نجاة دار الوثائق القومية في السودان وحماية أرشيف تاريخي ثمين
آخر تحديث GMT 09:14:14
المغرب اليوم -

نجاة دار الوثائق القومية في السودان وحماية أرشيف تاريخي ثمين

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - نجاة دار الوثائق القومية في السودان وحماية أرشيف تاريخي ثمين

من أثار الاشتباكات في الخرطوم
الخرطوم ـ المغرب اليوم

في لحظة محفوفة بالتوتر والقلق، نجت "دار الوثائق القومية" من مصير مأساوي بعد أن كانت على شفا التدمير الكامل، في وقت تواجه فيه المتاحف السودانية ومعالم البلاد التاريخية أفظع أشكال التخريب، وجاء نبأ إنقاذ الأرشيف الثمين ليكون بمثابة شعاع أمل يضيء ظلام الذاكرة الوطنية بالسودان.

ورغم النيران التي اجتاحت المكاتب الإدارية، ظل الأرشيف الذي يحتوي على أكثر من ثلاثين مليون وثيقة بمنأى عن ألسنة اللهب، ليُعيد الأمل في الحفاظ على تاريخ السودان الذي لا يُقهر.

وفي تفاصيل الحادثة، لاقى نبأ نجاة "دار الوثائق القومية" في الخرطوم ترحيبا واسعا وسط السودانيين الذين عاشوا أوقاتا طويلة من القلق والخوف بسبب الدمار والتخريب والنهب والسرقة الذي لحق بمعالمهم الثقافية والتاريخية. ورغم الأضرار الكبيرة التي طالت بعض المكاتب الإدارية جراء الحريق، إلا أن الوثائق الثمينة التي تحتفظ بها الدار، والتي يقدر عددها بأكثر من ثلاثين مليون وثيقة، نجت تقريبا من التدمير، ما منح الحدث بُعدا رمزيا عميقا في تأكيد أهمية هذه المؤسسة التي تحافظ على الذاكرة الحية للأمة.

وعلى وقع ذلك التطور المثير تفاعل السودانيون على منصات التواصل الاجتماعي بطريقة لافتة، حيث تداول السودانيون الأنباء والصور التي توثق حماية دار الوثائق، معبرين عن فخرهم وارتياحهم. تفاعل الكثيرون مع الحدث بتعليقات تؤكد أهمية هذه المؤسسة في حفظ هوية الأمة وتاريخها، في وقت تعصف فيه البلاد بتحديات كبيرة. بينما أثنى آخرون على الجهود الأمنية التي بذلت لحماية هذا الكنز الوطني، معبرين عن أملهم في أن تظل دار الوثائق صامدة أمام أي تهديدات قد تواجهها في المستقبل، كونها تمثل تاريخا حيا لا يمكن تعويضه.

وكان الصحفي والمخرج السوداني الطيب صديق أول من نقل هذا النبأ، مؤكدًا أن الحريق طال المكاتب الإدارية فقط، بينما نجا أرشيف الوثائق من الأضرار رغم تفرقها وبعثرتها على الأرض. وطالب الجهات المعنية بالتحرك الفوري لحماية هذا الإرث الثمين من الإهمال والضياع بعد نجاته من ألسنة النيران والتدمير والخراب والنهب.

وبسرعة، تحركت قوات الأمن السودانية لتأمين دار الوثائق، حيث أُرسلت قوة متخصصة لضمان سلامة المبنى ومحتوياته. وفي هذا السياق، أكد مدير الإدارة العامة للشرطة الأمنية، اللواء سفيان عبدالوهاب حمد رملي، أن قوات الأمن تعمل بلا كلل لتأمين الموقع وحمايته حتى تسليمه للجهات المختصة، مشددا على الدور المحوري الذي تضطلع به دار الوثائق في الحفاظ على تاريخ السودان وحمايته من محاولات التدمير.

وتأسست "دار الوثائق القومية" في عام 1916، وتعد واحدة من أعرق دور الأرشيف في العالم العربي وأفريقيا. على مدار السنوات، لعبت الدار دورا محوريا في حفظ وتوثيق أهم مراحل تاريخ السودان من خلال جمع الوثائق الحكومية والمطبوعات المحلية وأرشيف الصحافة، ما مكنها من تأمين نحو ثلاثين مليون وثيقة موزعة على مئات المجموعات التي تعكس التنوع الثقافي والاجتماعي للسودان عبر العصور.

وقد أشار المؤرخ والأستاذ الجامعي البروفسير أحمد إبراهيم أبوشوك في مقال سابق إلى أن دار الوثائق السودانية تعتبر من أقدم دور الوثائق في الوطن العربي وأفريقيا، حيث تحتل المرتبة الثالثة من حيث الأقدمية بعد الأرشيف الوطني التونسي ودار الوثائق المصرية.

وقد تأسست الدار في البداية كمكتب صغير لجمع الأوراق المالية والقضائية في عهد الحكم الثنائي عام 1916، ثم تم تطويرها تدريجيا إلى "مكتب محفوظات السودان" في عام 1948، ليتم تحويلها بعد الاستقلال إلى "دار الوثائق القومية" بموجب قانون تم إصداره في عام 1965. ومع مرور الزمن، وتحديدا في عام 1982، تم تعديل القانون ليتم تحويلها إلى "دار الوثائق القومية" تحت إشراف مجلس قومي برئاسة الوزير المعين من قبل رئيس الجمهورية.

وحسب المختصين فقد نجحت الدار في جمع أرشيف ضخم من الوثائق التاريخية التي تضم سلطنتي الفونج والفور، بالإضافة إلى وثائق المهدية التي تحتوي على نحو 80 ألف وثيقة. هذا الأرشيف الهائل لعب دورا رئيسيا في دعم الدراسات الأكاديمية والسياسية في السودان من خلال تقديم مواد أرشيفية غنية تساهم في تقديم الحقائق بعيدًا عن الانطباعات الشخصية والتأثيرات الخارجية. كما أسهمت الدار بشكل كبير في حل القضايا القومية الكبرى من خلال توفير الوثائق اللازمة لدعم لجان ومؤتمرات متعددة مثل "مؤتمر المائدة المستديرة" ومفاوضات السلام التي تمت في فترات مختلفة من تاريخ السودان.

من خلال هذا النجاح، تتجاوز قيمة "دار الوثائق القومية" كونها مجرد مستودع للذكريات التاريخية، فهي تمثل رمزًا للذاكرة الوطنية الحية التي تواصل الإضاءة على ماضي السودان، مشيرة إلى الطريق نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.

قد يهمك أيضـــــــا

بدء عرض فيلم تسجيلي عن دار الوثائق القومية في الفسطاط

 

تلفزيون الشارقة يٌلقي الضوء على أهم انجازات القاسمي الثقافية خارج الإمارات

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجاة دار الوثائق القومية في السودان وحماية أرشيف تاريخي ثمين نجاة دار الوثائق القومية في السودان وحماية أرشيف تاريخي ثمين



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:30 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

آسر ياسين يحل ضيفًا على عمرو الليثي في "واحد من الناس"

GMT 06:45 2022 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

سيرين عبد النور تتألق في فساتين مميزة وجذّابة

GMT 17:30 2022 الأربعاء ,14 أيلول / سبتمبر

تصاميم حديثة لأبواب المنزل الخشب الداخليّة

GMT 22:41 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

السعودية تعلن عن عدد الُحجاج موسم هذا العام

GMT 01:51 2021 الثلاثاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

تطوير روبوت يمكنه أن يفتح الأبواب بنفسه

GMT 23:24 2021 السبت ,16 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل استدعاء نورة فتحي للتحقيق في قضية غسيل الأموال

GMT 16:18 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

خبر صادم لأصحاب السيارات المستعملة في المغرب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib