الدار البيضاء – المغرب اليوم
تم افي إطار فعاليات الدورة 22 للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء، الاحتفاء بالذكرى الخمسين لتأسيس مجلة "أنفاس"، إحدى أهم المجلات الثقافية التي بصمت تاريخ المنجز الثقافي المعاصر في المغرب.
وشكلت هذه المجلة، التي تأسست سنة 1966 من طرف زمرة من المثقفين المغاربة، من مشارب إبداعية تنوعت بين التشكيل والشعر والأدب، محطة فارقة في المشهد الثقافي المغربي أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي، حيث استطاعت أن تقدم نموذجًا غير مسبوق للفعل الإبداعي الحامل لهموم وتطلعات مجتمعه.
وفي شهادات مؤثرة لأبرز مؤسسي هذه المجلة، التي كانت توقفت عن الصدور في 1973، اعتبر رواد هذا العمل أن هذه التجربة الثقافية والإنسانية المتفردة كان لها قصب السبق في أن تجمع الكلمة بالصورة البصرية، وأن تكون ملتقى لتجارب إبداعية من مدارس مختلفة، باللغتين العربية والفرنسية، مقرين أنه بالرغم من حداثة تلك التجربة، وافتقادها للدعم داخل المحيط الثقافي والإعلامي، إلا أنها نجحت في أن تقدم منتجًا اعتبر حينها بمثابة روح جديدة، ورحلة سفر جماعية، انتقلت بالمثقف المغربي نحو تجارب حداثية أكثر تجذرًا والتزامًا بهموم المواطن المتطلع إلى مجتمع الحداثة والديمقراطية.
وأكدت تلك الشهادات، التي أدلى بها كل من عبد اللطيف اللعبي والطاهر بن جلون ومصطفى النيسابوري ومحمد المليحي، أن "أنفاس" كانت مشروعًا ثقافيًا مواطنًا سعى إلى زرع بذور فكر تنويري وحداثي يروم المساهمة في تحقيق تغيير جذري في بنيات المجتمع التقليدية، مضيفين أن المجلة كان لها دور حاسم في تعبئة الفكر، وفي تجديد الممارسات الأدبية والفنية، ما مكن من ربط الممارسة الثقافية بقاطرة الحداثة وفتحها على آفاق كونية أرحب.
وجاءت هذه الاحتفالية لتكون باكورة إنجازات "مؤسسة اللعبي من أجل الثقافة"، التي أعلن عن تأسيسها في نيسان/إبريل من السنة الماضية من طرف عدد من المثقفين الذين شكلوا لبنات أساسية في المشهد الثقافي الوطني، حيث يضم المكتب المسير للمؤسسة إضافة إلى رئيسها عبد اللطيف اللعبي يونس أجراي وعبد الهادي السعيد وعبد الرحمن طنكول ومحمد العلوي البلغيثي، في انتظار تشكيل باقي الهياكل العلمية والإدارية للمؤسسة.
وكانت مجلة "أنفاس" صدرت سنة 1966، في المغرب، بمبادرة من شعراء ثلاثة هم محمد خير الدين، ومصطفى النيسابوري وعبد اللطيف اللعبي الذي تولى إدارة المجلة، ليلتحق بهم فنانون تشكيليون ثلاثة هم فريد بلكاهية، ومحمد شبعة ومحمد المليحي. وشكلت حينها قطب جذب ثقافي على المستوى المغاربي قبل أن تعانق آفاقًا ثقافية أرحب العالم العربي، أفريقيا، الأنتيل، مواكبة عددًا من حركات التحرر عبر العالم.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر