لقي 30 فلسطينياً مصرعهم، وأصيب نحو 200 آخرين، صباح اليوم الثلاثاء، إثر إطلاق نار مكثف من القوات الإسرائيلية بالقرب من مركز لتوزيع المساعدات الإنسانية في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، وفق تصريحات رسمية من مدير مستشفى ناصر ووزارة الصحة في غزة.
في الساعة الخامسة من صباح اليوم، تجمع مئات الفلسطينيين في الطريق الساحلي المؤدي إلى مركز المساعدات الأمريكي في رفح، في محاولة للحصول على الغذاء والمساعدات الضرورية وسط نقص حاد في الإمدادات جراء الحصار والقصف المستمر. وأثناء تواجدهم، أطلقت القوات الإسرائيلية النار بشكل متقطع، ثم بكثافة، مستهدفة المتجمعين الذين لم يتمكنوا من التراجع.
وأكد مدير مستشفى ناصر في خان يونس أن جميع المصابين نقلوا إلى المستشفى، مشيراً إلى أن معظمهم يعانون من إصابات بالرصاص الحي، فيما أفادت مصادر طبية بأن بعض الجرحى في حالة حرجة. وأوضح أن جثث القتلى وصلت إلى قسم الطوارئ ملفوفة بأكياس بلاستيكية بيضاء، وسط أجواء من الحزن والتوتر حيث تجمع مئات من أقارب الضحايا والجرحى.
وأشارت وكالة الدفاع المدني في غزة إلى أن غالبية الضحايا سقطوا بنيران دبابات إسرائيلية، إضافة إلى طائرات مروحية وطائرات مسيرة استخدمت أسلحة متطورة ضد المدنيين.
في بيان رسمي، أكد الجيش الإسرائيلي أنه أطلق النار بعد تحديد هوية "عدد من المشتبه بهم" بالقرب من مركز التوزيع. وأضاف البيان أن القوات أطلقت في البداية نيرانًا تحذيرية، ثم طلقات إضافية بعدما فشل المشتبه بهم في التراجع. وأشار الجيش إلى أنه يحقق حالياً في تفاصيل الحادث، مع الإقرار بسقوط ضحايا.
في المقابل، نفى الجيش الإسرائيلي أن يكون قد أطلق النار على الفلسطينيين في حادث مشابه وقع يوم الأحد الماضي وأسفر عن مقتل 31 شخصاً وإصابة ما يقرب من 200 آخرين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
شهود عيان من سكان منطقة المواصي في خان يونس رووا تفاصيل مروعة. محمد الشاعر، أحد النازحين، قال إنه شاهد مئات المواطنين يتقدمون في الطريق الساحلي صوب مركز المساعدات، عندما بدأ الجيش بإطلاق النار في الهواء ثم صوبه نحوهم. وأضاف أن طائرات مروحية وطائرات مسيرة استهدفت الفلسطينيين، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى.
من جهتها، رانيا الأسطل، التي تقيم مع زوجها وأطفالها في خيمة بالمنطقة، وصفت الموقف: "بدأ إطلاق النار بشكل متقطع قرب دوار العلم، وبعد اندفاع الناس باتجاه مركز المساعدات أطلق الجيش نيراناً كثيفة عليهم". وأضافت أن الكثيرين حاولوا الوصول إلى المساعدات رغم الخطر الشديد.
في ردود فعل رسمية، انتقد فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بشدة موقع توزيع المساعدات الذي فرضته إسرائيل، واصفاً إياه بأنه "مصيدة للموت". وأكد أن سياسة التوزيع في أقصى جنوب رفح تجبر المدنيين على السير لمسافات طويلة عبر منطقة مدمرة بفعل القصف الإسرائيلي، مضيفاً أن هذه الآلية تزيد من معاناة المدنيين بدلاً من تخفيفها.
يأتي هذا في وقت تشهد فيه منطقة خان يونس أوامر إخلاء جديدة من قبل الجيش الإسرائيلي، باستثناء مجمع ناصر الطبي الذي يعتبر المستشفى الوحيد في جنوب القطاع الذي يقدم خدمات تخصصية. واعتبر مدير المستشفى هذه الأوامر تهديداً حقيقياً لحياة مئات المرضى والجرحى، خصوصاً من هم في أقسام العناية المركزة وغرف العمليات والطوارئ.
وزارة الصحة في غزة اتهمت الجيش الإسرائيلي بـ"تعمد تقويض المنظومة الصحية وخنقها" عبر هذه الأوامر التي تستهدف إخراج مستشفيات رئيسية عن الخدمة، مما سيؤدي إلى كارثة صحية إنسانية لا يمكن احتواؤها.
في ظل هذا التصعيد العسكري، تزداد المخاوف من انهيار القطاع الصحي في غزة بسبب النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، مع استمرار الحصار وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين يومياً.
يذكر أن الفلسطينيين في قطاع غزة يعيشون تحت حصار خانق منذ سنوات، ما أدى إلى تدهور كبير في الوضع الإنساني، خصوصاً مع تجدد العمليات العسكرية الأخيرة التي أدت إلى سقوط عشرات الضحايا من المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر