الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
الكاتب والإعلامي المغربي محمد سالم الشرقاوي

الرباط - عمار شيخي

أكد الكاتب والإعلامي المغربي، محمد سالم الشرقاوي، أن روايته الأخيرة، "إمارة البئر" وهي سرد مُركب، حاولت أن تجيب عن أكثر من سؤال من خلال حركة الأبطال، الذين يتنقلون من فكرة إلى أخرى، ومن وضعية إلى وضعية، ومن فضاء إلى آخر، وبين هذه الحركة وتلك يقدم الكاتب كمّْا من المعلومات المُفيدة عن نفسية الناس، ومحيطهم، وسلوكياتهم، وخصوصياتهم، وأنماط عيشهم، مما يعرفه عامة القُراء ممن عاشوا في بيئة صحراوية مماثلة فأكدوا له أنه يكتب عنهم، ومما لا يعرفونه ومنهم من اكتشفوا بعض أسرار الصحراء وقيم أهلها الروحية والفكرية والإنسانية.

وأوضح الشرقاوي، في مقابلة مع "المغرب اليوم"، أنه لعل تداخل السوسيولوجيا والانتروبولجيا وعلم النفس مع بقية العلوم الإنسانية الأخرى تقوي عزيمة الأديب، المتمكن من تقنيات السرد والحكاية، وتجعله يمتلك أكثر من ناحية في نقل الصور الحيّة عن الفضاء الذي يتحرك فيه قلمُه، بصبر وتؤدة، تجعل القارئ يشعر في كل مرة أنه إزاء عمل أدبي تجمَّع فيه ما تفرق في غيره.

وأضاف الكاتب المغربي أنه ليس سرًا أن تجد الباحث في مجال السوسيولوجيا ينزع إلى الأدب ليجد رحابة في التعبير عن أفكاره، لا تتيحها لرُبما، الأعمال البحثية المؤطرة بمنهاج علمي صارم، أو تلك التي تعمل على مواضيع يختلف حولها الناس باختلاف تحليلاتهم ومرجعياتهم وخلفياتهم الفكرية والعلمية، متابعًا: قال أحدهم وهو يُعلق على الرواية في مقالته في إحدى الصحف العربية إن قارئ الرواية يشعر أنه إزاء عمل إبداعي بعمق أنتربولوجي وسوسيولوجي مُتميز، يجعل قارئه يبتسم أحيانًا وتغرورق عيناه أحيانًا أخرى، وإذا صدق صاحب التعليق، فإني أكون قد تمكنتُ من نقل صورة قريبة من واقع الصحراء وأهلها.

وفي إجابته عن سؤال بشأن مدى مساهة الكاتب في نقل بعض التراث المتواتر في الرواية الشفوية في الصحراء، قال: تأسيسًا على ما سبق، ليس من وظائف الروائي أن يقوم بعمل علماء الاجتماع أو علماء النفس أو الباحثين في مجال الأنتروبولوجيا، وإن كان على الأديب أن يسعى، قدر الإمكان، إلى تملك الأدوات المنهجية المؤطرة لعمله الأدبي ورسم حدوده، من خلال إجراء الأبحاث القبلية التي تُساعد على إغناء المادة بالأفكار المؤسِّسة لعمل الكاتب ورُؤاه، حتى يصل إلى نتيجة تحترم، في الأول والأخير، ذكاء القُراء.

وأكد الشرقاوي أنه عقد العزم على الاشتغال في روايته على الصحراء بروحها وأنساقها الاجتماعية والاقتصادية، باعتباره وُلد فيها واختلطت حباتُ رمالها مع لبن الصبا، وطعام الطفولة، فقد كان الأقرب إلى معرفة بعض تفاصيل الحياة في الخيمة وفي المرعى، وما بينهما حين تنساق الحكايات عن أحوال البشر، وعن الطبيعة والشجر، وعن الأنعام والحيوانات والحجر، مضيفًا: وقد سبقني شعراء البادية إلى الاحتفاء بمعالم الصحراء وكنوزها، وتبحروا في وصف مفاتنها وشجونها، وقد نقلت الحكايات عن سير أهلها في توادهم وتراحمهم وتواصلهم، وعن قيم البداوة وعزة أصحابها.

وأوضح قائلاً: أخذتُ عن هؤلاء وأولئك بعضًا منها لأوصلها، بشكل آخر في روايتي، إلى الأجيال الجديدة التي لم تعش، ربما أطوار حياة الأجداد في تلك الربوع"، ولعلي مُقبل في الجزء الثاني من "الثنائية" الموسوم بـ"قدر الحساء" على تقديم المزيد من الملاحم والحكايات والتعمق أكثر في مفاتن البادية وفي نفسيات سكانها، وهم يقارعون قساوة الطبيعة والمجال ويتحملون العيش فيها بمُقدرات محدودة، تزيدهم إقبالاً على الحياة وأملاً بتحسينها مع تواتر الظروف والتحولات.

وبرأي بعض النُّقاد والإعلاميين المغاربة، نقلت رواية "إمارة البئر"، وهي تمثل الجزء الأول من سيرة سردية طويلة بعنوان "السيرة الإخلاص" قُراء الرواية في المغرب على الأقل، من الطابع المديني الذي ميَّز هذه الرواية، إلى فضاء آخر أكثر رحابة وعُمقاً، وبحسب الشرقاوي، وهو فضاء الصحراء، الذي يتصور أنه لا يبحث عن التميز في هذا العمل، بل يبني على تراكم معلوم تركه الرُّواد الكبار، مضيفًا: الذين سبروا أغوار الصحراء وأسرهم جمالها الأخاذ وسحرتهم فضاءاتها التي تنضح بالحياة، على الرغم من أنها تُعطي الانطباع، أحيانًا، بالوحشة والسكون، لذلك فإني لا أدعي التأسيس لمسار بحثي نسميه "أدب الصحراء"، وإن كُنتُ أتوسم خيرًا في أن تسترعي هذه الرواية انتباه الباحثين والدارسين في بلدي إلى مساحة مغرية في البحث تتناول الأثر السردي المكتوب، الذي عمل أصحابه، وأنا واحد منهم، على نقل الرواية الشفوية الغنية في الصحراء إلى أثر مكتوب قابل للمعالجة والتنقيب.

واختتم الكاتب حديثه قائلاً: ليس ذلك فقط، بل أكاد أجزم بأن مسارًا بحثيًا يعمل على أدب الصحراء سيكون له دوره في رفد المجهود العلمي الذي يعمل على تثمين قيم المجتمع المغربي وتعزيز الرأسمال اللامادي، القائم على روافد الثقافة الوطنية "إسلامية، وعربية، وأمازيغية، وإفريقية وغيرها"، بمرجعياتها الأدبية والفكرية، والتي تأسست دائمًا على ميزات التنوع، والتعددية، والانفتاح، أكسبت بلادنا مناعة حصنتها من مؤثرات العولمة والاستلاب والعنف والاضطراب، وجعلتها في مأمن من الرياح العاتية التي ضربت دولًا في محيطنا الجهوي والدولي.

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وزير الثقافة المغربي يُطلق مشاريع بزاگورة ويدشن ترميم موقع…
"نوبل الأميركية" تختار الفلسطيني إبراهيم نصرالله للقائمة القصيرة لجائزة…
القناع الذهبي لتوت عنخ آمون يغادر متحف القاهرة إلى…
وزير الثقافة المغربي يؤكد استعداد الحكومة لطرح الصيغة الجديدة…
ترامب يزور جامع الشيخ زايد الكبير في أبو ظبي

اخر الاخبار

لقاء مرتقب بين ترامب ونتنياهو بعد تعهده التوصل لاتفاق…
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن باتجاه…
قطر تتوسط للإفراج عن مواطن أميركي احتجزته طالبان في…
هجوم مسلح داخل كنيسة للمورمون في ميشيغن يخلف قتلى…

فن وموسيقى

حسين فهمي يرفض مليون دولار حفاظًا على هوية مهرجان…
مي عمر تحصد المركز الثامن عالميًا في قائمة أجمل…
أمينة خليل تتألق في حفل "الموريكس دور" وتفوز بجائزة…
مي عمر تدخل التاريخ كأول مصرية ضمن قائمة "أجمل…

أخبار النجوم

نجاة أحمد السقا من حادث سير مروع أدى إلى…
إيمان العاصي تثير قضية الميراث من جديد في مسلسل…
إخلاء سبيل المطربة بوسي من النيابة بعد انتهاء التحقيقات
أحمد العوضي يتحدث عن مواصفات فتاة أحلامه وحقيقة ارتباطه…

رياضة

رونالدو يتجاوز المغربي حمد الله ويصبح الهداف التاريخي للنصر…
المغربي أيوب الكعبي يُتوج بجائزة أفضل لاعب أجنبي في…
عثمان ديمبلي يتوّج بجائزة الكرة الذهبية في مفاجأة كبرى…
الإعلان عن الفائز بالكرة الذهبية 2025 الليلة وسط ترقب…

صحة وتغذية

إحتجاجات شبابية في المغرب ضد أولوية الملاعب على حساب…
علماء بريطانيون يعيدون شباب الخلايا الجلدية 30 عاما ويفتحون…
وزير الصحة المغربي يستنفر مصالحه لمواجهة الغيابات والتأخرات غير…
دراسة تكشف دور النوم العميق في تنظيم سكر الدم…

الأخبار الأكثر قراءة

رحيل صوت الحرية في الأدب العربي المصري صنع الله…
الجسد الأنثوي وفتنة الخطاب الشعري العربي
وزير الثقافة يطلق الخطة القومية لإحياء السينما المصرية وتطوير…