في خطوة تهدف إلى تهدئة واحدة من أكثر الأزمات تأثيراً في صناعة السيارات العالمية، أعلنت الصين، الأحد، موافقتها على السماح بتصدير بعض رقائق شركة "نيكسبيريا" الهولندية، بعد أن تسبب نقصها في اضطرابات واسعة بسلاسل التوريد وأثار قلقاً في الأسواق الدولية.
وجاء القرار بعد جهود دبلوماسية أوروبية مكثفة ومساعٍ لإعادة الدفء إلى العلاقات التجارية بين بكين وكلٍّ من واشنطن وبروكسل، إذ أكدت وزارة التجارة الصينية أن الإعفاء من قيود التصدير يشمل "الاستخدامات المدنية فقط". ولم توضح الوزارة ماهية هذه الاستخدامات، غير أن شركات ألمانية ويابانية أكدت استئناف شحنات الرقائق المصنوعة في الصين لصالح مصانعها.
بدأت الأزمة في أكتوبر الماضي، عندما استحوذت الحكومة الهولندية على شركة "نيكسبيريا"، التابعة لمجموعة "وينجتيك" الصينية العملاقة، ما دفع بكين إلى فرض قيود على تصدير منتجات الشركة رداً على تلك الخطوة. وتسببت هذه الإجراءات في نقص عالمي للرقائق المستخدمة في صناعة السيارات والإلكترونيات، ما أثر على خطوط الإنتاج في أوروبا والولايات المتحدة واليابان.
وأشارت الحكومة الصينية إلى أنها ما تزال تنتظر من هولندا اتخاذ إجراءات عملية لحل النزاع القائم حول ملكية الشركة، محمّلة أمستردام المسؤولية عن الاضطرابات التي طالت سلسلة توريد أشباه الموصلات. كما رحبت بكين بالتحركات الأوروبية الرامية إلى "تصحيح الممارسات الخاطئة" وإعادة تدفق الإمدادات الصناعية الحيوية.
من جانبه، أعلن المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي أن الصين وافقت على منح إعفاءات من القيود المفروضة على "نيكسبيريا" شريطة التزام المستوردين باستخدام الرقائق في أغراض مدنية بحتة، مشيراً إلى استمرار المشاورات بين بروكسل وبكين لضمان استقرار طويل الأمد في تدفقات أشباه الموصلات.
وأكد رئيس الوزراء الهولندي أن الاتفاق جاء ثمرة تعاون بين حكومته وكل من ألمانيا والمفوضية الأوروبية، إضافة إلى نتائج المحادثات التجارية الأخيرة بين الصين والولايات المتحدة. وأوضح أن استئناف الإمدادات من المصانع الصينية يمثل انفراجة مهمة ستنعكس على استقرار الصناعة الأوروبية والعالمية.
ويأتي هذا التطور بعد أيام من اتفاق هدنة تجارية لمدة عام بين واشنطن وبكين، يقضي بتعليق القيود على تصدير المعادن النادرة والتكنولوجيا المتقدمة، مقابل تعليق الولايات المتحدة توسيع حظرها على الشركات الصينية المدرجة في القوائم السوداء. كما أجرى مسؤولون صينيون وأوروبيون اجتماعات في بروكسل لبحث ملف ضوابط التصدير وسلاسل الإمداد الصناعية.
وأثارت الأزمة الأخيرة قلق شركات صناعة السيارات الكبرى التي حذّرت من نفاد إمداداتها من الرقائق خلال أسابيع، ما كان سيؤدي إلى توقف جزئي في الإنتاج. وتوقعت شركة "فولكس فاغن" وشركات أخرى أن يساهم القرار الصيني الجديد في إنعاش خطوط الإنتاج مؤقتاً، وإن كانت تفاصيل التنفيذ لا تزال غير واضحة.
وتُعد شركة "نيكسبيريا"، التي يقع مقرها الرئيسي في مدينة نيميخن الهولندية، إحدى أهم شركات تصنيع الرقائق في العالم، حيث تعود جذورها إلى قسم أشباه الموصلات في شركة "فيليبس" منذ عشرينيات القرن الماضي. وقد استحوذت "وينجتيك" الصينية عليها عام 2017، قبل أن تضعها الولايات المتحدة العام الماضي على قائمتها السوداء ضمن إجراءاتها ضد الشركات الصينية.
وتُنتج "نيكسبيريا" رقائقها في مصانع بألمانيا وبريطانيا، ليُعاد تجميعها في الصين قبل توزيعها إلى أسواق مختلفة حول العالم. وقد تسبب الخلاف بشأن ملكيتها في إرباك سلاسل الإمداد التي تعتمد عليها شركات السيارات لتصنيع مكونات أساسية مثل أنظمة الأمان والإضاءة والوسائد الهوائية.
ويُنظر إلى القرار الصيني بالسماح بالتصدير بوصفه خطوة نحو تخفيف التوترات التجارية وإعادة التوازن إلى سوق الرقائق العالمي، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى التعاون الدولي للحفاظ على استقرار الصناعات الحيوية المعتمدة على التكنولوجيا الدقيقة.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
دمج روبوت الدردشة غروك في سيارات تسلا يثير مخاوف حول الخصوصية
أوليفر رولاند يتوّج بلقب بطولة السائقين في فورمولا إي بعد تتويجه في الجولة الرابعة عشرة من موسم 2024/2025
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر