قال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، إن العقوبات السالبة للحرية تطرح تحديات حقوقية واجتماعية واقتصادية تشهد بها مختلف التقارير والدراسات الوطنية والدولية ذات الصلة بالمجال العقابي، والتي تؤكد أن “اللجوء إلى عقوبة السجن ما زال يتصاعد، دون إمكانية البرهنة على أن لذلك أثر إيجابي على تحسن في مؤشرات الأمن والسكينة العامة”.
وأوضح الداكي، في كلمة خلال اللقاء التواصلي الوطني حول القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة المنظم اليوم الأربعاء من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن ما يزكي هذا الطرح أن عدد نزلاء المؤسسات السجنية في العالم الذي تخطى عشرة ملايين سجين، ما زال يرسم، كل سنة، خطا تصاعدياً في معظم البلدان”.
وشدد على أنه التفعيل الجيد للتدابير أو العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية صار “يفرض نفسه كقياس لنجاعة العدالة الجنائية وفعاليتها في محاربة الجريمة وجعل المخالف للقانون يستشعر خطورة جرمه وفي ذات الوقت في إحساسه باستمرار اندماجه في المجتمع عبر انخراطه في تنفيذ العقوبات البديلة للعقوبة السالبة للحرية كما هو منصوص عليها قانونا”.
وأشار الداكي إلى أن الهدف من العقوبات البديلة يجسد تطور مفهوم العقوبة من مجرد وسيلة للردع إلى وسيلة للإصلاح والتهذيب وفرصة لمراجعة المعني بها لسلوكه في أفق إعادة ترتيب أوراقه لإعادة الإدماج في المجتمع”، مؤكدا أن التجارب المقارنة أثبتت أن العقوبات البديلة لها دور حيوي في التخفيف من الآثار الوخيمة للعقوبات الحبسية القصيرة المدة، إضافة إلى التخفيف من السلبيات المرتبطة بتفاقم الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، والذي أضحى يؤرق السياسات العمومية والمؤسسات القائمة على تنفيذ النظم العقابية.
وأبرز الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض أن القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة جاء بمجموعة من الحلول المقترحة لتجاوز العقوبات السالبة للحرية أيضا كوسيلة للخارجين عن القانون لإعادة النظر في طبيعة سلوكهم في أفق لعب أدوارهم المفترضة ضمن المجتمع.
ولفت إلى أن القانون سن مقتضيات جديدة أدمجت في القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، كنص تشريعي طموح جسد الإرادة الملكية السامية في إصلاح العدالة الجنائية وجعل عملها متوافقا مع روح الدستور والمعايير المعتمدة دولياً من خلال اعتماد مقاربة جديدة مندمجة ومتكاملة تتجاوز الاعتماد الكلي على العقوبات السالبة للحرية.
وذكر بأن القانون القانون رقم 43.22 جاء ببدائل جديدة للعقوبات السالبة للحرية، وعرفها بأنها العقوبات التي يحكم بها بديلا لها في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجلها خمس سنوات حبسا نافذا، وحددها في أربعة أصناف هي: العمل لأجل المنفعة العامة، والمراقبة الالكترونية، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، والغرامة اليومية.
وأشار الحسن الداكي إلى أن القانون أسند للنيابة العامة صلاحيات متعددة تمارسها بمناسبة تطبيق أحكامه، إذ خولها أن تلتمس من المحكمة استبدال العقوبة الحبسية المحكوم بها بعقوبة بديلة أو أكثر، كما عهد إليها بإحالة المقرر القاضي بعقوبة بديلة بعد اكتسابه لقوة الشيء المقضي به، إلى قاضي تطبيق العقوبات الذي يتولى السهر على تنفيذ إجراءات هذه العقوبة.
وأضاف أنه عهد إلى النيابة العامة تقديم مستنتجات قبل الفصل في جميع المنازعات المتعلقة بتنفيذ العقوبات البديلة أو وضع حد لتنفيذها، مؤكدا أنه الأمر الذي يجعل قضاة النيابة العامة مدعوين ليساهموا في تفعيل هذا القانون على الوجه السليم والعادل وفق ما هو معهود فيهم من جدية وإتقان ووفق ما يمليه عليهم ضميرهم المهني وواجبهم الدستوري في حماية الحقوق والحريات”.
وشدد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة على أنه “دون أدنى شك، فإن رئاسة النيابة العامة ستعمل على القيام بكل أدوارها في تتبع ومراقبة مدى إعمال هذه العقوبات البديلة لبلوغ الغايات السامية التي شُرعت من أجلها، ثم مواكبة تقييم مدى أهمية هذه المستجدات الواردة في هذا القانون ضمن تقويم وفعالية السياسة العقابية المرجوة”.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر