الرياض - سعيد الدوسري
مع حلول العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، يتجدّد اهتمام المسلمين بإحياء هذه الأيام المباركة التي أقسم الله تعالى بها في كتابه الكريم، لما لها من فضل عظيم ومكانة خاصة في الإسلام، حيث قال تعالى في سورة الفجر: ﴿والفجر * وليالٍ عشر﴾، وهي أيام تتضاعف فيها الأجور، وتُفتح فيها أبواب الرحمة والمغفرة.
ورد في الأحاديث النبوية الشريفة أن هذه الأيام أفضل أيام العام من حيث العمل الصالح، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر"، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء" [رواه البخاري].
كما جاء في حديث آخر: "ما مِن أيَّامٍ أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهنّ من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد".
في هذه الأيام العظيمة، يُستحب للمسلم الإكثار من الطاعات والقربات، ومن أبرز العبادات المستحبة ما يلي:
1. الصيام
وخاصة صيام يوم عرفة (اليوم التاسع من ذي الحجة) لغير الحجاج، والذي ورد فيه حديث: "صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده" [رواه مسلم].
2. الصلاة
الحرص على أداء الصلوات المفروضة في وقتها، والإكثار من صلاة النوافل، وقيام الليل، وصلاة الضحى، والوتر.
3. الذكر
من أبرز الأعمال في العشر: التهليل والتكبير والتحميد، ويُستحب الجهر بها في البيوت والمساجد والأسواق، بصيغ متعددة، منها:
"الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد."
4. قراءة القرآن الكريم
لأن تلاوة القرآن من أفضل العبادات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه" [رواه مسلم].
5. الصدقة والعمل الصالح
يُستحب الإكثار من الصدقات، وصلة الرحم، وبر الوالدين، ومساعدة المحتاجين، ونشر الخير في المجتمع.
6. التوبة والاستغفار
فرصة عظيمة للرجوع إلى الله والتخلص من الذنوب، يقول الله تعالى: ﴿وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون﴾ [النور: 31].
7. ذبح الأضحية
في اليوم العاشر من ذي الحجة (يوم النحر)، وهي سنة مؤكدة لمن استطاع، وتوزع على الفقراء والأهل.
يُعد الدعاء من الأعمال العظيمة في هذه الأيام، خاصة في يوم عرفة، إذ يُستجاب الدعاء ويرتفع فيه العمل الصالح، ومن الأدعية المستحبة:
"اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير."
"اللهم اجعلنا من المقبولين في هذه الأيام، ووفّقنا لما تحب وترضى، واكتب لنا فيها الخير والبركة والرحمة والمغفرة."
إن العشر الأوائل من ذي الحجة هي أيام فضيلة لا تُعوّض، ونعمة عظيمة منحها الله لعباده، ليجددوا توبتهم، ويضاعفوا حسناتهم، ويُحيوا قلوبهم بالطاعة. فمن فاته رمضان، فليعوض في ذي الحجة، ومن قصّر في العام كله، فليستغل هذه الأيام المباركة، فإنها فرصة لا تُقدّر بثمن.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر