لندن - المغرب اليوم
في الأول من أكتوبر، يحتفل العالم بيوم القهوة العالمي، هذا المشروب الذي يتجاوز كونه مجرد منبّه صباحي، ليصبح رابطًا ثقافيًا وجسرًا من الحميمية بين الناس. في هذا اليوم الخاص، ندعوكم لرحلة تتجاوز الحدود الجغرافية، إلى ثماني مدن من قارات مختلفة، تتقاطع جميعها عند نقطة واحدة: الشغف بالقهوة. البداية من لندن، التي كانت من أوائل المدن الأوروبية التي احتضنت القهوة منذ القرن السابع عشر، قبل أن تنزاح نحو الشاي، ثم تعود في السنوات الأخيرة لتُعيد أمجادها عبر القهوة المختصة وحبوبها عالية الجودة. أما كوبنهاغن، فهي المدينة التي رفعت تحضير القهوة إلى مستوى الفن، حيث يولي سكانها اهتمامًا بالغًا بكل تفصيلة، من مصدر الحبوب إلى طريقة التحميص وتوقيت التخمير، لتصبح تجربة القهوة هناك امتدادًا لفلسفة الحياة الدنماركية الهادئة والدقيقة. في سيدني، يتحول شغف القهوة إلى أسلوب حياة، إذ نشأت فيها أيقونة "الفلات وايت" التي غزت العالم، وتحوّلت المقاهي إلى معابد عصرية للجودة والذوق، في مدينة تمزج بين تأثيرات المهاجرين من إيطاليا واليونان والبرازيل بأسلوب أسترالي مميز. على الضفة الأخرى من العالم، تقدم طوكيو مفارقة رائعة بين الماضي والمستقبل، حيث تنبع جذور ثقافتها القهوية من القرن التاسع عشر مع مقاهي "كيساتين"، وتستمر اليوم بأساليب مبتكرة تدمج التقنية بالدقة اليابانية. في لشبونة، القهوة تُشرب على مهل، فنجان "بيكا" البرتغالي ليس مجرد مشروب بل طقس اجتماعي يومي، يمتزج فيه عبق الإسبريسو مع دفء المعجنات التقليدية وروح الاسترخاء التي تميز سكان المدينة. أما سان فرانسيسكو، فهي المهد الفعلي لثورة القهوة الأمريكية من الجيل الثالث، حيث انطلقت الشرارة الأولى من متجر بيت عام 1966، وتحولت المقاهي فيها إلى مراكز ثقافية ومجتمعية، تحتفي بالجودة والابتكار معاً. ميلان، عاصمة الأناقة الإيطالية، لا تكتفي بالإسبريسو، بل تقدم تنويعات فريدة مثل "الماروكينو"، وتمتلك تاريخاً حافلاً مع اختراعات ماكينات القهوة، حتى باتت القهوة فيها تجسيداً للتقاليد والإبداع معاً. وأخيرًا، تأخذنا أمستردام إلى رحلة أكثر بطئًا وتأملًا، حيث تعود أصول حب الهولنديين للقهوة إلى شركة الهند الشرقية والقرن السابع عشر، واليوم تشتهر المقاهي هناك بـ"القهوة البطيئة" التي تُحضّر بعناية، ما يجعل كل فنجان تجربة تلامس الفلسفة. من هذه المدن التي تحتفي بالقهوة بطريقتها الخاصة، يتبين أن القهوة ليست مجرد مشروب، بل أسلوب حياة، وصناعة ثقافية تتجلى في التفاصيل الصغيرة، من مذاق الحبوب إلى تصميم المقاهي. وفي يوم القهوة العالمي، تظل هذه المدن محطات ملهمة لكل من يبحث عن فنجان يحمل في نكهته حكاية.
قد يهمك أيضــــــا
فوائد محتملة للقهوة في الوقاية من السكري من النوع الثاني