الرئيسية » مراجعة كتب

دمشق - سانا

تحكي رواية (تانغو طوكيو) لليابانية ريكا يوكوموري عن (سايا) شابة يابانية تعيش في أسرة غير متوازنة حيث الأم تعمل وتجهد بينما الأب عاطل عن العمل رغما عنه الأمر الذي زاد من تسلطها عليه ما أدى في النهاية إلى هجره اسرته وبتحفيز مادي من أمها باشتراطها عليها أن تقبل في جامعة معروفة تنجح سايا في الدخول إلى كلية الآداب على نفقة الأم فتقوم هذه الشابة بمتابعة دراستها الأكاديمية لكنها وهي تعيش حياتها الجامعية وبسبب الاحساس بالفراغ الوجودي والعاطفي لم تستطع كبح جماحها في مجتمع اليابان المنفتح على ثقافة الغرب الاستهلاكية فتنجرف في اللهو والمتعة لدرجة أنها تعمل في عدة وظائف بدوام جزئي من أجل الإنفاق على التسلية واللهو في البارات والمراقص. وتتعرف سايا في إحدى تلك الوظائف على أرمل يعمل في عصابات الياكوزا اليابانية فتقع بحبه وتؤخذ بشخصيته المستهترة والصارمة لدرجة أنها تصبح رهن إصبعه وترتبط بهذا اللاهي المقامر المحتال وتنجرف مع هذا الحب بعماء رغم ما يتصف به هذا الرجل من صفات سيئة إلا أن طريقة تعامله مع النساء وخصوصا معها جعلتها تنسى كل ذلك السوء الذي فيه أو الذي سيعاملها به حين وجدها منقادة له لدرجة أنه يجعلها تعمل من أجل أن تدفع تكاليف معيشتهما لكنه بعد فترة من تضحيتها لأجله يجد فيها الملجأ الذي يجعله يأوي إليه لينسى حياة المقامرة واللهو والاحتيال فيحاول قدر المستطاع العمل من أجل تأمين رفاهيتها بالكسب غير المشروع طبعا. حياة الاحتيال واللعب في البورصة لرجل الياكوزا أكسبته المال الوفير ما جعلها تعيش حياة فارهة فارغة لا معنى لها بعدما كانت مليئة بالجهد والعمل فتجد نفسها ضائعة بلا هدف لحياتها فصحيح أنه أمن لها حياة عاطفية ومستوى جيد من الرفاهية إلا أنها تصحو على لا معنى وجودها في ذاك الخواء المترف فتبحث عن عمل يسد فراغ حياتها وتحصل عليه في دار للفنون التشكيلية وتحتك بتلك الطبقة المثقفة التي تعمل فيها وترتادها ما يجعل أحاسيسها وأفكارها تتأثر بجو هذه الطبقة فتتحول شيئا فشيئا عن القناعة بالحياة التي عاشتها مع زوجها الذي تكتشف بأنه رغم حبه لها أنه يخونها فتعيش في صراع داخلي مع نفسها وخارجي مع رجلها التي تخبو عاطفتها اتجاهه خصوصا بعدما تعرفت على سمسار للوحات التشكيلية يعمل في نفس صالة الفنون. هنا تبدأ العلاقة مع زوجها بالتشقق والانهيار حين تستيقظ على ذاتها التي كانت تهملها لحساب حبيبها وزوجها الذي كان قد بدأ يشعر بأهميتها في حياته فيحاول استعادة الود القديم لكنها لم تعد تستطيع الاستمرار في نكران الذات فتتجرأ وتنفصل عنه رغم خوفها من أن يؤذيها وتستقل بنفسها حتى علاقتها الجديدة تفشل إلا أنها تستطيع الخروج من اليابان والبدء بدراسة تصميم الأزياء المجال الذي كانت تتمنى العمل فيه. لا تبدو رواية يوكوموري أبسط من قصة بسيطة يمكن تلفزتها وتحويلها إلى مسلسل سيجد جمهوره بسهولة إلا أن التفكير فيها يكشف عن طبيعة مجتمع اليابان في فترة الثمانينيات فترة الفورة الاقتصادية حيث البذخ والاستهلاك إضافة إلى نمو ما ينمو من مافيات في المجتمع الرأسمالي التي تستغل تهاون السلطات وربما تعاون بعض أفرادها في اللعب التجاري من خلال نظام (دعه يعمل دعه يمر) والمقصود هنا الرأسمال كما تكشف عن طبيعة العلاقات الاجتماعية القائمة على التمثيل والرياء في مجتمع تحركه المصالح والشكليات حتى في العلاقات الإنسانية بل والأسرية التي تتحول فيه هذا العلاقات إلى بورصة مشاعر تقوم أسسها على الربح والخسارة. إلا أنه في نهاية الرواية يتبدى ملمح إنساني ذو طبيعة غرائزية يتمثل في الأمومة التي انتصرت في الأم حين تعي ما كان يجب عليها تجاه ابنتها والتي شعرت واعترفت للابنة بمسؤوليتها تجاه ما وصلت إليه من ضياع فتقوم بمساعدتها بتقديم العون لها فتدفع لزوجها الفار والمطلوب الذي هددها بالقتل إن لم تعطه مليون ين كتعويض على ما قدمه لها أثناء زواجهما وحين قدمت لها مالا من ما ادخرته من عملها من أجل دراستها تصميم الأزياء بعدما تخلى عنها خوفا من رجلها المافيوي صديقها. لكن الأهم من ذلك هي التجربة التي عاشتها سايا خلال أربع سنين مليئة بالكثير من المشاعر والأفكار والتجارب التي صقلتها وأنضجتها فصحت بعدها على امرأة ناضجة تعرف ما تريد ومن هنا من آخر الرواية ستبدأ حياة جديدة بدا من منطق راويتها بأنها أصبحت متوازنة وقابلة للتحكم في لحظاتها. فنيا كان السرد حكيا مسلسلا من الماضي إلى الحاضر ليس فيه أي تنويع تقني في البناء تنفك عقدة الرواية عندما تصحو البطلة على ذاتها وتعود إلى رشدها التي كانت صاحبة البطولة المطلقة في الرواية التي تتحدث بضمير المتكلم عن تجربتها الشخصية في فترة معينة قصيرة إضافة إلى خلوها من أي مضامين فكرية سياسية حتى الطرح الاجتماعي كان فرديا محصورا بتجارب البطلة فبدا الهم العام عابرا وكل هذا جعل القراءة سلسة ومريحة. يذكر أن الرواية من ترجمة شارل شهوان وهي الاصدار الخامس لدار الكلمة من سلسلة الروايات اليابانية. 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

المخرج الأميركي كوينتن تارانتينو يُصدر روايته الأولى
إصدار جديد يقارب حصيلة الدراسات الأمازيغية في المغرب
مؤلف يرصد البرلمان المغربي في ظل ثلاثة ملوك
رواية "وجوه يانوس" تقود أول امرأة إلى رئاسة الحكومة…
ديوان شعري أمازيغي يدعم مرضى السرطان الفقراء

اخر الاخبار

حزب التجمع الوطني للأحرار يهنئ الملك محمد السادس والمغاربة…
مصطفى بايتاس يؤكد أن العمل التطوعي رافعة للتنمية وتجسيد…
رئيس الأركان الأميركي يقوم بجولة استطلاعية بمروحية فوق غزة
احتفالات واسعة بالمغرب عقرار مجلس الأمن قب الداعم للحكم…

فن وموسيقى

آمال ماهر تكشف أسرار غيابها وترد على شائعات زواجها…
أحمد مالك أول مصري يفوز بجائزة أفضل ممثل في…
وثيقة زواج مزعومة لمنة شلبي تثير الجدل ومصدر مقرب…
محمد رمضان يطرح الإعلان الترويجي الأول لفيلم "أسد" من…

أخبار النجوم

شريهان تشارك في حفل افتتاح المتحف بعد غياب سنوات
الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية
مصطفى كامل يتوعد خصومه داخل نقابة الموسيقيين ويحيل الإتهامات…
أحمد حلمي يربط الفن بالتاريخ ويقود الزوار في تجربة…

رياضة

ميسي يتصدر قائمة أعلى اللاعبين أجراً في الدوري الأميركي
مدرب موناكو يؤكد اقتراب عودة بول بوغبا إلى الملاعب…
لامين يامال يشعل التوتر قبل الكلاسيكو بتصريحات مثيرة
رونالدو يحتفل بهدفه رقم 950 ويؤكد استمراره في تحطيم…

صحة وتغذية

دراسة كندية تكشف أن النساء أكثر عرضة لمضاعفات أمراض…
إصابات جديدة بجدري القرود بمزيد من الدول ووفيات في…
الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره
وزير الصحة المغربي يرفض ترويج المغالطات حول الصفقات التفاوضية…

الأخبار الأكثر قراءة