بدأت التحضيرات النهائية لعقد المؤتمر الدولي للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية، والذي من المقرر انعقاده في مدينة نيويورك في الفترة ما بين 17 و20 يونيو 2025، برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية، وبمشاركة رفيعة من الأمم المتحدة والدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة.
وكشفت ورقة العمل الرسمية للمؤتمر، التي حصلت "الشرق" على نسخة منها، أن المؤتمر ينطلق من التزام واضح وثابت بأن حل الدولتين هو الأساس الوحيد المقبول لتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، دون السماح بإعادة التفاوض على المبادئ القائمة أو العودة إلى نقطة الصفر. وأكدت الورقة على ضرورة تنفيذ هذا الحل ضمن إطار زمني محدد، وبإشراف دولي ملزم، والتزامات عملية واضحة من جميع الأطراف، بما يضمن الاستمرارية ومنع الانحراف عن مسار التسوية.
وشددت الورقة على أن تنفيذ حل الدولتين يجب أن يكون مستقلاً عن التطورات السياسية أو الأمنية المحلية والإقليمية، وأن يشمل اعترافًا كاملاً بدولة فلسطين ذات السيادة، باعتبار ذلك جزءاً لا يتجزأ من التسوية العادلة. وأكدت على احترام إرادة الشعوب في العيش بسلام وأمن، وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومبادئ مؤتمر مدريد ومبادرة السلام العربية.
ويُعقد المؤتمر في لحظة توصف بأنها من أكثر اللحظات حرجاً في تاريخ القضية الفلسطينية، في ظل تصاعد غير مسبوق للعنف والنزاع، لاسيما بعد هجمات 7 أكتوبر 2023 وما تلاها من حرب مدمرة على قطاع غزة، والتي أسفرت عن أزمة إنسانية هي الأشد في تاريخ القطاع، وخسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات، وتهجير قسري واسع.
وأكدت الورقة أن استمرار الاستيطان غير القانوني وممارسات التهجير وهدم المنازل يهدد بشكل مباشر فرص تطبيق حل الدولتين، ويقوض أي إمكانية لبناء سلام شامل ومستدام في الشرق الأوسط. وفي المقابل، يهدف المؤتمر إلى إعادة توجيه المسار السياسي عبر إجراءات عملية لبناء الثقة، وتعزيز احترام القانون الدولي، وتوفير بيئة مناسبة لدفع عجلة السلام.
وسيضم المؤتمر مشاركين على أعلى مستوى، بمن فيهم الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس الجمعية العامة، وزعماء من الدول الأعضاء، وممثلون عن جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومؤسسات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني.
ويتضمن جدول أعمال المؤتمر جلسة افتتاح عامة، إلى جانب موائد مستديرة متخصصة تبحث في ملفات محورية، منها: إقامة الدولة الفلسطينية الموحدة (برعاية الأردن وإسبانيا)، وضمان الأمن للإسرائيليين والفلسطينيين (برعاية إندونيسيا وإيطاليا)، والجدوى الاقتصادية للدولة الفلسطينية (برعاية اليابان والنرويج)، إضافة إلى جلسات حول إعادة الإعمار والعمل الإنساني، وحماية حل الدولتين، واحترام القانون الدولي، إلى جانب عرض مشترك لـ"مبادرة يوم السلام"، التي أطلقتها السعودية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
ومن المنتظر أن تصدر عن المؤتمر وثيقة ختامية بعنوان: "التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين"، تتضمن التزامات واضحة من الأطراف، وآليات رقابة دولية لضمان التنفيذ، وترسيخ مبدأ عدم العودة إلى التفاوض على الأسس القائمة، بل تنفيذها بالكامل.
وتستند مرجعية المؤتمر إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في نوفمبر 2024، والذي أكد عدم شرعية ضم الأراضي بالقوة، بما في ذلك القدس الشرقية، واعتبر أن استمرار الاحتلال يقوض فرص السلام العادل. كما استند المؤتمر إلى رأي محكمة العدل الدولية الصادر في يوليو 2024، والذي ألزم إسرائيل بجبر الضرر الناتج عن ممارساتها غير القانونية، وأكد حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وذات السيادة على كامل أراضيهم المحتلة.
ويشكل هذا المؤتمر، بحسب ورقة العمل، فرصة دولية تاريخية أخيرة لإعادة إحياء المسار السياسي نحو حل الدولتين، وضمان عدم تكرار الأزمات، ووضع حد نهائي للاحتلال والعنف، والتمهيد لشرق أوسط مستقر يعيش فيه الفلسطينيون والإسرائيليون جنباً إلى جنب في سلام وأمن دائمين.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر