كشف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة أن الملك محمد السادس أجرى، “قبل خمسة أو ستة أيام” من التئام مجلس الأمن للتصويت على القرار التاريخي بشأن مقترح الحكم الذاتي، أمس، عدة اتصالات مباشرة مكّنت من حسم هذا القرار لصالح الطرح المغربي، “في ظل أعقد تركيبة للمجلس الأممي”، موضحا أن امتناع روسيا عن التصويت جاء تتويجا “لمغرب الملك”، وتوجهه الحيادي في ملف حرب أوكرانيا.
وقال بوريطة، في حوار مع القناة الثانية، هذا المساء، إن الملك تبنى في الملف “دبلوماسية المعقول”، و”دبلوماسية الفعل، وليس كثرة الخطابات”، فضلا عن “الفهم الدقيق للتوازنات والتغيرات الدولية، ففي 2015 زار الصين، وبعدها بسنة زار روسيا (…) وهي لي احتاجينا اليوم”، بتعبيره.
وسجّل الوزير ذاته أنه “قد تكون لروسيا والصين مشاكل مع الولايات المتحدة الأمريكية اليوم، لكنهما عندما تصوّتان تدخلان في المعادلة، لأن الأمر يتعلّق بالمغرب، مغرب الملك محمد السادس”.
وأضاف المسؤول الحكومي ذاته أن الوصول إلى 11 مؤيدا للقرار “لم يأت بسهولة”، مشيرا إلى اشتغال الملك محمد السادس على فرنسا، وتبنيه مقاربة قائمة على نقطتين، أولهما أن “قضية الصحراء هي النظارة التي يرى بها المغرب العالم؛ وهنا فهمت الدول أنه لا يمكن إمساك العصا من الوسط، أو البقاء في منطقة الراحة، وأن هذا وقت الحقيقة معنا”.
والنقطة الثانية، وفق الوزير ذاته، أنه كما قال الملك “مغرب اليوم ليس مغرب الأمس، فهو يتعامل بندية لما يتعلّق الأمر بمصالحه، ولا يمكن أن يقبل بالخطأ؛ إنه واثق بإمكانياته”، معرّجا على أنه من هذا المنطلق كان الملك حريصا على توضيح الأمور مع إسبانيا، “ولعل الوضوح هو ما يعطي الطموح”، بتعبيره.
وأقرّ بوريطة بأن القرار الأممي الداعم لخطة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية جاء “في واحدة من أصعب تركيبات مجلس الأمن؛ إذ إن طرف النزاع حاضر، وهذه مسألة تقع مرة في عشرين سنة، أن تكون الجزائر كطرف عضوا في المجلس الأممي”، وتابع: “الـ11 الذين صوّتوا مع المغرب وجابهم جلالة الملك، لم يكسبوا بسهولة”، معلنا في هذا الإطار أن “الملك تدخل شخصيا وتفاعل حتى وصلنا إلى تسعة أصوات، تدخلا مباشرا خلال الأيام الخمسة أو الستة الأخيرة”.
ولفت الوزير إلى أن التركيبة السابقة للمجلس كانت تضم الإمارات الداعمة للطرح المغربي، “لكن اليوم نتحدث عن الجزائر وغوايانا وباكستان وسلوفينيا واليونان والدانمارك، ما يعني أنه حتى الدول الأوروبية ليست القريب لنا”، والأمر ذاته ينسحب على آسيا وأمريكا اللاتينية.
وواصل المتحدث ساردا كواليس القرار: “هناك دول كانت لديها مواقفها واضحة، كأمريكا وبريطانيا وفرنسا، لأنه بعد الاشتغال الذي قام به الملك معها بشكل مباشر غيرّت مواقفها”، وزاد: “كانت توجهات الملك هي أن هذه الدول الثلاث هي الأساس للمرور إلى المرحلة المقبلة، علما أن سيراليون دولة حليفة، بينما بنما سحبت للتو الاعتراف، أي إنها دولة هشّة”، وأردف: “من هنا بدأ الملك متابعة يومية، وفي لحظة وصلنا إلى ست دول، وكانت تلزمنا تسع، فطرأ تدخل وتفاعل مباشر من الملك مع قادة حتى نصل إلى تسع”، وواصل بلسان دارج: “عندما وصلنا 9 سهلات 10 و11”.
وبشأن الثلاثة الممتنعين أوضح بوريطة أن “الصين وروسيا مشكلتهما دائما مع حاملة القلم الولايات المتحدة الأمريكية، ففي ظل السياق الدولي الصعب هناك تجاذبات وصراعات بين هذه القوى”.
“إذا كانت روسيا امتنعت فقد فعلت ذلك لجلالة الملك وللمغرب”، يورد الوزير، مشددا على أن “المسار لم يكن ليتم المضي فيه قبل حسم طبيعة الموقف الذي ستتخذه روسيا، لأنه إذا كان هناك فيتو فلا داعي للمضي”، وعزا الموقف الروسي إلى “الزيارة التي قام بها الملك سنة 2016، لأن القائدين وقعا اتفاقية للشراكة الإستراتيجية خلقت ثقة وعلاقات اقتصادية”،
واسترسل: “استحضروا (أي الروس) الموقف المتوازن للمغرب في قضية أوكرانيا، ما يعكس الموقف الاستباقي للملك الذي يدرك أن روسيا سترى المغرب من نظارة حرب أوكرانيا”.
أما بالنسبة لباكستان فأبرز المسؤول الحكومي أن “النقاش كله كان منصبا حول كشمير، إذ إن لديهم هذه الحالة ويتخذون القرار على ضوء مصالحهم”، ولذلك قال مرة أخرى إن “التركيبة الحالية من أصعب التركيبات لمجلس الأمن”.
وتفاءل بوريطة بتركيبة مجلس الأمن السنة المقلبة، “حيث ستدخل مملكة البحرين وليبريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية؛ وهي من الدول الحليفة للمغرب”، وشدد في ختام حديثه في هذا المحور على أن “المهم هو أن القرار اتخذ بدون ‘فيتو’ وبصفر معارضة”.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر