القاهرة - المغرب اليوم
مر معظم الاطفال بمراحل يرون فيها أحلاماً مزعجة تسبب لهم القلق بشكل مؤقت. لكن أحياناً لا تبقى الاحلام المزعجة ضمن هذا الإطار وقد يرى الطفل كوابيس تؤثر سلباً عليه وعلى نفسيته مع ما لها من خلفيات ودلالات نفسية وأسباب تسترعي اهتمام الأهل.
متى يكون للكابوس دلالة نفسية معينة ولماذا يرى طفلك أحلاماً مزعجة بشكل متكرر فيما لا يعاني أطفال صديقاتك هذه المشكلة؟ أسئلة كثيرة حول الأحلام المزعجة والكوابيس لدى الأطفال أجاب عليها الطبيب اللبناني الاختصاصي بالأمراض النفسية لدى الأطفال جون فياض موضحاً متى يكون الوضع طبيعياً ومتى يستدعي استشارة طبيب.
في أي سن يبدأ الطفل برؤية الاحلام المزعجة أثناء نومه؟
بالدرجة الأولى، لا بد من التمييز بين ما يعرف بالكوابيس-Nightmares والهلع الليلي-Night terrors لانهما يختلفان تماماً في التعريف الطبي والتصنيف. حتى أن الأعراض التي تترافق مع الnight terrors تبدو مختلفة تماماً فيبدو الطفل مرتعباً ويصرخ من شدة الخوف ويبدو وكأنه مستيقظ ويفتح عينيه لكنه لا يسمع ولا يعي شيئاً مما يحصل من حوله وما إذا كانت أمه تكلمه مهما حاولت تهدئته، وهذه حالة تخيف الأهل كثيراً لأن الوضع مع الطفل لا يكون مريحاً ويثير القلق، إلا أنه شائع ما بين السنتين وسن الثماني سنوات.
مع الإشارة إلى أن ذلك يحصل في أولى ساعات الليل أي في القسم الأول منه، لكن في اليوم التالي لا يتذكر الطفل شيئاً مما حصل معه وكأنه لا يملك الذاكرة لما حصل في دماغه في تلك الفترة. وضمن إطار هذه الحالة أيضاً الحالات التي يمشي فيها الاطفال أثناء النوم.
من جهة أخرى، تظهر الكوابيس بشكل مختلف حيث يبدو أن الطفل يرى حلماً مزعجاً وتظهر عليه علامات الانزعاج والخوف أثناء النوم، إلا انه يتذكر تماماً الحلم الذي شاهده في اليوم التالي ويمكن ان يخبر تفاصيله.
أظهرت إحدى الدراسات أن الكوابيس التي يراها الاطفال قد تحمل دلال نفسية وتكون مؤشراً لمشكلات نفسية قد تظهر لاحقاً أو تكون كامنة لديهم، هل هذا صحيح؟
يمكن أن يرى أي إنسان كوابيس أثناء نومه أحلاماً مزعجة، وهذا ليس مستغرباً كذلك بالنسبة إلى الأطفال. وقد تكون المسألة عادية لا تدعو إلى القلق أو إلى إعطائها أهمية لكونها لا تحمل أي دلالة نفسية ولا تشير إلى اي اضطراب نفسي لدى الطفل.
إلا أنه ثمة حالات معينة يختلف فيها الوضع وذلك بحسب مضمون الكابوس ومدى تكراره بنفس المضمون. فعلى سبيل المثال إذا كان الطفل يرى بشكل متكرر في الحلم أمراً يسيء إليه أو إلى أهله كأن يرى ما يفصله عن أهله باستمرار في الحلم، فيرتبط ذلك باضطراب نفسي هو عبارة عن قلق لدى الطفل من الانفصال عن اهله.
وفيما يعتبر قلق الانفصالSeparation Anxiety عن الاهل طبيعياً لدى الطفل في سنواته الاولى، إلا أنه يبدو أقرب إلى الاضطراب النفسي بعد سن 5 سنوات وما هو هذا الخوف الذي يشهده في الكوابيس إلا خير دليل على ذلك.
كما يمكن أن يظهر من خلال عدم قدرة الولد في سن 5 سنوات وما فوق على النوم دون أن ينام أحد والديه إلى جانبه أو الخوف من الذهاب إلى المدرسة والابتعاد عن أهله.
ما الاسباب التي قد تكون وراء هذا النوع من الاضطرابات؟
قد يبرز هذا الاضطراب لدى الطفل بسبب ضغوط نفسية يتعرض لها في العائلة أو مشاهدة عنف في المنزل أو التعرض لحادث مروع أو صدمة أو أي مشكلات أخرى في المحيط، كما يمكن ألا يكون هناك أي سبب له.
مع الإشارة إلى أن هذا الاضطراب الذي يعرف بالSeparation Anxiety هو من أهم الاضطرابات النفسية لدى الاطفال. ومن أبرز أعراض ومظاهر هذا الاضطراب هذه الكوابيس المرعبة.
ما أسباب الأحلام المزعجة والكوابيس التي يراها الطفل؟
أسباب الأحلام عامةً مركبة. يميل الناس إلى الربط ما بين الأحلام وأحداث معينة في المحيط، فيما لا يمكن تبسيط الأمور بهذه الطريقة .
فالحلم أمر يحصل في الدماغ نستعيد فيه مشاهد في الذاكرة بطريقة عشوائية، منها ما يكون قد حصل ومنها ما لا يحصل وما لم نره وليس لها أي علاقة بالواقع. وبالتالي قد لا تكون هناك اي دلالة نفسية وأي رابط مع الواقع كما يعتقد الناس، وقد تمت برهنة ذلك علمياً.
مع الإشارة إلى أننا لا نستعيد دائماً الأحلام التي نراها. ولدى الأطفال تحديداً فيما تكون لدى الكوابيس المرعبة دلالة نفسية وأسباب مرتبطة بالواقع والمحيط، ليس للأحلام المزعجة العادية أي دلالة أو رابط بالواقع أو تفسير فلا علاقة لها بشيء من حول الطفل.
كيف يمكن أن يساعد الأهل الطفل عندما يرى أحلاماً مزعجة أو كوابيس؟
عندما يكون الحلم متكرراً بمضمونه ومزعجاً يمكن أن يساعد الأهل الطفل بمساعدته على التعبير عما يراه ومن خلال طمأنته بأن ما يراه في الحلم لن يحصل في الواقع . إلا أن هذه الأمور تبقى محدودة الفاعلية ولا تسمح بوقف الكوابيس، وقد تكون هناك حاجة إلى استشارة اختصاصي في علم النفس لمساعدته من خلال علاجات متعددة يمكن أن تعتمد.
كما قد يفيد أن يطلب من الطفل أن يرسم ما رآه في الحلم إضافة إلى ذلك يجب ألا يخاف الأهل من خوف الطفل أثناء رؤية الاحلام المزعجة أو الكوابيس وألا يحاولوا إيقاظه لأن الحلم يكون مؤقتاً وينتهي، بل يجب أن يتأكدوا فقط ألا يقع أثناء نومه بسبب الانفعال والخوف. وخصوصاً بالنسبة إلى الأحلام المزعجة هي مرحلة يمر بها الطفل وتنتهي خلال فترة دون داعٍ للتدخل


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر