الرباط - المغرب اليوم
نظم مركز دراسات الوحدة العربية بـ لبنان، ومعهد دراسات الشرق الأوسط التابع لجامعة "شانغهاي" للدراسات الدولية بـ الصين، ندوة حول "العلاقات العربية -الصينية"، في بيروت، بمشاركة عدد من الباحثين والخبراء العرب والصينيين.
وتوزعت الندوة بين عشر محاور أساسية: الإطار التاريخي والثقافي للعلاقات، والعلاقات الثقافية والإعلامية، ونموذج التنمية بالصين، والموقف الصيني تجاه النظام الدولي، والعلاقات الاقتصادية، وطريق الحرير، والتجارة والاستثمار والسياحة، والعلاقات السياسية بين الجانبين: القضايا العربية والقضايا الصينية، والصين والتنافس الجيوبوليتيكي في المنطقة، والحرب على الإرهاب.
وفي هذا السياق، قدم إدريس لكريني، أستاذ بكلية الحقوق في جامعة القاضي عياض، ورقة حول الصين ومستقبل النظام الدولي الراهن، أشار فيها إلى أن المواقف والسلوكيات الخارجية للدول تظلّ بلا معنى، بل مجرّد شعارات لا قيمة لها من المنظور الاستراتيجي في غياب مقومات مختلفة تدعمها.
وعرّج الأكاديمي المغربي على ذكر المقومات والمؤهلات التي تجعل من الصين إحدى القوى الوازنة على الصعيد الدولي، سواء تعلق الأمر بإمكانياتها البشرية الهائلة المتعلمة والمدربة، وشساعة مساحتها، وتطورها الاقتصادي المتسارع، أو ارتبط بإنجازاتها على مستوى غزو الفضاء، وإمكانياتها العسكرية.
ولفت لكريني إلى حضور الصين الوازن داخل مختلف المؤسسات الدولية، كما هو الشأن بمجلس الأمن، بما يجعلها مؤثرة في مسارات العلاقات الدولية، مضيفا أنها استطاعت أن تطور علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة.
وأضاف مدير مختبر الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات أنه رغم الاستئثار الأمريكي بالشأن الدولي لأكثر من عقدين، على الواجهات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، ما زالت هناك الكثير من الأسئلة المطروحة بصدد واقع ومستقبل النظام الدولي الراهن، ومواقف القوى الدولية الكبرى منه.
ويرى الباحث أن تبوّؤ مكانة فاعلة في النظام الدولي مشروط بوجود إرادة سياسية، واعتماد الاستقلالية والرؤية الاستراتيجية في اتخاذ القرارات والمبادرات الخارجية، وامتلاك مقومات الريادة وحسن توظيفها، واعتماد سياسات مبادرة تتجاوز الانكفاء والحياد.
من هذا المنطلق، خلص المتحدث إلى أن الصين، التي تتوفر على مقومات استراتيجية هامة، تتجه بصورة مرنة وملطّفة نحو المساهمة في التأسيس لنظام دولي متعدد الأقطاب، فيما تحاول الولايات المتحدة، التي تنظر إلى هذا التصاعد بقدر من الحذر والترقب، دفع هذا القطب الصاعد إلى الاندماج في النظام الدولي الراهن دون المس بأركانه ومقوماته.
وتابع أستاذ القانون والعلاقات الدوليين بأن الحضور الدولي الصيني ورغم التحديات الكبرى التي تحيط به، سيتقوى في الأمد المتوسط بصورة تجعل من هذا البلد أحد الأقطاب الوازنة والفاعلة في الساحة الدولية.
ولفت إلى السياسة الانعزالية والحمائية التي طرحها الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب ضمن برنامج عمله، وإن كانت ستوفّر هامشا للتحرك والتمدد أكثر أمام الصين، إلا أنها ستكلف هذه الأخيرة مجهودا كبيرا وإمكانيات ضخمة، في حال توجهت نحو ملأ الفراغات الاستراتيجية التي ستخلفها السياسة الأمريكية الجديدة، وهو ما يفرض عليها الاستمرار على وتيرة النمو الاقتصادي نفسها.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر