الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
أعمال للرسامة جورجيانا هوتون

لندن - كاتيا حداد

في القرن الـ19، وفي جلسة إستحضار أرواح قاتمة في صالون مضاء بالغاز، عادت الروح المعنوية للتيتيان وكورجيو من عالم الموتى لتوجيه يد الفنانة المتوسطة، جورجيانا هوتون، مدعية أنها تحت إشراف مرشدين روحيين. ووجهت هوتون تعبيرات حيوية وملونة من التجريد الروحي على عكس ما كان يشاهد من قبل في الفن، إذ أعلنت هوتون نفسها، أن عملها كان "لا مثيل له في العالم".

 رسومات روح جورجيانا هوتون هي أمثلة رائدة من الفن التجريدي ومجموعة مختارة منها تعرض الآن في معهد "كورتولد" في لندن. ويساهم المعرض في المنطقة الناشئة من الفن التاريخي لإعادة تقييم هذه الفترة، التي تعتزم تغيير فهمنا للفن في القرن ال19.

 بدأت الروحانية الحديثة كحركة في أميركا في 1840، وغالبا ما تعود جذورها إلى الأخوات فوكس هيدسفيل. والروحيون يعتقدون أن روح الإنسان تبقى حية بعد الوفاة وتستمر في الاهتمام بشكل فعَّال في عالم الموتى. وسط هذه الحركة كانت وسائل الروح.

 وكان الوسيط شخصًا ينظر إليه بأن لديه حساسية خاصة للاتصال بالروح، والذي من خلاله كان يعتقد أن مثل هذا التواصل بين العالمين ممكنا. ووصلت الروحانية إلى بريطانيا في وقت مبكر من العام 1850 حيث اكتسبت شعبية واسعة وتسببت في التأثير الثقافي الكبير.

 وشمل ذلك شكل الوسيط الروحي الإبداعي الذي أنتج الرسومات واللوحات خلال جلسات تحضير الأرواح. وكانت جورجيانا هوتون (1814-1884) واحدة من العديد من الشخصيات البريطانية الفنية. وفي سن ال 45، أصبحت أول المهتمين في الروحانية بعد وفاة شقيقتها الصغرى، وبدأت تعقد جلسات تحضير الأرواح.

 فقط 40 من لوحاتها بقيت موجودة حتى الآن، وقد تم اختيار عينة حيوية لعرضها في معرض كورتولد. ففي عام 1871، اختارت هوتون لتعرض أعمالها واستأجرت معرضا في "اولد بوند ستريت" لتقديم رسوماتها الروحية لجمهور لندن. وهذا يشير إلى أن هوتون أرادت عملها كجلسة إستحضار الأرواح لاكتساب الجدارة والفن معا، ولكنها استخدمت المعرض أيضا لفضح أفكار روحانية لعامة الناس.

 ومن بين الوسائل البريطانية الأخرى التي رسمت أو تعادلت في حالة النشوة من خلال جلسات تحضير الأرواح، ويقال تحت تأثير المشروبات الروحية، كانت آنا ماري هويت، باربرا هونيوود، كاثرين بيري، ديفيد دوجيد، جين ستيوارت سميث، ويليام واليزابيث ويلكنسون.

 والأهم من ذلك، كان هؤلاء الفنانون المتوسطون من أكبر المساهمين في الحركة الكبرى في القرن ال19، وهي الروحانية الحديثة، التي امتدت في جميع أنحاء العالم من أمريكا إلى أستراليا، ومن اسكتلندا إلى جنوب أفريقيا. وتراوحت اعمالهم من الأشكال المجردة إلى الأشكال التصويرية بعد ذلك، في حين اختلفت أساليبهم التي كانت موحدة بنفس الهدف الذي هو استخدام وسيط روحي فني لإقناع المشاهد بتلك الحقيقة: إن روح العالم موجودة وأن الأرواح يمكن أن تتفاعل مع الحياة.

 واعتبرت رسومات جلسة تحضير الأرواح واللوحات قطع أثرية روحية. ومن أجل فهم كل من اللغة البصرية والوضع الروحي لهذه الأعمال الفنية كان هناك تركيز على الطريقة التي تم إنشاؤها بها. وتشهد جلسة استحضار الأرواح ومشاهدة خلق الفن الروحي ليزعم أنه يشهد مشاركة من المشروبات الروحية مع عالم الموتى، وغالبا ما تعتبر دليلا على الحياة بعد الموت.

 ولذلك، كان يعتقد أن الأعمال الفنية المنتجة خلال جلسات تحضير الأرواح أيضا أن تكون دليلا على التفاعل الروحي مع البشر. وكان القصد من أعمال تلك الوسائل أن تكون مفهومة من قبل الروحيين الذين لديهم المعرفة المقدسة عن عالم الروح، وبالنسبة لأولئك الذين لم يكن لديهم مثل تلك الرؤية، كانت وسيلة ضرورية لمواصلة التوسط بمعنى العمل الفني للمشاهد.

 وقد نُقش على ظهر إحدى رسومات هوتون تلك الجملة: على العكس من عيون الرب (c.1866) والتي تشرح مفهوم رمزيتها:
يمثل الثالوث في جميع أنحاء العمل بعد أن تعادل دائما ثلاث عيون ملتصقة، ولكن ذلك لن يكون ملموس لأولئك الذين لم يطلعوا على الرسومات في التقدم. وكانت هوتون على علم بأن المشاهدين الذين حضروا جلسات تحضير الأرواح اكتسبوا ميزة في فهم الرسالة المقدسة.
 
ويلفت القائمون على المعرض الحالي الانتباه إلى استجابة ناقد القرن ال19 لمعرض هوتون العام 1871. ومن منطلق عدم الثقة تجاه الروحانية، قال الناقد: :ما كان يجب علينا الانتباه لهذا المعرض في كل شيء، ونحن لا نعتقد أنه سوف يثير اشمئزاز جميع الناس الرصينين بالحماقات التي تهدف إلى تعزيزها وتشجيعها. وفي وقت لاحق، وساهمت هذه الآراء المتشككة إلى رفض فن الأرواح كموضوع يستحق النظر.

 ويقول إعلان معرض هوتون في 1871 أنه سيكون "المعرض الأكثر دهشة في لندن في الوقت الحاضر". وإذا كان معرض 2016 في كورتولد يمكنه إعادة تعريف افتراضاتنا حول فن القرن ال19، والذي من المؤكد أن يفعل، هذا المعرض اليوم بنفس الأهمية كما كان قبل 145 سنة.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الأمير مولاي رشيد يترأس افتتاح الدورة الثلاثين للمعرض الدولي…
وزير الثقافة المغربي يؤكد أن الاعتزاز بالتاريخ والقيم الأصيلة…
الشاعرة المغربية سناء الحافي تصدر ديوانها "ملك القلوب" إهداءً…
فيلم عن فلسطين “لا أرض أخرى” لمخرج لفلسطيني و…
الملك تشارلز يتعاون مع "أمازون برايم" لإنتاج فيلم وثائقي

اخر الاخبار

القوات الأميركية تسقط مسيّرة في محيط قاعدة عين الأسد
تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل يثير مخاوف من اتساع…
نقل خامنئي و أفراد أسرته إلى ملجأ تحت الأرض…
إسرائيل تقلّص قواتها في غزة وتعيد نشرها لمواجهة التهديد…

فن وموسيقى

كندة علوش تكشف عن البدء بمشروع فني جديد وتواصل…
أنغام تُشعل مسارح السعودية وتصف جمهورها بالساحر وتشيد بشركة…
إلهام شاهين تؤكد حبها لدعم الجيل الجديد وتوضح سبب…
هنا الزاهد تُعبر عن سعادتها بتجدّد التعاون مع النجم…

أخبار النجوم

أحمد الفيشاوي يشوّق جمهوره لفيلمه رهبة وراء مصنع الكراسي
يسرا تكثّف ساعات التصوير في فيلمها الجديد "الست لما"
الفنان تامر حسني يكشف مفاجأة عن فيلمه "ريستارت"
تعرض ماجد المهندس لأزمة صحية طارئة

رياضة

كريستيانو رونالدو يُعلن موقفه النهائي من الاستمرار أو الرحيل…
رونالدو يكشف عن عمله مترجماً لميسي ولا يستبعد اللعب…
المغربي أشرف حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لدوري أبطال أوروبا
المغربي أشرف حكيمي ثالث عربي يُحرز هدفاً في نهائي…

صحة وتغذية

تناول منتجات الألبان يُسهم بشكل كبير في الوقاية من…
إضافة الأفوكادو إلى نظامك الغذائي يمكن أن تُحسّن جودة…
إضافة بذور الشيا للنظام الغذائي اليومي لتعزيز صحة الأمعاء
متحور نيمبوس الجديد من كورونا تعرف على أعراضه وكيف…

الأخبار الأكثر قراءة

انقسام جزائري حاد بعد سجن محمد الأمين بلغيث بسبب…
وزارة الأوقاف المغربية تُحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات…
محمد المهدي بنسعيد يترأس الوفد المغربي في الحوار الوزاري…
الأمير مولاي رشيد يترأس افتتاح الدورة الثلاثين للمعرض الدولي…
وزير الثقافة المغربي يؤكد أن الاعتزاز بالتاريخ والقيم الأصيلة…