الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
محمد بنعيسى ومحمد القبلي خلال الندوة التكريمية

الرباط - المغرب اليوم

استحضرت ندوة تكريمية احتضنتها خيمة الإبداع ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي الـ40، فصولا من تاريخ المغرب في العصر الوسيط، من خلال شهادات 22 باحثا مغربيا، وذلك في سياق الاحتفاء بالمؤرخ المغربي محمد القبلي مديرا للمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، حيث تحدث معظم الباحثين عن عملهم تحت قيادة القبلي في إطار المشروع الضخم لإعادة كتابة تاريخ المغرب في إطار المعهد الملكي للبحث التاريخي.

وسرد الكثير من المشاركين بعض الأحداث والطرائف التي عاشوها خلال إنجاز هذا العمل الضخم، والذي شارك في صياغته 40 باحثا مغربيا من مختلف التخصصات، بالإضافة إلى الاستعانة بتسعة خبراء مغاربة في مجالات مختلفة، والذي أسفر عن إصدار كتاب "تاريخ المغرب تحيين وتركيب" وضم بين دفتيه نحو 840 صفحة من تاريخ المغرب بعيون مغربية. وكشفت الشهادات عن الخصال التي يتمتع بها المؤرخ القبلي "80 عاما" سواء في المجال العلمي أو القيادي والإداري وعلى مستوى العلاقات الإنسانية.

وقال محمد بنعيسى الأمين العام لمنتدى أصيلة "إن أول من احتفى بالأستاذ القبلي ونبه إلى قامته العلمية ونبوغه هو العاهل المغربي الملك محمد السادس عندما عينه مديرا للمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، وكلفه مهمة إعادة كتابة تاريخ المغرب وفق مقاربة تشاركية منفتحة على مساهمة الكفاءات المغربية من مختلف التخصصات، وهي المهمة التي أنجزها القبلي وفريقه على أكمل وجه، على حد قول بنعيسى الذي أضاف أنه اعترافا بجهده العلمي الاستثنائي عينه العاهل المغربي لولاية ثانية على رأس المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب".

وأضاف بنعيسى أنه بفضل هذا العمل الوطني الضخم، أصبح تاريخ المغرب في متناول المغاربة وغير المغاربة، من خلال الكتاب المرجعي "تاريخ المغرب تحيين وتركيب" والذي صدر بأربع لغات، وأوضح أن المغاربة أصبحوا "يعرفون من خلال هذا الكتاب المسار السليم لتاريخهم الوطني بكل ما فيه من نقاط مضيئة أو محطات معذبة".

وشبه بنعيسى الأسس التي قامت عليها عملية إعادة كتابة تاريخ المغرب التي قادها القبلي بتلك التي اعتمدت في إعداد الدستور المغربي من حيث تشابه القضايا والإشكاليات التي اعترضت الخبراء الذين اشتغلوا في المجالين، والتي "تمس ماضي وحاضر الأمة المغربية بحثا عن المشترك والجامع والموحد بين مكوناتها".

وأضاف بنعيسى أن الإرث الزاخر المشترك للمغاربة، بتعددهم الثقافي واللغوي وهوياتهم وتميز مناطقهم واختلاف تجاربهم وعاداتهم وتقاليدهم ونمط عيشهم، أصبح ناصعا بفضل المصنف الكبير "تاريخ المغرب تحيين وتركيب".

ويعتبر القبلي مؤسسا ورائدا في مجال كتابة تاريخ المغرب في العصر الوسيط، والذي عملت الأوساط الأكاديمية الاستعمارية على طمسه وتغييبه.

ويقول هواري تواتي مدير الدراسات بالمدرسة العليا للعلوم الاجتماعية بباريس، في هذا السياق "إن تاريخ العصر الوسيط في المنطقة المغاربية شكل رهانا كبيرا على المستوى الآيديولوجي، إذ أن الخطاب الاستعماري حول تاريخ المنطقة ضمت حقبة ما قبل التاريخ وتاريخ الفترة الاستعمارية، وبقيت هناك هوة وفراغ في مرحلة العصر الوسيط، وذلك في سياق تبرير الاستعمار ومنحه الشرعية".

وأضاف أن عدة فترة ما بعد الاستقلال عرفت عدة محاولات لملء هذا الفراغ، غير أنها ظلت قاصرة ومحدودة قبل أن تشكل أبحاث محمد القبلي، الذي كان تناول هذا الموضوع في أطروحته لنيل دكتوراه الدولة، قطيعة ومنعطفا حاسما على عدة مستويات في مجال كتابات تاريخ المغرب، سواء من حيث العمل النقدي أو التوثيقي، باحترافية المؤرخ وبوسائل علمية جديدة ومقاربة غير مسبوقة.

من جانبه، قال الحسين بوزينب، أستاذ جامعي بالرباط ومكلف مهمة في الديوان الملكي المغربي، خلال حفل تكريم القبلي، أن هذا الأخير أشركه في المشروع رغم أنه ليس مؤرخا، وقال "أنا فقيه في اللغة، غير أن القبلي كان مقتنعا بأن دراسة التاريخ تحتاج إلى إسهام الكثير من التخصصات والخبرات". وتحدث بوزينب عن جانب من أبحاثه في إطار هذا العمل وعن الاكتشافات والمفاجئات التي صادفته في خلال رحلته الشيقة وسط الوثائق والأحداث التاريخية.

قال إدريس أوعويشة رئيس جامعة الأخوين بافران "لست مؤرخا، لكنني أهتم كثيرا بحكمة التاريخ. فالتاريخ ضرورة، لأنه إنصات لحركة الزمن الذي أصبح في ذمة الماضي، وتفحص هادئ للسيرورة التي سرعان ما تحول الحاضر ماضيا"، مشيرا إلى أهمية استخلاص العبر والخلاصات من التاريخ لأن "الإنسانية لا تستطيع فهم حاضرها ولا مستقبلها إذا لم تفهم ماضيها".
وتحدث إبراهيم أقديم، نائب رئيس جامعة محمد بن عبد الله بفاس، عن الأدوار التي لعبها القبلي خلال فترة ترؤسه لجامعة فاس، وهي الفترة التي شكل خلالها لجنة جهوية منفتحة على محيطها من أجل إعداد الإصلاح الجامعي وقيادة التغيير البيداغوجي والعلمي للجامعة.

وتحدث لحسن حافظي علوي، الأستاذ الباحث بجامعة محمد الخامس في الرباط، عن مساهمة القبلي في نفض الغبار عن تاريخ الموحدين والمرينيين بالمغرب. وأشار إلى أنه التحق بالمعهد الملكي للبحث التاريخي في 2005 واشتغل ضمن لجنته العلمية تحت إشراف القبلي لمدة تناهز 10 سنوات.

وأشار حافظي إلى أن من أبرز اجتهادات القبلي دراسته لمسألتين: الدولة والولاية في المغرب. وأشار إلى أن القبلي يحدد تاريخ ميلاد الدولة المركزية في المغرب بظهور مفهومين في القرن 12 ميلادي، وهما "المغرب الأقصى" كتعبير عن المجال مع توحيد المغرب من طرف المرابطين، ومفهوم "المخزن" الذي ما زال متداولا حتى الآن بين المغاربة كمرادف للدولة.
وقال "الظاهر أن استعمال المغاربة لاسم "المخزن"، الخاص بهم، للتعبير عن دولتهم، يؤكد إحساسهم وشعورا بتحقيق الذات، وهو ما يؤكده أن ملوك الموحدين اتخذوا من مناهضة الزعامات المشرقية مبدأ لم يحيدوا عنه، واتخذوا لأنفسهم ألقاب الخلافة مند بداية حكمهم".

من جانبه، قال النائب عبد اللطيف وهبي، إنه وجد في كتاب تاريخ المغرب الذي أشرف عليه القبلي حلا لمشكلة عملية كان يعاني منها في إطار ممارسة مهامه في البرلمان.
وأضاف "كنت كلما أستقبل شخصية أجنبية أجد نفسي في حرج حول الهدية التي سأقدمها له. ومنذ اطلاعي على هذا الكتاب وقراءتي له وجدت فيه ضالتي، وأصبحت أقدمه باعتزاز وافتخار كبيرين للضيوف الأجانب". وأشار إلى أن مثل هذا العمل يساهم في التعريف بالمغرب وبتاريخه المجيد، ومن شأنه أن يلعب دورا أساسيا في المجال الدبلوماسي. ودعا وهبي إلى إرساء أواصر التعاون بين رجال السياسة وعلماء التاريخ، وتجاوز حالة الجفاء بينهما، مشيرا إلى أن رجل السياسة ينظر بريبة إلى المؤرخ الذي يجمع أخطاءه، والمؤرخ ينظر بحذر إلى السياسي الذي يحاول التأثير في عمله.

وتحدث عبد الرحمن المودن، أستاذ باحث في التاريخ بجامعة محمد الخامس، عن مساهمته في الورش الكبير لإعادة كتابة تاريخ المغرب تحت إشراف القبلي، وعن المنهجية والوتيرة التي فرضها القبلي والالتزام الصارم بالجدولة الزمنية للمشروع وعدم التساهل في معايير البحث. وأشار إلى أن الأبحاث التي قادها القبلي في هذا المجال في إطار المعهد الملكي للبحث في التاريخ أسفرت عن صدور 20 كتابا حتى الآن بلغات وأحجام مختلفة، مشيرا إلى أن اللغة العربية هي اللغة الأساسية للمشروع مع ترك الحرية للباحثين في اختيار لغة الاشتغال، مشيرا إلى أن 60 في المائة من الأوراق المقدمة من طرف الباحثين كانت في نسخها الأصلية بالعربية. كما أشار المودن إلى استمرار عمليات التنقيح والتجديد في إطار هذا المشروع، الشيء الذي أسفر عن إصدار سحب ثان للمؤلفات، خاصة "تاريخ المغرب" و"كرونولوجيا تاريخ المغرب"، والتي تضمنت نصوصا ووثائق جديدة لم يتضمنها السحب الأول.

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وزارة السياحة تعلن نظاما جديدا لحجز تذاكر المتحف المصري…
جناح توت عنخ آمون يسطع في افتتاح المتحف المصري…
الحرم المكي والمسجد النبوي يستقبلان أكثر من 54.5 مليون…
الشيخ صالح الفوزان يتولى منصب مفتي عام السعودية ورئاسة…
متحف اللوفر يستقبل زواره من جديد وسط إجراءات أمنية…

اخر الاخبار

مظاهرات أمام منزل رئيس إسرائيل رفضاً لبراءة نتنياهو
ترامب يتواصل مع مادورو رغم التوتر وضربات الكاريبي
واشنطن تشنّ ضربات دقيقة على مخازن أسلحة داعش في…
مدير أمن السويداء يؤكد أننا نحاول وقف التصعيد قدر…

فن وموسيقى

تكريم حسين فهمي بمهرجان مراكش الدولي عن مسيرته الفنية…
نجاة الصغيرة تعود للأضواء بزيارة دار الأوبرا ومدينة الفنون…
تايلور سويفت تتحول إلى قوة اقتصادية عالمية تتجاوز تأثيرها…
تكريم الفنانة المغربية لطيفة أحرار في إفتتاح مهرجان أيام…

أخبار النجوم

يسرا تكشف عن رأيها في فيلم "الست" للفنانة منى…
إلهام شاهين تشن هجوماً حاداً على منتقدي فيلم "الست"…
أحمد العوضي يكشف حقيقة حدوث خلافات بينه وبين أبطال…
خسائر فادحة تطال كنوز بيرين سات وكنان دوغلو بعد…

رياضة

ميسي يصنع الفارق بتمريرة ساحرة رغم عدم تسجيله أهداف…
حكيمي يخضع لبرنامج تعاف مكثف استعدادا لدعم أسود الأطلس
أوباميانغ أكبر هدافي دورى أبطال أوروبا 2025
رمضان صبحي يواجه الإيقاف أربع سنوات مع استمرار حبسه…

صحة وتغذية

دراسة جديدة توضح علاقة الشعر الأحمر ببطء التئام الجروح
مجموعة من الحلول لمشاكل تواجهها البشرة عادةً في الصباح
أفضل الأوقات لتناول الزبادي لدعم صحة الأمعاء بشكل طبيعي
"10 أطعمة يفضل تناولها يومياً إذا كنت تريد العيش…

الأخبار الأكثر قراءة

إيطاليا تطور أنظمة ذكاء اصطناعي لحماية التراث الثقافي
ماكرون يؤكد أن سرقة متحف اللوفر إعتداء على تراث…
كتارا تعلن أسماء الفائزين بجائزة الرواية العربية لعام 2025
قلق بين الناشرين مع توسع جوجل في البحث المدعوم…
الرياض تختتم معرض الكتاب 2025 بأكثر من 1.3 مليون…