كريم زيدان من سوق الأربعاء إلى تطوير المحركات في ميونيخ
آخر تحديث GMT 07:13:12
المغرب اليوم -

كريم زيدان من "سوق الأربعاء" إلى تطوير المحركات في ميونيخ

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - كريم زيدان من

كريم زيدان
برلين - المغرب اليوم

وصل كريم زيدان إلى ثلاثة عقود ونيف من الاستقرار في ألمانيا، خابرا العيش والعمل في مدينة "ميونيخ"، دون أن تنسيه هذه المدّة ما ركمه خلال 20 سنة من النشأة والتكوين في المغرب.

انخرط زيدان في تجربة هجرة بغرض دراسة الهندسة الميكانيكية فوق "أرض الجرمان"، وبلغ موقعا مهما كمطوّر للمحركات بشركة معروفة في قطاع تصنيع السيارات، وفعّل مبادرات لتقاسم خبرته مع أبناء الوطن الأم.

سوق الأربعاء والقنيطرة

ازداد كريم زيدان سنة 1969 لوالدين متأصلين من فاس والقنيطرة، وقد رأى النور في مدينة سوق الأربعاء بمنطقة الغرب، حيث تلقى تعليمه الأساسي والإعدادي، قبل الانتقال إلى القنيطرة في السنة الـ15 من عمره.

"توفّرت لنشأتي في سوق الأربعاء بيئة متأرجحة بين المجال القروي ونظيره الحضري، وفيها أتيحت الاستفادة من ميزة الجانبين. وقد ترعرعت بهذه المدينة وسط إمكانات متواضعة تغطيها طيبوبة السكان، ما أعطاني مكتسبات في التعاون والغيرة الجماعية"، يقول المغربي نفسه.

استهل زيدان مساره الدراسي من ابتدائية السعديين سنة 1975، ثم توجه إلى فصول "الإعدادية الجديدة". وبتوجيه من الأب، الذي كان يبتغي ابنه مهندسا ميكانيكيا التحق، سنة 1984، إلى التكوين التقني في مدينة القنيطرة خلال الطور الثانوي.

حصل "ابن سوق الأربعاء" على شهادة الباكالوريا سنة 1987، في شعبة الصناعة الميكانيكية، ثم التحق بكلية العلوم التابعة لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة ليدرس الفيزياء والكيمياء، وبعد سنتين حاول ولوج المدرسة المحمدية للمهندسين، في العاصمة الرباط، ثم شرع في التفكير بالبلد الذي سيوجه إليه السير صوب المستقبل.

بين الطموح والرضوخ

يتذكّر كريم زيدان ما عاشه خلال آخر عام أمضاه مستقرا في المغرب، متملكا كل التفاصيل عن ذلك، ويبوح: "طموحي الجامعيّ كان مزدوجا حين ارتبط بمدينة ليل الفرنسية، من جهة، ومدينة بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية، من جهة ثانية".

ويقول المتحدث ذاته: "صيف سنة 1988 وقعت صدفة جميلة في شاطئ مولاي بوسلهام، إذ التقيت مع سياح ألمان ساعدتهم في حل مشكل، وقد دعوني إلى قصد الديار الألمانية قبل أن أخبرهم بأن لغتهم صعبة عليّ. وحقيقة كنت أتصوّر هذا البلد الأوروبي بطقس بارد وماض نازي يصعّب حياة الأجانب".

بعد كل ذلك، فوجئ كريم بكون أحد هؤلاء السياح، ممن وافاهم بعنوانه لإبقاء التواصل، راسل باسم زيدان إحدى المؤسسات الأكاديمية الموجودة فوق التراب الألماني؛ وهو ما جعل المستقر في القنيطرة يتوصل بتسجيل قبلي في جامعة "آخْـنْ".

"جاء كل ذلك في نسق شهد عدم نجاح الالتحاق بأي مؤسسة للتعليم العالي في فرنسا أو أمريكا، ليتبقى لديّ، دون رغبة ملحة مني، إمكانية خوض التجربة المنشودة وسط المجتمع الألماني"، يستحضر المغربي عينه.

إيمان بمفعول اللسان

حزم كريم زيدان بعض أغراضه وقصد ألمانيا في شهر ماي من سنة 1989، شادا الرحال من المغرب وسط جو مشمس ليضعها، حين وصوله، وسط الأمطار وانخفاض في درجة الحرارة.

يعترف المنتمي إلى صف مغاربة العالم حاليا بأن اختياره الهجرة في الربيع الـ20 من عمره إلى أرض لا يتوفر فيها على أقارب أو أصدقاء، ودون إتقان للغة البلد المستضيف، قد أحضر إليه مصاعب لم يكن يعرفها.

"أول عثرة لي تمثلت في عدم إيجادي مسكنا يأويني، وقد قضيت ليالي شهرين كاملين بين الحدائق العمومية وعربات القطارات. وقد كان هذا بمعية طلبة مغاربة غالبيتهم من مدينتَي مراكش والقنيطرة"، يزيد زيدان.

يصمت كريم برهة قبل أن يسترسل بقوله: "هذا الاستهلال القاسي أشعرني بضرورة في أكون في مستوى المبتغى الذي يسكنني، وأدركت أن إتقان اللغة الألمانية مفتاح وحيد لتحقيق الاندماج الحقيقي في موضعي الجديد".

تكوين على دفعتَين

أمضى كريم زيدان سنة تحضيرية في جامعة "آخن"، كما انخرط مبكرا في أوقات اشتغال بمدينَتي "ميونيخ" و"شتوتغارت" لضمان تحصيل مردود مالي يكفي مستلزمات العيش.

رسميا، استهل الوافد من القنيطرة مساره الجامعي سنة 1991 في مدينة "ميونيخ"، التي انتقل إليها بعد التعرف على زوجته، وارتاد الجامعة التقنية في هذه الحاضرة الألمانية.

عقب سنتين، رزق زيدان بمولود جعله رب أسرة من 3 أفراد، ووسط إكراهات الالتزامات المتعددة خلص إلى أن التوفيق بين العمل والدراسة والواجبات الأسرية قد أضحى مستحيلا.

انقطع ابن سوق الأربعاء عن الدراسة بداعي التفرغ للعمل في شركة استشارية، ضمن تجربة دامت ست سنوات، ويقول زيدان: "كنت مع ألماني في نفس المستوى المهني بهذه الشركة؛ لكنه أكمل دراسته قبل الرجوع للظفر بمنصب أعلى، هنا قررت ارتياد الجامعة مجددا".

تطوير محركات البنزين

أفلح كريم زيدان في أن يغدو مهندسا ميكانيكيا، وقبِل الاشتغال سبع سنوات مع مقدّم خدمات إلى شركة "BMW"، المعروفة في مجال صناعة السيارات، ثم التحق بها للتفرغ إلى ابتكار وتطوير محركات البنزين.

ويذكر بخصوص عمله الحالي: "المصنّعون يودون دوما التدرج من الحسن إلى الأحسن، لمواصلة تحقيق الأرباح؛ بينما الزبون يريد سيارة رخيصة ومريحة وقوية بأقل استهلاك للوقود، وتأتي القوانين لتضبط إفرازات العوادم وتطلب استعمال مواد قابلة لإعادة التدوير".

يكشف زيدان، أيضا، أن جهده المهني مكرّس لمشاريع تطوير، حيث الاشتغال على كل محرك جديد ستلزم ست سنوات من الزمن، بانطلاق من الأفكار قبل تقسيم التدخلات على الفرق المختصة، وصولا إلى التجريب وسط حرارة وبين تضاريس مختلفة عبر العالم.

قلب ينبض للمغرب

"ينبغي على المرء أن يحمد الله على كل يتحقق، وللقدير كل الحمد على فرصة الدراسة في المغرب وأخذي تكوينا أوليا سمح بولوجي إلى الجامعات الأوروبية، ولا يمكن أن أتناسى فضل بلدي عليّ ولا التوجيه الذي وفرته عائلتي"، يعترف كريم زيدان.

ويزيد مطور المحركات: "أحتفظ، إلى اليوم، بهويتي وثقافتي المغربيتين بالموازاة مع فرض وجودي في واحدة من أكبر الشركات لصناعة السيارات عبر العالم، وهذه خاصية لأبناء المملكة أينما حلوا وارتحلوا".

زيدان يستحضر العثرات التي صادفته قبل أن يشدد على عدم أخذه تبعاتها من منظور سلبي، ويفسر: "أعتبر ذاتي مواظبة على التعلم من خلال التجارب والأخطاء، وأحاول استخلاص العبر المفيدة والنتائج الجيدة".

ويواصل المتحدث: "كنت رئيسا لشبكة الكفاءات المغربية الألمانية، التي تكونت قبل عقد من الزمن وتقوم بمجهود جبار تجاه المغرب، إذ تساهم في نقل المعرفة إلى الوطن الأم وتدافع عن مصالحه العليا، وتحرص على إعلاء صورة كل ما هو مغربي".

الشبكة نفسها قامت، وفق إفادة كريم زيدان، بمجموعة من المشاريع ذات الصبغة التنموية في المغرب، متطرقة إلى أعلى المستويات في عوالم التكنولوجيا، وآخذة مبادرات للتوعية وأنشطة خيرية في جميع مناطق البلد.

ويبدو المهندس نفسه مقتنعا بأن الكفاءات المغربية في ألمانيا يمكن أن تكون شريكة في تنمية المملكة، مشترطا النجاعة العالية بولوج هذه الكفاءات إلى المؤسسات لتجنب الخرجات عابرة في المغرب.

الهجرة وخدمة التنمية

يوجه كريم زيدان كلامه إلى الراغبين في الهجرة مؤكدا أن التحرك في هذا المنحى يستوجب التأسيس على هدف واضح؛ كالرفع من المستوى المعيشي أو كسب التكوين الأكاديمي، وإن كانت رغبة الانفتاح على العالم هي الأصل.

"أرى أن الانخراط في أي من تجارب الهجرة يجب أن يكون مقننا، بعيدا عن المسارات التي تجعل المرء يغادر مكانه كي يغدو عالة على مجتمع ما، وعن طريق ذلك يضر بسمعة بلده ومواطنيه المستقرين بصفة شرعية"، يذكر المترعرع بين سوق الأربعاء والقنيطرة.

ويختم زيدان بقوله: "أرض الله واسعة أمام الجميع؛ لكنّني أطلب من كل المهاجرين المغاربة عدم إغفال وطنهم الأم، وأن يعوا حملهم مسؤولية دائمة تجاه استفادة مجتمعهم الأصل من الخبرات المفضية إلى الارتقاءات التنموية".

 

قد يهمك ايضا
فولكسفاغن لا تبحث عن مواقع بديلة لمصنع تركيا
"فولكسفاغن" الألمانية تتمسك بتجميد إقامة مصنع سيارات في تركيا

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كريم زيدان من سوق الأربعاء إلى تطوير المحركات في ميونيخ كريم زيدان من سوق الأربعاء إلى تطوير المحركات في ميونيخ



أحلام تتألق بإطلالة ملكية فاخرة باللون البنفسجي في حفلها بموسم جدة

جدة - المغرب اليوم

GMT 01:04 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروب "كافي توبا" الحلال يحارب بطالة السنغال

GMT 17:36 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

التراس الرجاء البيضاوي تهاجم سعيد حسبان وتصفه بالخبيث

GMT 15:44 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الفيلا صديقة البيئة المكان المناسب لقضاء العطلة

GMT 09:02 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مليون زهرة شتوية تزين شوارع عنيزة في المملكة السعودية

GMT 03:18 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفيلم المغربي "عمي" خلال مهرجان "مشاهد عربية" في واشنطن

GMT 06:35 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين "أرامكو" و"غانفور" لشراء فرضة "ماسفلاكت" للنفط

GMT 19:03 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الوداد ينجّح في رفع عقوبة المنع من الفيفا

GMT 21:37 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يرتفع بدعم من ارتفاع الطلب وشح الإمدادات بأميركا

GMT 20:54 2023 الخميس ,18 أيار / مايو

البيض يتوقع الفائز بدوري أبطال أوروبا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib