شدّد البابا لاون الرابع عشر على أن الشرق الأوسط بات بحاجة إلى مقاربات جديدة لتخطي "عقلية الانتقام والعنف" خلال قداس ترأسه عند واجهة بيروت البحرية الثلاثاء، بمشاركة نحو 150 ألف شخص في ختام زيارة حمل خلالها رسالة أمل وسلام إلى البلد الذي أنهكته أزمات متلاحقة.
وفي كلمة ألقاها في ختام القداس الإلهي قبل أن يتوجه إلى المطار، قال "يحتاج الشرق الأوسط إلى مقاربات جديدة لرفض عقلية الانتقام والعنف، وللتغلب على الانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية، ولفتح فصول جديدة باسم المصالحة والسلام".
وأضاف "وأخيراً، لكم يا مسيحيي المشرق، أبناء هذه الأرض بكل ما للكلمة من معنى، تحلوا بالشجاعة، فالكنيسة كلها تنظر إليكم بمحبة وإعجاب".
البابا في لبنان: ماذا نعرف عن المزارات الدينية الثلاثة التي يزورها؟
وقبل ذلك، حثّ البابا اللبنانيين في عظته على توحيد جهودهم من أجل إيقاظ "حلم لبنان الموحد"، حيث "ينتصر السلام والعدل" بعد الأزمات المتلاحقة التي عصفت بهذا البلد الصغير.
وشقّ البابا طريقه في السيارة البابوية "بابا موبيلي" بين حشود من الكبار والصغار تجمعوا منذ ساعات الصباح الأولى في واجهة بيروت البحرية، هتفوا له ترحيباً ولوّحوا بأعلام لبنان والفاتيكان، ليبادلهم السلام والمباركة.
وتوجّه المشاركون في القداس، وبينهم وفود أتت من دول مجاورة كسوريا والعراق والأردن، منذ الفجر إلى واجهة بيروت البحرية، حيث فُتحت الأبواب عند الخامسة صباحاً. واتخذ الجيش اللبناني تدابير مشددة في محيط الموقع وأغلق الطرق المؤدية إليه أمام السيارات.
وفي اليوم الأخير لزيارته العاصمة اللبنانية، أقام البابا صلاة صامتة عند موقع انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020، خلال رحلته الرسولية الأولى، تكريماً للضحايا وتأملاً في مأساة المدينة.
ويتوقّع أن يلتقي البابا عائلات الضحايا والناجين من الانفجار الذين يواصلون المطالبة بالعدالة بعد أكثر من خمس سنوات على الانفجار.
وكان البابا قد استهلّ يومه الثالث في لبنان بزيارةٍ إلى العاملين والمرضى في مستشفى الصليب في جلّ الديب، حيث حظي باستقبال حافل من الكهنة والراهبات وجمعٍ من الشخصيات الدينية الذين رفعوا علمَي لبنان والفاتيكان، وسط تصفيقٍ وتراتيل عبّرت عن الترحيب بالضيف الفاتيكاني.
وشكرت رئيسة الدير الأم ماري مخلوف التي غلبتها الدموع مراراً، البابا على زيارته ولكونه "أباً للمنسيين والمتروكين والمهمشين"، مشيرة إلى الظروف الصعبة التي تواصل المؤسسة العمل فيها رغم انهيار مؤسسات الدولة وبغياب الدعم.
وناشد الحبر الأعظم الراهبات "ألا يفقدن فرح الرسالة" التي يؤدونها "بسبب الظروف الصعبة" لعملهن. وقال "ما نشهده في هذا المكان هو عبرة للجميع.. لا يمكن أن ننسى الضعفاء".
وشكّل لبنان المحطة الثانية من الجولة الخارجية الأولى للبابا الأمريكي، بعد زيارته تركيا حيث شدد على أهمية الحوار والوحدة بين المسيحيين.
البابا ليون الرابع عشر يقيم صلاة صامتة في موقع انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020، خلال رحلته الرسولية الأولى، في بيروت، لبنان، 2 ديسمبر/كانون الأول 2025
وحظي البابا لاون الرابع عشر بحفاوة استثنائية في لبنان، حيث أقيمت له بعيد وصوله الأحد مراسم استقبال رسمية وسط حضور سياسي جامع، وتدفق الآلاف إلى الشوارع التي سلكها في اليوم الثاني من زيارته، للترحيب به.
وشكّلت زيارته إلى لبنان التي تنتهي الثلاثاء، بارقة أمل لبلد خرج من حرب بين حزب الله واسرائيل ويعيش على وقع مخاوف من اندلاع العنف من جديد.
لماذا يزور البابا لاون هذه البلدة التركية الصغيرة؟
وسجّل أكثر من 120 ألف شخص أسماءهم للمشاركة في القداس عند واجهة بيروت البحرية، حيث سيتم نقلهم من مناطق مختلفة في لبنان عبر حافلات خاصة، وفق المنظمين.
البابا لاون الرابع عشر يلوح بيده أثناء زيارته لمستشفى دي لا كروا للأمراض النفسية، خلال رحلته الرسولية الأولى، في جل الديب، لبنان، 2 ديسمبر/كانون الأول 2025.
ومنذ مساء الاثنين، فرضت السلطات إجراءات أمنية مشدّدة ومنعت الوصول إلى وسط بيروت حيث سيحيي البابا هذا القداس.ودعا البابا لاوون الرابع عشر، الاثنين، من وسط بيروت قادة الطوائف الروحيين إلى أن يكونوا "بناة سلام" وأن "تواجهوا عدم التسامح، وتتغلبوا على العنف وترفضوا الإقصاء وتُنيروا الطريق نحو العدل والوئام للجميع بشهادة إيمانكم".
وأضاف "في زمن يبدو فيه العيش معاً حلماً بعيد المنال، يبقى شعب لبنان، بدياناته المختلفة، مذكراً بقوة بأن الخوف، وانعدام الثقة والأحكام المسبقة ليست لها الكلمة الأخيرة، وأن الوحدة والشّركة، والمصالحة والسلام أمر ممكن".
والتقى البابا كذلك آلاف الشباب في مقر البطريركية المارونية شمال بيروت. وتوجه إليهم البابا بالقول "أنتم الحاضر، بأيديكم المستقبل يتكوّن، وفيكم اندفاع لتغيير مجرى التاريخ".
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر