي تمر عبر التضاريس البركانية في سانت خوان ليس فونتس. كما تشتهر قرى مثل كاستلفوليت دي لا روكا بجمالها الطبيعي وموقعها المميز على حافة صخرية، مما يجعلها نقطة جذب للمصورين ومحبي الطبيعة.
باختصار، الخريف هو الوقت الأمثل لاكتشاف إسبانيا من منظور مختلف بعيدًا عن صخب الصيف، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بمزيج من الطبيعة الخلابة، الفعاليات الثقافية الأصيلة، والمأكولات التقليدية، مما يجعل رحلة 2025 إلى هذه البلاد تجربة لا تُنسى بكل المقاييس.